جيش «حفتر» يجمد البرلمان الليبى.. ويعلن استمرار الحرب ضد الإرهاب

جيش «حفتر» يجمد البرلمان الليبى.. ويعلن استمرار الحرب ضد الإرهاب
أعلن «الجيش الوطنى الليبى»، الذى يقوده اللواء خليفة حفتر قائد القوات البرية الليبية السابق، تجميد عمل المؤتمر الوطنى العام (البرلمان المؤقت) ووضع خطوط مرحلة انتقالية جديدة تنتهى بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، بينما تواصلت الاشتباكات وأعمال العنف ليلاً فى بنغازى والعاصمة طرابلس بعد تحرك قوات تابعة للواء القعقاع والصواعق داخل العاصمة.
وقال الجيش الوطنى الليبى، فى بيان مساء أمس الأول، تلاه قائد الشرطة العسكرية العقيد مختار فرنانة: «نحن، أبناء ليبيا المنتمين إليها دون سواها، من منتسبى جيشنا وثوارها، نعلن أولاً تجميد عمل المؤتمر الوطنى العام وكف يده عن ممارسة أى أعمال أو تصرفات تتعلق بسيادة الدولة وتشريعاتها وإداراتها». وأضاف البيان: «ثانياً، تكليف لجنة الستين لصياغة الدستور التى انتخبت فى فبراير الماضى (لصياغة الدستور) بالقيام بالمهام والاختصاصات التشريعية فى أضيق نطاق ممكن، وكذلك الاختصاصات الرقابية على أداء حكومة الطوارئ المؤقتة والإشراف بالاشتراك مع المفوضية العليا للانتخابات، على إنجاز الاستحقاقات الانتخابية البرلمانية والرئاسية فى مواعيدها».
وتابع: «كما أننا نعلن تكليف الحكومة المؤقتة برئاسة عبدالله الثنى بالاستمرار فى أداء المهام اللازمة للإدارة العامة باعتبارها حكومة طوارئ، وتكليفها بالإشراف على الجيش الوطنى والشرطة والأجهزة والمؤسسات الأمنية، والضرب بيد من حديد على قوى التطرف والإرهاب والإجرام وضمان الاستقرار، دون أدنى تهديد ولا تدخل فى الحريات الشخصية والإعلام. والتواصل مع المجتمع الدولى ليدرك ويفهم حقائق الوضع الجديد فى ليبيا».
وقال «الجيش الوطنى الليبى»: «نعلن للعالم أن الشعب الليبى لن يقبل أبداً أن تكون بلاده مهداً أو حاضنة للإرهاب، وأنه استعاد السلطة من أيدى مَن فرطوا فى الأمانة، وسيعمل على أن تكون ليبيا أمثولة فى الاستقرار والحريات». وأضاف: «ما قمنا به انتصار للشعب الليبى ولثورة ليبيا وقيمها وقيم الإسلام العظيمة وأخلاق الليبيين، وأن يكون ما مضى صفحة طويت وكابوس انزاح، وأن الشعب يهدف إلى تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة المكفولة بالعدالة الناجزة، وعودة المهجرين واللاجئين من أبناء الوطن الليبى».[SecondImage]
واختتم العقيد «فرنانة» البيان، قائلاً: «نعلن أن ما حدث من حراك عسكرى ليس هدفه الانقلاب على شرعية الشعب صاحب السيادة ومصدرها، ولا للاستيلاء على السلطة، ولا لإقصاء أى طرف سياسى من العملية السياسية، بل الانحياز المطلق لاختيارات الشعب والديمقراطية».
من جانبه، قال اللواء خليفة حفتر: «إن معركة الكرامة (التى انطلقت الجمعة الماضى ضد الجماعات الإرهابية)، كانت بسبب تردى الأوضاع الأمنية فى ليبيا وضياع الأمن، الذى هو أحد مطالب المواطن الليبى الملحة وفساد العملية السياسية، وتستهدف جماعات تكفيرية، وحماية أرواح ضباط وجنود المؤسسة العسكرية».
