المشروع النووي هو السد العالي لعام 2014
لمسنا جميعا في مصر مشكلة الطاقة عموما ومشكلة الكهرباء على وجه الخصوص ... واستيراد الغاز الطبيعي والسولار أو استقبال منح دول الخليج من الغاز الطبيعي ما هي إلا مسكنات للمشكلة وليست حلا جذريا لها... أي دولة في العالم تعتمد أساسا على أحد أو بعض مصادر الطاقة الأساسية الخمسة وهي الفحم والبترول والغاز الطبيعي ومساقط المياه والطاقة النووية.
مصر استنفدت جميع مصادر الطاقة المائية ولم يعد لديها مصادر فحم أو بترول أو غاز طبيعي... وبالتالي ليس أمام مصر غير الاعتماد على الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء وتحلية المياه ... شئنا أم لم نشأ ... وكان مقررا طرح مواصفات المحطة النووية في ديسمبر 2010 ثم رؤي تأجيلها إلي آخر يناير 2011 مراعاة لعطلات رأس السنة. وقامت ثورة 25 يناير واتضح تردد المسئولين في التصريح بطرح المواصفات ثم وقع زلزال فوكوشيما باليابان وتم تحديث المواصفات لاستيعاب الدروس المستفادة من هذا الحادث ومع ذلك صدر قرار رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف في يونية 2011 بتأجيل اتخاذ القرار لحين الإنتهاء من الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية. وانتهت الإنتخابات البرلمانية وعقدت الجلسات البرلمانية وشاركت فيها ولم يصدر أي قرار. وصرح الرئيس السابق المعزول, أثناء حملته الإنتخابية وكذلك بعد توليه الرئاسة, بتأييده للمشروع النووي بالضبعة غير أن تصريحاته لم تبلغ مرحلة الفعل والتنفيذ .
والآن ماذا عن المشروع النووي بالضبعة بعد ثورة 30 يونية 2013 التصحيحية لمسار الثورة؟
أولا أود الإشارة إلي الدافع وراء الحديث عن الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء وتحلية مياه البحر؟
- إنها الأكثر محافظة على نظافة البيئة من مصادر الطاقة الأخري بما فيها الطاقة الشمسية،
- هي الأقل تكلفة من جميع مصادر الطاقة الأخرى بل إن تكلفة الكيلوات ساعة من الطاقة الشمسية تزيد خمس مرات عن نظيرتها من الطاقو النووية،
- هي الأكثر أمانا حتى من الطاقة الشمسية،
- هي التي يمكن أن تتيح لنا تطوير الصناعة المصرية وترفع جودتها وتتيح إدخال إدخال صناعات جديدة،
- هي الوحيدة القادرة علي الوفاء باحتياحات التنمية من الطاقة وهو مالاتقدرعليه الطاقة الشمسية أوطاقة الرياح وحدهما،
- هي مصدر الطاقة الوحيد والمتاح لمصر بعد إستنفاد مصادر المساقط المائية والغاز الطبيعي والبترول وعدم توفر الفحم في مصر.
