ملفات صعبة.. هل تعيد الحكومة الجديدة كتابة مستقبل العراق؟

كتب: آلاء عوض

ملفات صعبة.. هل تعيد الحكومة الجديدة كتابة مستقبل العراق؟

ملفات صعبة.. هل تعيد الحكومة الجديدة كتابة مستقبل العراق؟

يستعد رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، لإعادة هيكلة المدن العراقية التي تحولت إلى ساحة للصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، وأصبحت ميدانًا مكتظًا بالمليشيات الإرهابية التي تستغل النزاع الدائر لتنفيذ عمليات إرهابية، إذ بدأ بإطلاق الأبطال الذين حرروا العراق مسبقًا ورقَاهم إلى قيادة قوات مكافحة الإرهاب، لتكون تلك القضية على رأس أجندة اهتمامات حكومة الكاظمي فور انتهاء الانتخابات المبكرة.

وأكد الكاظمي، أمس الاثنين، حرص بلاده على إقامة أفضل العلاقات مع الولايات المتحدة، جاء ذلك خلال اتصال هاتفي تلقاه الكاظمي من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتهنئة بمناسبة توليه رئاسة الحكومة العراقية.

من جانبه، قال ترامب "إن العراق بلد قوي ومهم ويمتلك دوراً مركزياً في المنطقة وفي تحقيق الاستقرار الإقليمي والدولي"، مشددًا على حرص الولايات المتحدة الأمريكية على تعزيز العلاقات بين البلدين، واستعداد بلاده لتقديم المساعدات الاقتصادية الضرورية لدعم الاقتصاد العراقي.

وفي ضوء ذلك، اتفق الجانبان على توسيع التعاون في مجال مكافحة جائحة كورونا المستجد "كوفيد 19"، إلى جانب تطوير جهود الاستثمار الاقتصادي بما يخدم مصالح البلدين، بعدما شهدت العلاقات العراقية الأمريكية توترًا حادًا عقب قيام واشنطن بقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني وأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقية في بغداد في يناير الماضي، وماتبعه من دعوات لسحب القوات الأمريكية من العراق، وردت إيران بشن هجوم صاروخي على قاعدة عين الأسد غرب العراق.

وقال الدكتور وسام صباح، المحلل السياسي العراقي، في اتصال هاتفي لـ"الوطن"، "إن رئيس الحكومة الجديد يحاول إعادة العراق إلى وضعه الطبيعي بعد اجتماعه بسفراء إيران والولايات المتحدة وإقناعهم بأن العراق ليس ساحة لتصفية الحسابات بين الجانبين"، مؤكدًا أن حكومة الكاظمي تبذل قصارى جهدها للخروج بالعراق من الساحة السياسية والصراعات القائمة عليها، بالإضافة إلى وضع حد للتدخلات الخارجية في الشؤون العراقية، إذ بدأت الحكومة بتطبيق القانون الدستوري الذي أجاز تعدد الجنسيات للمواطنين العراقيين، على شرط أن يتخلوا عن جنسياتهم المكتسبة في حال تسلمهم أي منصب سيادي.

وأشار "صباح" إلى أن الكاظمي بدأ حملته ضد الفساد، حيث منع الوزراء من السفر خارج العراق، علاوة على استدعاء المحكمة الاتحادية لعددًا من الوزراء الذين أهدروا المال العام في السنوات الأخيرة ما تسبب في عجز في موازنة الدولة، ولفت إلى أن بعض التدخلات الخارجية تفرض على الكتل السياسية الموالية لها في النظام العراقي عرقلة عمليات الإصلاح التي يقدم عليها العراق.

وأشار صباح إلى أن رئيس الوزراء العراقي، باعتباره رئيسًا لجهاز المخابرات العراقية، يتتبع مسار "الخلايا النائمة" التي أعتقد أنها تلاشت بعد تحرير المدن العراقية، مشيرًا إلى تنظيم "داعش" الإرهابي ومثيله من الجماعات التكفيرية، التي استغلت أزمة "كورونا" وحالة الركود التي تشهدها البلاد، وخرجت للانتشار في المدن وشن هجمات على القوات الأمنية العراقية .

وأوضح "صباح"، أن السيناريو القادم يشير إلى أن رئيس الوزراء العراقي سينجح في إقامة علاقات متوازنة مع الولايات المتحدة وإيران، لكنه لايتوقع أن ينسحب الجانبان من العراق إذ يتحكم كلًا منهما في مصير العراق والسياسة العراقية، مؤكدًا أن تغيير قانون الانتخابات هو ماسيجعل العراق يستعيد عافيته ويتوازن مع نفسه، مشددًا على ضرورة عودة الصناعة العراقية والاعتماد عليها كبديل للنفط الذي يتغير بين عشية وضحاها.

وفي نفس السياق، قال الدكتور محمد صادق، مدير المركز العربي للدراسات السياسية، في اتصال هاتفي لـ"الوطن"، "إن حكومة الكاظمي تواجه تحديات كثيرة في المرحلة القادمة، سواء فيما يتعلق بالبناء الداخلي للدولة العراقية التي شهدت العديد من الأزمات منذ عام 2003 حتى تاريخه، وهذه الأزمات تنصب في الأزمة الاقتصادية الطاحنة، من ناحية توفير وظائف للمواطنون وتحقيق نوع من النمو داخل العراق المليئة بالموارد الطبيعية، مشيرًا إلى ضروة ترتيب الأوراق بشكل صحيح حتى يتم استغلال الموارد بالشكل الذي يعود بالمصلحة على المواطن العراقي.

وأوضح "صادق"، أن هناك تحديات أمنية تجابه الدولة العراقية، فرغم نجاحها في القضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي، إلا أنه لازال هناك وجود لبعض الجيوب الإرهابية والفصائل المتشددة الموالية لإيران وغيرها، علاوة على التحدي السياسي الذي يتعلق بإمكانية دمج الأحزاب السياسية المختلفة، أوعلى الأقل تحقيق نوع من المعادلة السياسية لإعادة الحياة للدولة العراقية مرة أخرى.

وأشار المحلل السياسي إلى التحدي الخارجي مع العالم العربي من ناحية، وإيران وأمريكا من ناحية أخرى، ورأى أن كل تحركات الكاظمي وقراراته الأخيرة تدل على أنه يريد دولة عربية مستقلة بعيدًا عن التدخلات الإيرانية، لكنه ربما يمسك العصى من المنتصف قليلًا.

وفيما يتعلق بعلاقة حكومة الكاظمي مع إيران والولايات المتحدة الأمريكية، لايعتقد "صادق" أن يتخلى العراق عن الإدارة الأمريكية، وفي الوقت نفسه، لن يمد جذور التواصل مع إيران على حساب الولايات المتحدة، لكن ربما يحدث العكس، ربما يكون هناك علاقات عراقية أمريكية ينسلخ منها دعم عراقي للولايات المتحدة مقابل توجيه ضربات عسكرية أمريكية لتمشيط العراق، لكن الحكومة العراقية الجديدة لن تسمح لأي طرف بتوجيه ضربات عسكرية للطرف الآخر على أرضها بعد ذلك، فالعراق يسعى في هذه المرحلة إلى تحقيق سيادة مستقله على كل أراضيه وخروج أي قوات أجنبية منه، مشيرًا إلى أن هذا مطلب مشروع وكل الدول العربية تساند العراق في خطواته الحالية والمستقبلية.


مواضيع متعلقة