وأضاف «حفتر»، فى تصريح لـ«بوابة الوسط» الليبية الإخبارية، أمس، أن الجيش الوطنى سيلتزم بالمسار الديمقراطى الذى ارتضاه الشعب الليبى، وسيحمى العملية الديمقراطية الوليدة، وأنهم لم يتحركوا طلباً للسلطة أو رغبة فى الحكم. وشدد «حفتر» على أن الجيش الوطنى سيحمى الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، التى وصفها بأنها نابعة من إرادة شعبية حرة مستقلة، وأنهم سيحترمون الدستور الذى سينبثق عنها، وسيعتبرونه خارطة الطريق التى سترسم المستقبل السياسى.
وقال «حفتر» إن الجيش لن يمارس العمل السياسى، وسيحترم خيار الشعب الليبى. ودعا الليبيين إلى دعم «معركة الكرامة» التى تستهدف من وصفهم بـ«قتلة الشعب والمرتزقة والخارجين عن القانون»، مذكراً بأن هذه كانت مطالب الشارع الليبى فى الآونة الأخيرة، وأن وجود هذه العصابات يشكل فى حد ذاته خطراً على الوطن والمواطن.
من جهتها، عقدت الحكومة الليبية مؤتمراً صحفياً، مساء أمس الأول، طالبت فيه بالتوقف فوراً عن استخدام الترسانة العسكرية التى يملكها الشعب للتعبير عن الموقف السياسى. ودعا وزير العدل صلاح المرغنى، كل الأطراف إلى الانضواء تحت الشرعية، وتبنى سياسة التعقل والحوار، والتمسك بأهداف ثورة 17 فبراير. وقال «المرغنى» إن ما وقع فى مدينة طرابلس لا يرتبط بصلة مع ما حدث فى مدينة بنغازى.
وفى اتصال هاتفى مع «الوطن»، قال الناطق باسم قوات اللواء خليفة حفتر -التى تخوض معركة الكرامة- العقيد محمد الحجازى، إن القوات جاهزة وبانتظار أى تعليمات جديدة وكل الأمور فى العاصمة هى تحت سيطرتنا، والآن السلطة فى يد لجنة الستين وفق البيان الذى تلاه العقيد فرنانة، ومبنى البرلمان تحت سيطرتنا.
وأضاف «الحجازى» أن الإرهابيين والمتطرفين، ومن كانوا فى السلطة يقولون إن تحرك القوات فى العاصمة لا علاقة له بالأحداث فى بنغازى وهذا غير صحيح بالمرة، القوات التى تحركت فى العاصمة هى قوات الجيش الوطنى الليبى تحت قيادة اللواء خليفة حفتر، وتحركت بتنسيق كامل معنا ووفق خطة واضحة، هى فقط حرب إعلامية. وبسؤاله عن من يحكم ليبيا الآن، أجاب «الحجازى»: «لجنة الستين كما فى بيان الجيش هى التى تتولى السلطة الآن، نحن الجيش لا نحكم، مهمتنا هى حماية الأمن وحفظ الاستقرار وتسليم السلطة للمدنيين».
وقال «الحجازى»: «نتوقع أن يلجأ الخوارج والمرتزقة إلى كل أشكال العنف، والسيارات المفخخة والتفجيرات، ونحن جاهزون ومستعدون لأنها حرب والحرب كل شىء فيها متاح، ونحن قادرون على حسم هذه المعركة. أتوقع أن يلجأوا إلى حرب الشوارع والعصابات كلما زاد الضغط عليهم، ونحن أيضاً جاهزون لهم بكل الوسائل».