هل تعلم أن الإنبعاثات الإشعاعية من محطات الفحم تزيد مائة مرة عن المحطات النووية ؟ هل تعلم أن تكلفة إنتاج الكيلوات ساعة من محطات الطاقة الشمسية تزيد بمقدار أربع أو خمس مرات عن تلك المنتجة من الطاقة النووية ؟
هل تعلم أن مخاطر إنتاج الكهرباء من المحطات النووية هي الأقل من مخاطر إنتاج الكهرباء من أي مصادر أخرى بما فيها الطاقة الشمسية؟ هل تعلم أن إنتاج الكهرباء من المحطات النووية هي الأقل تأثرا بارتفاع أسعار الوقود؟ هل تعلم أن إنشاء المحطات النووية وتشغيلها وصيانتها سيتيح تدريب وتشغيل الآلاف من العمالة المصرية؟ هل تعلم أن المحطات النووية ستؤدي إلى تشجيع السياحة الداخلية والخارجية؟
هل تعلم أن المشروع النووي والمتمثل في إقامة حتى ثماني محطات نووية سيوفر لمصر طاقة كهربية تعادل نصف الشبكة الكهربية الحالية؟ هل تعلم أن تأخير المشروع النووي لعام واحد يؤدي إلى خسارة تعادل ثمن إنشاء محطتين نوويتين وذلك فقط بسبب فقدان الوفر في تكاليف الوقود النووي عن الغاز الطبيعي والبترول؟ هل تعلم أن المشروع النووي لن يضيف أي أعباء مالية إضافية على الدولة حيث أن الشركة الموردة للمحطة النووية ستقدم عروضا تمويليه تغطي 85% من المكون الأجنبي لتكلفة المحطة وتغطي 15% من المكون المحلي لتكلفة المحطة وتسدد جميعها بعد تشغيل المحطة النووية ومع فترة سماح ؟
هل تعلم أن المحطة النووية تغطي تكاليفها خلال 4-5 سنوات فقط من تشغيلها وذلك من الوفر الذي تحققه في تكلفة الوقود النووي وبذلك تكون بقية عمر تشغيل المحطة النووية, التي يبلغ إجمالها ستون عاما, يكون وفرا صافيا للدولة؟
أما القول أننا يجب أن ننتظر حتي تحقيق الأمن والأمان في بلدنا فهو مردود عليه بأن مصر في رباط إلي يوم القيامة وأن الفترة بين بدء طرح المواصفات وتوقيع عقد الإنشاء لاتقل عن عام كامل وهي فترة كافية لتحقيق الأمن والأمان في بلدنا واستكمال مؤسساتنا التشريعية والتنفيذية كما أن تأخير المشروع المتمثل في إقامة 8 محطات نووية لمدة عام يترتب عليه خسارة مادية لاتقل عن تكلفة إنشاء محطتين نوويتين فقط بسبب خسارة وفر تكلفة الوقود النووي عن الغاز الطبيعي أو البترول ناهيك عن تصاعد الأسعار وتسرب الكوادر المدربة.
لذا أدعو في هذا المقام رئيس الجمهورية أن يدعوالمجلس الأعلى للاستخدامات السلمية للطاقة النووية للانعقاد لمناقشة المشروع النووي القومي وأن يأخذ قراره بالبدء فورا في طرح المواصفات وتلقي عطاءات هذا المشروع النووي كمشروع قومي يفوق حتى مشروع السد العالي، ويلتف الشعب حوله.
موقع الضبعة تأكدت صلاحيته لإقامة المشروع النووي وعلي مدي حوالي الثلاثين عاما وذلك من قبل أكبر شركة دراسات مواقع علي مستوي العالم وأكدت صلاحيته بيت الخبرة السويسري موتوركولمبس وبيت الخبرة الأسترالي الأمريكي وورلي بارسونز وخبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالإضافة إلي خبراء مصر في دراسات المواقع والمشهود لهم بكفاءاتهم عالميا. كما أن مواصفات المشروع جاهزة وتم تحديثها طبقا للمستجدات الحديثة وتم مراجعتها من الوكالة الدولية للطاقة الذرية وخبراء مصر في جميع المجالات وكذلك تم مراجعتها من قبل بيت الخبرة الاستشاري. وهذه المواصفات جاهزة لطرحها فور اتخاذ القرار ويبدأ دوران العجلة لإنتشال مصر من مستنقع عجز الطاقة حاليا وربما عجز المياه مستقبلا.
أشهد الله أنه ليس لي أي مصلحة أو منفعة شخصية من هذه الدعوة . كما أنه لم يبق لي من العمر مثل ما مضي فالمستقبل ورائي وليس أمامي. إن هذا المشروع هو لمستقبل شباب هذا الوطن ولمصلحة مصر وأجيال عديدة قادمة.
كاتب المقال حاصل علي جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الهندسية عام 1986 وحاصل علي نوط الاستحقاق من الطبقة الاولي عام 1995 وحاصل علي جائزة نوبل عام 2005 ضمن مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية مناصفة مع الدكتور محمد البرادعي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ذلك الوقت.