زوجة الطبيب فاقد البصر: "محمود مدمن قراءة.. وعلمني كل حاجة حلوة"

كتب: سمر عبد الرحمن

زوجة الطبيب فاقد البصر: "محمود مدمن قراءة.. وعلمني كل حاجة حلوة"

زوجة الطبيب فاقد البصر: "محمود مدمن قراءة.. وعلمني كل حاجة حلوة"

11 عاما من الزواج، تمنت خلالها أن يرزقها الله طفلاً يقر عينيها ووالده، وبعد 9 أشهر من الحمل، جاء "يحيى" للدنيا، لكنه كان يعاني من نقص في وزنه الطبيعي، تضرعت الى الله أن ينجيه، واستجاب لها، وبعد أسابيع قليلة، ذهب والده الطبيب محمود سامي قنيبر، لمستشفى عزل بلطيم، ليُصاب بعدها بفقدان البصر، لتنهار وتدخل في صدمة، لكنها من جديد تتضرع الى الله، وتطلب منه شفاء زوجها، فطوال أشهر الحمل، كانت مناقشتهما لا تنتهى حول كيفية تربية طفلهما، توقعا معا أن يأخذ صفات والده الحسنة، كما رسما له طريقا معا.

مروة ممدوح، معلمة بإحدى مدارس مركز الرياض في محافظة كفر الشيخ، زوجة الطبيب الذي فقد بصره مؤخرا، وأصبح أيقونة للبطولة والصبر، تحكى رحلة 11 عاما من الزواج والإنجاب، مرورا بإصابة زوجها.

وقالت زوجة الطبيب في حديثها لـ"الوطن": "عشنا فترات صعبة من حياتنا، كنا دائما راضون بقضاء الله وقدره، لم نفقد الأمل في أن الله سيعوضنا، وبعد سنوات طويلة، رزقنا الله بيحيى، كانت أشهر الحمل صعبة، لكننا كنا نتسلح بدعوات المحبين، وطول فترة الحمل، كنا نعدد سويا صفات طفلنا، الذي لم يأت للدنيا، كنت أتمنى أن يأخذ صفات والده، فهو طيب القلب، حنون، وعطوف على كل من حوله".

واضافت مروة: "حينما جاء طفلنا للدنيا، فرح زوجى محمود كثيرا، لكنه كان عنده إحساس بالخوف دائما، ثمة شيئا كان يتوقع حدوثه، وبعد أيام قليلة، أخبرنى انه سيتوجه لمستشفى عزل لطيم، حاولت منعه بسبب معاناته من مرض يعانيه منذ 14 عاما، لكنه أكد أن هذا واجبه الوطني، ولا يستطيع التأخر عن تلبيته".

تروي زوجة الطبيب فاقد البصر، رحلته التى لم تدم طويلاً بمستشفى العزل، لكنها انتهت بصدمة حسب تعبيرها، "كان بيكملنى كل يوم بعد ماراح مستشفى العزل، بطمن عليه ويطمن على يحيى، نقعد نهزر ويقولى كبر شوية ولا لسة، أحكيلى تفاصيله، بكى ولا مبكاش، عمل أيه، وقبل إصابته بيوم، تليفونه اتقفل، قلبي اتقبض وحسيت ان فيه حاجة".

وأوضحت: "محمود لو تليفونه فصل شحن أو فيه مشكلة، حافظ رقمي بيكلمني من تليفون أي شخص، معرفتش أوصله لمدة يومين، وابنى كان بيبكي كتير، وكأنه حاسس إن فيه حاجة هتحصل، تانى يوم لقيت طبيب قريبى بيكلمنى، ويقولى محمود تعب ونقلناه مستشفى الصدر بكفر الشيخ، لكن هو معزول، مش هتعرفى تشوفيه، ومحتاجين صورة بطاقته، وقتها برضو حسيت بشعور غريب، إنه تعبان جامد، وهما مخبيين عليا، حاولوا يبسطوا لى الموضوع".

مروة ممدوح: "فقدت حياتي في اللحظة التي فقد فيها زوجي بصره.. علمنى كل حاجة حلوة"

تضيف مروة: "لما حسيت إن فيه حاجة مش طبيعية، أرسلت أخويا الطبيب، يطمئن عليه، خبوا عليا، قالولى ضغطه ارتفع بس، فهديت، لكن قلبى كان لسه مقبوض، بعد يومين لقيت حمايا بيقولي تعالي انتى ويحيي سألته ليه، قالى محمود فاق، بس مش شايفنا، مكنتش فاهمة ولا مستوعبة، روحتله مشفنيش، عرفنى من صوتى، كنت متخيلة إن الموضوع يوم أو اتنين، قالولى إن عدم الرؤية بسبب تعبه نفسيا، ويومين وهيبقى كويس، الدنيا إسودت في وشي، لحظتها حسيت ان الموضوع أكبر من كدة، سمع صوت ابنه اللى مكنش وقتها تعدى عمره الشهرين، وقال أنا مش شايف يحيى، بس إن شاء الله هرجع أشوفه تاني".

