دراسة جديدة تكشف سبب عدم توازن القمر

دراسة جديدة تكشف سبب عدم توازن القمر
ربما يكون القمر أقرب جار كوني للأرض والجسم الوحيد خارج الكوكب الذي وضع الإنسان قدمه لعيه على الإطلاق، ولكن لا يزال هناك الكثير حوله لا نفهمه، وأحد أكبر الألغاز هو أنه غير متوازن، أو بمعنى أدق جانبيه مختلفان بشكل كبير.
اقترح الباحثون تفسيرًا جديدًا ممكنًا، مدعومًا بأدلة تجريبية خلال دراسسة علمية نُشرت في دورية "Nature Geoscience" العلمية، يقول إنه يمكن أن يرجع تناظر القمر إلى التوزيع غير المتماثل للعناصر المشعة، بحسب موقع "sciencealert" العلمي المتخصص.
القمر مقفل بشكل مرتب، مما يعني أن جانبًا واحدًا، وتحديدا الجانب القريب، يواجه دائمًا الأرض، وعندما ننظر إليه يمكن أن نرى أنه مغطى ببقع داكنة، وسهول واسعة من البازلت المظلم من النشاط البركاني القديم.
الجانب البعيد، الذي يبعد عن الأرض له قصة مختلفة، إذ تكون القشرة، في البداية، أكثر سمكًا، مع تركيبة مختلفة عن الجانب القريب، والسطح أكثر شحوبًا أيضًا، مع عدد أقل من البقع البازلتية، ومغطى بالفوهات.
يفسر الخبراء هذا على أنه يعني أن تدفقات البازلت على الجانب القريب غطت عددًا كبيرًا من فوهات القمر، ولكن سبب أن الجانب القريب أكثر نشاطًا بركانيًا من الجانب البعيد يعتبر لغزًا كبيرًا للغاية حرص العلماء على حله.
وهناك شيء آخر غريب عن الجانب القريب من القمر، أنه منطقة غريبة من الناحية الجيوكيميائية تسمى Procellarum KREEP Terrane، وغني بشكل غير عادي بعناصر محددة مثل البوتاسيوم وعناصر الأرض النادرة والفسفور وعناصر مثل اليورانيوم والثوريوم، حيث يؤدي انحلالها الإشعاعي إلى توليد الحرارة.
وتشير النمذجة الحرارية للداخلية القمرية إلى أن التحلل الإشعاعي للبوتاسيوم والثوريوم واليورانيوم يمكن أن يوفر مصدر حرارة قريبًا لمليارات السنين، لذا شرع فريق دولي من العلماء في اكتشاف ما إذا كان هذا صحيحا، بإجراء تحليلات تجريبية لقياس تأثير KREEP على الصخور القمرية.
تختلط تركيبة KREEP الاصطناعية مع نظائرها الصخرية القمرية بتركيزات 5 و10 و15 و25 و50% منها، ثم تم الاحتفاظ بها في درجات حرارة تتراوح بين 1175 و1300 درجة مئوية لمدة تتراوح بين 4 و8 أيام، وكان التأثير دراماتيكيًا، إذ أدى وجود KREEP الاصطناعي في الخليط إلى خفض نقطة الانصهار، مما أدى إلى الذوبان ما بين مرتين و13 مرة أسرع بدون KREEP، وهذا بدون مساهمة الحرارة المشعة.
لمعرفة ما يحدث عند إضافة الحرارة المشعة إلى هذا المزيج، أجرى فريق البحث النمذجة الرقمية ووجدوا أن التسخين الإشعاعي يضاعف تأثير KREEP، وكان بإمكان الاثنين أن يساهما في النشاط البركاني على جانب القمر القريب، مما أدى إلى المناطق المظلمة التي نراها اليوم.
أما من أين جاء KREEP، فلم يتوصل العلماء بعد ‘لى الآلية الدقيقة، ولكن ربما تكون نتيجة لكيفية تشكل القمر، إذ يعتقدوا أن هذا حدث قبل حوالي 4.5 مليار سنة، عندما اصطدم جسم بحجم كوكب المريخ يدعى ثيا بالأرض ثم ارتد الحطام الفضاء فاندمج مكونا القمر، ولكن ليس بشكل متجانس.
إن الحصول على فهم أكبر لكيفية تشكيل Procellarum KREEP Terrane والتأثير على العمليات الداخلية على القمر يمكن أن يساعدنا على فهم كيفية وصوله إلى هناك بشكل أفضل، وأوضح عالِم الكواكب ماتيو لينوفيل من معهد علوم الحياة في اليابان، والمشارك في الدراسة: "بسبب النقص النسبي لعمليات التآكل، يسجل سطح القمر الأحداث الجيولوجية من تاريخ النظام الشمسي المبكر".
وتابع "على وجه الخصوص، تحتوي المناطق القريبة من القمر على تركيزات من العناصر المشعة مثل اليورانيوم والثوريوم على عكس أي مكان آخر على القمر، ويمكن أن يساعد فهم أصل اليورانيوم المحلي وتخصيب الثوريوم في تفسير المراحل المبكرة من تكوين القمر والظروف على الأرض في وقت مبكر".