مقاتلو الفرق الطبية يقضون العيد داخل مستشفيات "العزل الصحي"

كتب: مروة مرسى وسمر عبدالرحمن

مقاتلو الفرق الطبية يقضون العيد داخل مستشفيات "العزل الصحي"

مقاتلو الفرق الطبية يقضون العيد داخل مستشفيات "العزل الصحي"

«يلّا نكلم ماما النهارده ونطّمن عليها، يا كريم يا عمرو باتصل بماما يلّا تعالوا»، يتجمع الأب مع طفليه أمام جهاز الكمبيوتر لبدء اتصال مصور مع زوجته، التى تغيب عنهم لأول مرة منذ أكثر من 80 يوماً، هذا المشهد يتكرر بصورة يومية داخل منزل الدكتورة ميرفت السيد، مدير مستشفى العجمى، غرب الإسكندرية، لعزل حالات الإصابة بفيروس «كورونا»، التى تقضى «عيد الفطر» بعيداً عن أسرتها، وهو نفس حال الآلاف من مقاتلى «الجيش الأبيض» من أعضاء الفرق الطبية فى مستشفيات ومراكز العزل بمختلف محافظات الجمهورية.

مديرة مستشفى العجمى بعيدة عن أسرتها منذ 80 يوماً.. وتتواصل مع زوجها وأبنائها عبر "الفيديو كول": "وحشتونى.. ويمكن أرجع البيت بعد العيد"

ولتجنب الاختلاط مع أبنائها أو زوجها، حرصاً على عدم انتقال الفيروس إليهم، تحرص الدكتورة «ميرفت» على الاتصال بهم يومياً، باستخدام تقنية «الفيديو كول»، عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وأحياناً قد تشاهدهم من بعيد، أثناء وجودهم خارج أسوار المستشفى عندما يأتون لزيارتها، وفى كل مرة يبادر الأطفال والدتهم بالسؤال: «ماما عاملة إيه النهارده»، ليتكرر ردها بنبرة تكسوها اللهفة: «الحمد لله أنا بخير.. أنتم وحشتونى خالص»، دون أن يحاول أحد الطرفين الاقتراب من الآخر.

وأثناء معايشة «الوطن» لأسرة مدير مستشفى العجمى، أثناء الاتصال الذى تم قبل ساعات من حلول «عيد الفطر»، بدا أن زوجها، المهندس «عبدالمنصف أحمد»، هو أكبر داعم لها منذ دخولها الحجر الصحى، بدايةً من شراء «صندوق رمضان»، ومصحف وفانوس وبعض الهدايا الأخرى، أهداها لزوجته وأبنائه، لإدخال البهجة والسعادة على قلوبهم جميعاً، حتى تجتاز مصر هذه الأزمة بسلام.

وقالت مدير مستشفى العجمى لـ«الوطن»، إنها تلقت مؤخراً «كارت» من الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، تمنت لها فيه الشفاء من إصابة لحقت بها فى إحدى ساقيها أثناء عملها بالمستشفى، كما لفتت إلى أن الوزيرة تحرص على الاتصال بها بصفة شبه يومية، وتلقّبها بـ«البطلة»، وتطلب منها اطلاعها على كافة الأمور داخل المستشفى، كما أشارت إلى أن الوزيرة عندما علمت بإصابتها، طلب منها مغادرة الحجر الصحى والعودة إلى منزلها وأسرتها، إلا أنها تمسكت بالبقاء على رأس عملها لحين تجاوز هذه الأزمة.

نموذج آخر لأحد مقاتلى «الجيش الأبيض» يتمثل فى الطبيب الشاب «عبدالجواد حسين الأجهورى»، البالغ من العمر 30 عاماً، الذى تم اختياره ضمن الفريق الطبى بمستشفى بلطيم، فى محافظة كفر الشيخ، الذى تم تجهيزه لعزل حالات الإصابة بفيروس «كورونا»، ورغم أنه كان ينتظر هذه اللحظة كثيراً، منذ بداية ظهور الفيروس فى مصر، فإن الاتصال الذى تلقاه يوم 14 مايو الجارى، قد أربك حساباته، ولم يفكر سوى فى طفلته الوليدة «حور»، التى تبلغ من العمر 10 شهور فقط.

وبعد أن استعاد إدراكه بشكل كامل، بدأ طبيب الباطنة الشاب بمستشفى كفر الشيخ العام، يفكر فى طريقة لإبلاغ أسرته بقرار اختياره لينضم للفريق الطبى فى مستشفى العزل فى اليوم التالى، خاصةً أن المدة الزمنية المتاحة أمامه قصيرة للغاية، وبعد أن استقر على تلبية نداء الوطن دون أى تأخير، وأن يكون له دور فى الحرب على فيروس «كورونا»، قرر إغلاق عيادته الخاصة، وقام بتجهيز حقيبة ملابسه، استعداداً لبدء مهمته الجديدة فى خدمة الوطن والإنسانية.

"الأجهورى": كان نفسى أقضيه مع طفلتى "حور".. وتوقيت اختيارى للمشاركة فى المهمة كان صعباً

ستشفى «عزل بلطيم»، حرص «الأجهورى» على وداع والدته وزوجته، كما أبلغهما بأنه لن يكون معهما خلال فترة «عيد الفطر»، وهو العيد الأول له مع طفلته الرضيعة، وإنما سيكون موجوداً وسط المرضى يحاول التخفيف من آلامهم وعلاجهم للتغلب على ذلك الفيروس اللعين، وعن تلك اللحظات تحدث لـ«الوطن» قائلاً: «منذ بداية الأزمة واحنا بنسأل نفسنا: دورنا إيه، وإزاى هنشارك ونخدم بلدنا ونساعد المرضى؟»، مشيراً إلى أنه كان يتوقع اختياره للمشاركة فى علاج مصابى «كورونا»، وبالفعل تلقى اتصالاً بذلك أواخر شهر رمضان، وهو ما يعنى أنه سيقضى العيد بعيداً عن أسرته، وتابع بقوله: «كان نفسى أقضى أول عيد مع طفلتى حور»، إلا أنه أكد حرصه على أداء واجبه، وفق الرسالة التى وفّقه الله لأدائها.

وعن شعور زوجته لتركها لها مع طفلتهما فى أواخر رمضان وحتى انتهاء العيد، قال: «رغم أن زوجتى كانت تدعمنى دائماً منذ بداية الأزمة، لكنها لم تكن تتوقع أن أقضى أول عيد لنا مع حور فى المستشفى، بعيداً عنهم»، مشيراً إلى أنها بكت كثيراً، وكانت تسأله دائماً: «هتسيبنا ليه دلوقتى؟»، لكنه استطاع أن يهدئ من مخاوفهم جميعاً وإقناعهم بأن يكونوا عوناً له فى مهمته الجديدة، واختتم تصريحاته بقوله: «توقيت اختيارى للمشاركة فى المهمة كان صعباً، لأن الأعياد لها طقوس معينة، وكان نفسى أشترى ملابس العيد لبنتى مع مامتها، بس عاوز أقول لها إنك فى يوم من الأيام هتفتخرى بأنى أبوكى».


مواضيع متعلقة