أيام صعبة عاشتها الزوجة، حينما أكد الأطباء أن نسبة إعادة البصر له ضعيفة، لكنها تحاول التماسك أمامه ليطمئن، تغلق غرفتها عليها وتبكي سرا: "طول الأيام اللى كان فيها في كفر الشيخ، كنت بظهر قدامه متماسكة، مكنتش حابة يشوفني ضعيفة، ولما سافر المركز الطبي العالمي، معداش يوم عليا، إلا وأنا ببكي بكاء شديد، 25 يوم شوفته فيهم مرة واحدة، وبحس بضعف كبير لما بيتملكنى إحساس إنه مش هيشوف تانى، بتذكر كل شريط حياتنا ولحظاتنا الصعبة قبل الحلوة".

وتضيف: "أتذكر فترة الحمل، لما كنت بقوله يحيى هياخد منك وجهك وصفاتك، لكن عيونه هتطلع زرقاء زى جده، كان مبسوط لما اتولد، وخد فعلاً عيون جده، وكل لما بيبجى يشوفه بيبقى مبسوط، أول ما اتولد طول الوقت عاوز يشوفه، يشوف تفاصيله، ولما اتصاب ورجع، وشوفته وهو بيحسس عليه، علشان يشوفه زاد ولا خس، مقدرتش أمسك نفسي، انهارت، احنا كنا مستنين يحيي يكبر أمامنا احنا الاتنين، نعيش كل تفاصيله، محمود كان بيخد باله من كل حاجة، لكن دلوقتى مين هيخد باله مننا؟".

الزوجة: "الرحلة صعبة وأتمنى أن تدعوا له وثقتى في الله كبيرة"

أوضحت، "علمنى كتير، خلانى اقرأ مثله، ثقفنى، علمنى كل حاجة حلوة، ومكنتش متخيلة يوم إن يحدث ما حدث، محمود كل حاجة بالنسبة ليا، وكان نفسي يرجع المنزل بعد عودة بصره إليه ليرى ابنه يحيى، كان نفسي يرجع وياخد ابنه فى حضنه، وهو شايف تفاصيله مش يحسس عليه، الحياة صعبة جدا، وكأنها بتعاندنا، لكن عندى أمل ان ربنا هيكرمنا، وهيرجع بصره مرة تانية، أنا زعلانة علشان محمود مدمن قراءة، وبيحب يعمل كل حاجة بنفسه، لكن مش عاوزاه يحس إنه فقد حاجة غالية أوى، علشان كدة هعمل كل جهدى فى تهيئته نفسيا، وبتمنى من كل الناس تدعوا له".

يذكر ان الطبيب غادر المركز الطبي العالمي، بعد نحو 25 يوماً قضاها في العلاج بالأكسجين المضغوط وغيرها من بروتوكولات العلاج، واستقبله أهل قريته وذويه استقبالا حافلاً، وقال محمود سكران، أحد أقارب الطبيب محمود قنيبر ومرافقه، لـ"الوطن"، إنه ينهي حاليا إجراءات الخروج، حيث سيستكمل الطبيب البروتوكول العلاجي داخل منزله، وسيتوجه إلى مركز الطبي العالمي والمستشفى الجوي أسبوعيا لتلقي جلسات العلاج، مشيراً إلى أن حالته الطبية لم تتحسن على مستوى البصر، لكنها شهدت تحسناً من حيث دعم جهاز المناعة.

كان الطبيب أصيب بفقدان للبصر خلال آداء عمله في مستشفى العزل ببلطيم نتيجة ارتفاع ضغط الدم في مطلع شهر مايو الماضي، وأفادت التقارير، بأن المريض لا يبصر وأن العينين وحدقتهما، لا تتفاعلان مع الضوء المباشر، فضلا عن وجود ارتشاح بقاع العين بالعصب البصري.

كما أفاد تقرير صادر عن مستشفى بلطيم النموذجي "عزل بلطيم"، بأن الطبيب التحق بالعمل يوم 1 مايو وتعرض لوعكة صحية يوم 9 مايو حيث كان يعاني من ارتفاع ضغط الدم، وارتشاح رئوي وجرى عمل الإسعافات الأولية له ونقله إلى رعاية مستشفى صدر كفر الشيخ.

وأفاد مستشفى صدر كفر الشيخ، بأن الطبيب وصل إليه في الرابعة فجر يوم 9 مايو الجاري، وكان يعاني من اضطرابات في الوعي وحموضة بالدم وجفاف شديد، وفى نفس السياق أرسلت إدارة الطب العلاجى بمديرية الصحة، مذكرة لرئيس الطب العلاجى بوزارة الصحة، تفيد اصابة الطبيب بارتشاح رئوي، وارتفاع ضغط الدم وهبوط مستوى الوعي، على مقياس "جلاكسو"، وفقدان بصره اثناء عمله بمسشتفى عزل بلطيم.

ونشرت "الوطن"، قصة الطبيب قنيبر واستجابت رئاسة الوزراء، وتم إصدار قرار بعلاج الطبيب على نفقة الدولة، وتم نقله للمركز الطبي العالمي لتلقي العلاج.


مواضيع متعلقة