الأصل طعام والمال جائز.. "أوقاف مطروح" توضح طرق إخراج زكاة الفطر

الأصل طعام والمال جائز.. "أوقاف مطروح" توضح طرق إخراج زكاة الفطر
فى الوقت الذى يختلف فيه المواطنون سنويا على كيفية إخراج الزكاة فى العشر الأواخر من رمضان وبعضهم يقول أموال وآخرون يقولون طعام، ولا يعرف الجميع ما هو رأى الدين فى ذلك، توضح مديرية أوقاف مطروح الرأى الشرعى فى إخراج الزكاة.
وتنشر "الوطن" رأى الشرع من خلال مديرية أوقاف مطروح برئاسة فضيلة الشيخ حسن عبدالبصير وكيل وزارة أواقاف مطروح، مدعما بالأدلة الشرعية من السنة النوية الشريفة.
وتجيب أوقاف مطروح عن السؤال الذى يسأله الجميع خلال هذه الأيام، كيفية إخراج زكاة الفطر.
إخراج زكاة الفطر طعامًا هو الأصل المنصوص عليه فى السنة النبوية المطهرة، وعليه جمهور فقهاء المذاهب المتبعة، إلا أن إخراجها بالقيمة "المال" أمر جائز ومُجْزِئ، وهو مذهب طائفة من العلماء يُعْتَدُّ بهم، كما أنه مذهب جماعة من التابعين، منهم: الحسن البصرى فروى عنه أنه قال :"لا بأس أن تعطى الدراهم فى صدقة الفطر"(1)، وأبو إسحاق السبيعى (2)، فعن زهير قال :"سمعت أبا إسحاق يقول "أدركتهم وهم يعطون فى صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام" (3)، وعمر بن عبد العزيز، فعن وكيع، عن قرة قال :"جاءنا كتاب عمر بن عبد العزيز فى صدقة الفطر: نصف صاع عن كل إنسان أو قيمته: نصف درهم" (4)، وهو مذهب الثورى، وأبى حنيفة، وأبى يوسف، وهو مذهب الحنفية، وبه العمل والفتوى عندهم فى كل زكاة، وفى الكفارات، والنذر، والخراج، وغيرها (5)، وبه قال إسحاق بن راهويه، وأبو ثور، إلا أنهما قيدا ذلك بالضرورة، وهو قول جماعة من المالكية، كابن حبيب، وأصبغ، وابن أبى حازم، وابن دينار (8)، وابن وهب (9)، على ما يقتضيه إطلاق النقل عنهم فى تجويز إخراج القيم فى الزكاة، الشاملة لزكاة المال وزكاة الرءوس، بخلاف ما نقلوه عن ابن القاسم وأشهب، من كونهما أجازا إخراج القيمة فى الزكاة إلا زكاة الفطر وكفارة الأيمان، وعليه، فنرى أن هناك جمعًا لا بأس به من الأئمة والتابعين، وفقهاء الأمة ذهبوا إلى جواز إخراج قيمة زكاة الفطر نقودًا، هذا فى عصورهم القديمة وكان نظام المقايضة موجودًا، بمعنى أن كل السلع تصلح وسائل للتبادل وخاصة الحبوب، فكان بيع القمح بالشعير، والذرة بالقمح وهكذا، أما فى عصرنا حيث نحصرت وسائل التبادل فى النقود وحدها، فنرى أن هذا المذهب هو الأوقع والأرجح، بل نزعم أن من خالف من العلماء قديمًا لو أدرك زماننا لقال بقول أبى حنيفة، ويظهر لنا هذا من فقههم وقوة نظرهم.
كما أن إخراج زكاة الفطر نقودًا أَولى للتيسير على الفقير أن يشترى أى شىء يريده فى يوم العيد، لأنه قد لا يكون محتاجًا إلى الحبوب، بل هو محتاج إلى ملابس، أو لحم، أو غير ذلك، فإعطاؤه الحبوب يضطره إلى أن يطوف بالشوارع ليجد من يشترى منه الحبوب، وممكن أن يبيعها بثمن بخس أقل من قيمتها الحقيقية، هذا كله فى حالة اليسر، ووجود الحبوب بكثرة فى الأسواق، بينما فى حالة الشدة وقلة الحبوب فى الأسواق، فدفع العين أولى من القيمة مراعاة لمصلحة الفقير، فالأصل الذى شرعت له زكاة الفطر مصلحة الفقير وإغناؤه فى ذلك اليوم الذى يفرح فيه المسلمون، وألَّف العلامة أحمد بن الصديق الغمارى كتابًا ماتعًا فى تلك المسألة أسماه "تحقيق الآمال فى إخراج زكاة الفطر بالمال"، ورجَّح فيه مذهب الحنفية بأدلة كثيرة، ومن أَوْجه عديدة، وصلت إلى إثنين وثلاثين وجهًا، لذا نرى ترجيح قول من ذهب إلى إخراج قيمتها، وهو الأولى فى هذا الزمان.
وننبه أنه من المقرر شرعًا أنه "إنما ينكر المتفق عليه، ولا ينكر المختلف فيه"، وما دام هناك من الفقهاء من أجاز إخراج زكاة الفطر نقودًا ، وهؤلاء ممن يعتد بقولهم ويجوز تقليدهم، فلا يجوز تفريق الأمة بسبب تلك المسائل الخلافية.