وفيما يخص آخر حصيلة للقتلى، قال «الحجازى»: «لم يقع أى قتلى بين صفوف الجيش، أمس الأول، وحتى الآن الحصيلة التى لدينا سقوط 64 قتيلاً من الإرهابيين والمتطرفين و30 جريحا، وبصفة عامة يكون من الصعب وضع عدد معين لقتلاهم، لأنهم يخفون الجثث أو يسحبونها إلى أماكن أخرى».
فى سياق متصل، قال مدير المكتب الإعلامى لوزارة الصحة الليبية عمار محمد، مساء أمس الأول، إنه «سقط قتيلان وأصيب 66 جراء الاشتباكات التى وقعت فى طرابلس بعد تحرك قوات من الجيش الوطنى لمحاصرة البرلمان». وأضاف «محمد»، وفق ما نقلته بوابة «الوسط» الليبية، أن هذه الإحصائية هى النهائية التى وردت من المستشفيات التى استقبلت الحالات مساء أمس الأول، فى ظل الاشتباكات المسلحة التى تشهدها العاصمة ومنطقتا حى الأكواخ وأبوسليم وأعقبت اقتحام مقر المؤتمر الوطنى العام. وبعد تلاوة بيان الجيش الوطنى الليبى، عمدت جماعات مسلحة بقصف مقر قناة «ليبيا الدولية» التليفزيونية فى طرابلس، رداً على بث القناة الخاصة البيان. بينما أعلن قائد قاعدة «بنينا» الجوية العسكرية فى بنغازى (التابعة للواء حفتر) العقيد سعد الورفلى، أن مسلحين شنوا هجوماً بالصواريخ على القاعدة، دون أن يسفر هجومهم عن وقوع ضحايا. وقال «الورفلى»: «هناك قصف صاروخى على القاعدة، ولكن الأمر ليس بالخطير»، متهما جماعات إسلامية متشددة بالوقوف خلف الهجوم.
وقالت بوابة «الوسط» الليبية: «إن مظاهرات لشباب من طبرق وناشطين سياسيين، أمس، توجهت نحو مكتب آمر المنطقة العسكرية فى طبرق، وطالبوه بالانحياز إلى الشعب الذى رفض الإرهاب وساند عملية الكرامة».
فى سياق آخر، قال تقرير صادر عن «المجلس الأطلسى» الأمريكى للأبحاث إن الولايات المتحدة تنظر بقلق شديد إلى تدهور الأوضاع الأمنية فى منطقة ليبيا، لأن انهيار الحكومة المركزية، وتنامى الشبكات الأصولية أو الإرهابية المتصلة بالقاعدة، بات يهدد أمن دول عدة، من بينها الولايات المتحدة، لكن واشنطن لا تفعل الكثير. وأضاف التقرير: «عدة تنظيمات ليبية ترفض فكرة الدولة المركزية، والأسوأ أن الأجهزة الأمنية فى الدولة الليبية مشلولة ويسيطر عليها مسئولون ولاؤهم للتنظيمات المتطرفة والراديكالية».
ويشير التقرير إلى أن «أنصار الشريعة» لديهم الآن مئات من العناصر فى التنظيم، وطوروا منذ أشهر شبكة من الأعمال الاجتماعية والخيرية، ليصل عدد المنتسبين والمناصرين لهم إلى عدة آلاف فى بنغازى ودرنة وأجدابيا، ومؤخراً فى طرابلس. أما التنظيم الدولى للقاعدة، وفقاً للتقرير، فيستغل الأوضاع فى ليبيا ليسيطر، بحسب التقديرات الأمريكية، على منطقة جغرافية يعلن فيها دولته مثلما فعل تنظيم «داعش» فى سوريا، ويعمل التنظيم على تجنيد ونقل مئات الشباب من ليبيا للانضمام إلى تنظيماته فى سوريا. وتعانى واشنطن أيضاً من مشكلة تدخلها السابق فى ليبيا، خاصة أن الأمريكيين سهلوا وصول الأسلحة إلى الثوار الليبيين فى شرق ليبيا عندما بدأت الثورة ضد معمر القذافى ونظامه.