من كل بلد أكلة.. متطوعات أفارقة وعرب في مطبخ "مستورة" لدعم مرضى كورونا

كتب: سمر صالح

من كل بلد أكلة.. متطوعات أفارقة وعرب في مطبخ "مستورة" لدعم مرضى كورونا

من كل بلد أكلة.. متطوعات أفارقة وعرب في مطبخ "مستورة" لدعم مرضى كورونا

اغتنمت شروق مصطفى، المكان الذي بات بين ليلة وضحاها، مغلقًا خاويًا يكسوه الصمت ليلًا ونهارًا، بعد أن كانت ضوضاء الأحاديث الجانبية بين زائريه، تصدح من نوافذه ساعات طويلة من اليوم، لمساعدة متضرري أزمة فيروس كورونا المستجد، سواء المصابين منهم، أو أصحاب المهن التي توقفت بفعل الحظر.

فتحت أبوابه من جديد، ونفضت الغبار من على أقفالها، بالاتفاق مع القائمين عليه، استفادت من خبرات سيدات ماهرات في الطبخ، تتفاوت أعمارهم وتتنوع جنسياتهم، "بدأنا بتوزيع أطباق رز بلبن ولقينا أعداد كبيرة متضررة من الأزمة والرز بلبن ده مجرد تحلية قررنا نعمل وجبات غدا كاملة".

اعتمادا على التموين المتاح في منازلهم، أكياس أرز ومكرونة وخضروات وقليل من اللحوم والدواجن، بما يكفي أعداد قليلة، دشنت شروق وعدد من المتطوعين معها، مبادرة "مستورة".

حولت بجهود ذاتية، ساحة إحدى المدارس المجتمعية بمنطقة البراجيل بمحافظة الجيزة، التي تٌخصص لتعليم أبناء الجاليات المختلفة على أرض مصر، محتوى تعليمي وحرفي، إلى مطبخ خيري لإعداد وجبات طعام للأسر المتضررة من أزمة كورونا، بعد أن توقفت المدرسة التزاما بقرارات منع التجمعات.

وبحسب رواية الفتاة العشرينية لـ"الوطن": "بدأنا باستخدام بوتجاز صغير جدا وجالنا تبرعات من الناس ساعدتنا نطلع وجبات كاملة بدل أطباق الرز بلبن".

مستورة تقدم كل مرة أطباق من بلاد مختلفة حسب جنسية السيدات الطاهيات 

أطباق متنوعة الأصناف رائحتها المختلطة بالهواء تٌشهي المارة بجوار نافذة المدرسة، أعدتها سيدات محترفات من أبناء الجاليات المختلفة على أرض مصر من بلدان عربية وأفريقية، انضممن إلى"مستورة" متطوعات دون أجر، بعد أن دأبت شروق في تشجيعهن على استغلال أوقاتهن في عمل مفيد.

بعضهن مُعلمات في المدرسة المُجتمعية التي تحولت إلى مطبخ خيري، وآخريات دارسات يأتين لتعلم حرف تساعدهن على المعيشة، وجدن في التطوع مساحة آمنة لممارسة عمل مفيد وتفريغ طاقة سلبية تٌكبل نفوس الجميع في ظل قيود الحظر الذي فرضته الأزمة الحالية.

من السودان وإثيوبيا وإريتريا وجنوب أفريقيا والصومال وأيضًا اليمن العربي وسوريا الشقيقة، يتناوبن السيدات المتطوعات على مطبخ مستورة بأيام مختلفة يوما بعد يوم، يقضين ساعات اليوم من العاشرة صباحا وحتى الليل، "كل مرة أكلة من بلد مختلفة بنوزع في اليوم حوالي 70 وجبة أو أكتر"، يراعين عدم التزاحم يقسمن أنفسهن مجموعات للعمل في كل يوم مع التزامهن بارتداء الكمامة والقفازات الطبية.

انتشرت "مستورة" بعد أسابيع قليلة من تدشينها وتوالت عليهم التبرعات من الأهالي، أحدهم يتبرع بثلاجة أو خلاط  وبوتجاز وآخرين تطوعوا بمواد غذائية، زادت معها أطباق المطبخ الخيري واتسعت رقعة نشاطهم لتشمل مزيد من الأسر المحتاجة المصرية وأبناء الجاليات واللاجئين، ليس فقط مصابي كورونا بل أيضا مرضى السرطان والكُلى.

يتولى مهمة توزيع الوجبات شباب متطوع بالمبادرة، "بياخدوا العنوان ويوصلوا الأكل للمرضى لحد البيت"، أما المحتاجين غير المرضى يحصلون على وجباتهم بموعد ثابت يومي من مقر "مستورة"، بحسب قول صاحبة الفكرة.

شباب المبادرة بدأوا توزيع أنابيب أكسجين وأجهزة قياس الأكسجين والأدوية الناقصة على مرضى كورونا

الفتاة العشرينية تضررت هي الآخرى من أزمة كورونا، بعد توقف نشاط مشروع كانت تعمل به تابع لأحد المؤسسات الأجنبية بمصر، اعتمدت في مبادرتها الخيرية على ما ادخرته من سنوات عملها السابقة قبل حلول الأزمة، وباتت تشعر بحاجة كثير من الأسر.

وبعد أن انتشر الوباء، ولمست نقصًا شديدًا في أنابيب الأكسجين وأجهزة قياس الأكسجين التي يحتاجها مرضى العزل المنزلي، "أسعارهم زادت جدا والناس بدأت تعاني من قلتهم بدأنا نساعد في توفيرهم لمرضى العزل في البيوت"، كل ذلك مجانا دون مقابل إلى جانب حرصهم على توفير الأدوية الناقصة لمرضى كورونا في العزل المنزلي.

نشاط مستورة القائم على تطوع السيدات أبناء الجاليات الأفريقية والعربية يستعد لكسر الحدود الفاصلة بين المحافظات، تستعد إسراء عزازي، صديقة شروق وأحد المتطوعات بالمبادرة للإشراف عليه ليصبح فرعًا آخر لهم في محافظة بني سويف لخدمة الأهالي بنفس الآلية مجانا دون مقابل.

حتى الآن ساهمت مبادرة "مستورة"، في مساعدة 3 آلاف أسرة بتموين وسداد إيجارات، وأخرجت 2300 وجبة طعام، إلى جانب خدمة نحو 150 مصاب كورونا في العزل المنزلي  وتوفير الألبان والأدوية والحفاضات لأطفال الأسر الفقيرة، بحسب الأرقام التي أعلنتها شروق صاحبة فكرة المبادرة. 


مواضيع متعلقة