"النقض".. أم المحاكم التي لم تنعقد خارج دارها إلا مرة واحدة

كتب: الوليد اسماعيل

"النقض".. أم المحاكم التي لم تنعقد خارج دارها إلا مرة واحدة

"النقض".. أم المحاكم التي لم تنعقد خارج دارها إلا مرة واحدة

شهدت محكمة النقض منذ نشأتها قبل نحو 90 عاما، حكايات كثيرة وأحداث ومفارقات حظيت بزخم واهتمام كبير، كونها المحكمة العليا في القضاء الجنائي في مصر، ويطلق عليها في الأوساط القضائية والقانونية أنّها "أم المحاكم"، فهي التي لها الكلمة الفاصلة في كل الدعاوى القضائية التي تتصل بها عن طريق الطعون التي حدد القانون آليات وإجراءات تقديمها، لتكون المحكمة صاحبة اليد العليا في القضايا والأحكام المتنازع عليها أمامها.

وعلى مدار تاريخها الطويل، لم يعرف لمحكمة النقض عنوانا إلا في مقرها الشهير بدار القضاء العالي بوسط القاهرة، فهو المقر الذي عنون بمحكمة النقض وعنونت المحكمة به على الرغم من وجود محاكم وهيئات قضائية أخرى به، ولذلك فالمحكمة التي لم تعرف مكانا لانعقادها سوى ذلك المقر الشهير بحكم القانون، حين انتقلت خارجه للمرة الأولى والأخيرة -حتى الآن - لم يكن نقل إحدى دوائرها خارج مقرها الشهير حدثا عاديا، بل كان حكاية قائمة بذاتها ظلت محل خلاف مدة طويلة قاربت العام حتى انتهى الأمر بالانتقال إلى خارج المقر وعقد جلسة النقض بعيدا عن دار محكمة النقض.

حكاية انعقاد إحدى دوائر محكمة النقض خارج دار القضاء العالي، بدأت مع قبول طعن النيابة على حكم محكمة الجنايات في قضية قتل متظاهري ثورة يناير، حين قضت "النقض" حينها عام 2016 بنظر موضوع الطعن المقام ضد الرئيس الراحل حسني مبارك، ويصبح لزاما أن يحضر "مبارك" إلى مقر المحكمة بدار القضاء العالي وهو الأمر الذي كان مستحيلا، حيث لم يذهب مبارك طوال رحلته مع القضاء والمحاكمات إلى أي محكمة خارج أكاديمية الشرطة التي أنشئت بها قاعة خصيصا لمحاكمته منذ بدأ مثوله أمام المحاكم عام  2011.

أبدت الجهات الأمنية اعتراضها على نقل مبارك لمحكمة النقض بوسط القاهرة، وأصرت محكمة النقض على إحضاره وتدخلت جهات أخرى مثل وزارة العدل لرأب الصدع وإيجاد حل للمسألة التي ظلت قرابة عام في ظل إصرار محكمة النقض على الانعقاد في مقرها لنظر القضية، وحين أبدت بعض القبول للانعقاد خارج دار القضاء العالي وضعت شروطا للمكان الذي تنعقد فيه، بينها أن يكون مقرا مستقلا لها لا تنعقد فيه محاكم أو جلسات أخرى، وهو الأمر الذي لم يكن قابلا للتنفيذ حينها، فبقيت الأزمة قائمة حتى انتهت بقبول محكمة النقض الخروج إلى أكاديمية الشرطة، ونظر الطعن الخاص بقضية مبارك هناك، وكان ذلك في مارس 2017، لتبقى تلك المرة الوحيدة التي انعقدت فيها دائرة بمحكمة النقض خارج مقرها الشهير بدار القضاء العالي.


مواضيع متعلقة