نور الدين زنكي.. ذكرى وفاة ملك عادل صد الحملات الصليبية ومهد لفتح القدس

نور الدين زنكي.. ذكرى وفاة ملك عادل صد الحملات الصليبية ومهد لفتح القدس
هو الملقب بالملك العادل، والذي أخذت صفاته قسطا من اسمه، نور الدين محمود زنكي، والذي حكم حلب عقب وفاة والده عماد الدين زنكي، ولد في11 فبراير 1118 بالموصل، وتوفي في مثل هذا اليوم 15 مايو 1174 عن عمر ناهز 56 عاما.
لم يطلق عليه "الملك العادل" فقط، ولكن كني بعدة ألقاب منها ناصر أمير المؤمنين، وليث الإسلام، وتقي الملوك، كما لُقَّب بنور الدين الشهيد رغم وفاته بسبب المرض.
تذكر سيرته بالكثير من المعلومات ولأحداث والوقائع، نسرد جزءا يسيرا منها في هذا التقرير، حيث ذكر أن نور الدين زنكي قام بتوسيع إمارته بشكل تدريجي، كما ورث عن أبيه مشروع محاربة الصليبيين، وشملت إمارته معظم الشام، وتصدى للحملة الصليبية الثانية، ثم قام بضم مصر لإمارته وإسقاط الفاطميين والخطبة للخليفة العباسي في مصر بعد أن أوقفها الفاطميون طويلا، وأوقف مذهبهم.
مهَّد زنكي الابن الطريق أمام صلاح الدين الأيوبي لمحاربة الصليبيين وفتح القدس بعد أن توحّدت مصر والشام في دولة واحدة، وتميَّز عهده بالعدل وتثبيت المذهب السنّي في بلاد الشام ومصر، كما نشر التعليم والصحة في إماراته، ويعده البعض سادس الخلفاء الراشدين.
ينتسب نور الدين إلى السلاجقة الأتراك، فجدّه آق سُنقر بن إل ترغان يعود نسبه إلى قبيلة ساب يوب. كان جده مملوكًا للسلطان جلال الدولة ملك شاه، وكان عسكريًا وملاصقًا للسلطان.
وضع نور الدين نصب عينيه قتال الصليبيين منذ بداية استلامه لإمارة حلب وإنهاء جميع معاقل الصليبيين في بلاد الشام، وكان هدفه تحرير القدس، حتى أنه أمر ببناء منبر سنة 563 هـ / 1168م ليضعه في المسجد الأقصى بعد أن يقوم بفتح المدينة وقد صنع هذا المنبر في دمشق بواسطة مهرة الحرفيين من دمشق وحلب. نُقل هذا المنبر بالفعل إلى القدس بعد فتحها على يد صلاح الدين الأيوبي ودعي هذا المنبر فيما بعد بمنبر صلاح الدين.
وفيما يتعلق بعلاقته بمصر فبعد نجاح نور الدين في ضم دمشق وأصبحت عاصمة دولته ومنطلق الحكم وأصبح ملك دمشق وموحد الشام لم يعد أمام الصليبيين للغزو والتوسع سوى طريق الجنوب بعد أن أحكم نور الدين سيطرته على بلاد الشام؛ ولذا تطلع الصليبيون إلى مصر باعتبارها الميدان الجديد لتوسعهم، وشجعهم على ذلك أن الدولة الفاطمية في مصر تعاني الضعف فاستولوا على عسقلان، وكان ذلك إيذانا بمحاولتهم غزو مصر، مستغلين الفوضى في البلاد، وتحولت نياتهم إلى عزم حيث قام عموري الأول ملك بيت المقدس بغزو مصر سنة558 هـ / 1163م محتجا بعدم التزام الفاطميين بدفع الجزية له، غير أن حملته فشلت وأجبر على الانسحاب.
أثارت هذه الخطوة الجريئة مخاوف نور الدين، فأسرع بشن حملات على الصليبيين في الشام حتى يشغلهم عن الاستعداد لغزو مصر، ودخل في سباق مع الزمن للفوز بمصر وضمها لمملكته في الشام، فأرسل عدة حملات من دمشق تحت قيادة "أسد الدين شيركوه" وبصحبته ابن أخيه الشاب اليافع صلاح الدين الأيوبي، واستمرت نحو خمس سنوات وفشلت عدة مرات بسبب خيانه شاور الوزير الأول للخليفة الفاطمي وتعاونه مع الصليبيين والفساد المتفشي، بحسب ما ذكر.
ولكن أسد الدين لم يتراجع، ففي كل مرة كان يُعيد تجهيز جيشه وينطلق من جديد بأوامر نور الدين في دمشق حتى نجح بعد سباق محموم مع الصليبيين في الظفر بمصر سنة 564 هـ الموافق لسنة 1169م وتولى شيركوه الوزارة من العاضد لدين الله آخر حكام الفاطميين، على أنه لم يلبث أن توفي فعين نور الدين زنكي صلاح الدين الأيوبي وزيرا على مصر وضمها لملكه في الشام، وكانت شعلة البداية عندما خلع شاور الوزير الفاطمي على يد ضرغام.