"ليس هناك طريق سهل للحرية".. الذكرى 26 لتولي مانديلا رئاسة جنوب أفريقيا

كتب: محمد علي حسن

"ليس هناك طريق سهل للحرية".. الذكرى 26 لتولي مانديلا رئاسة جنوب أفريقيا

"ليس هناك طريق سهل للحرية".. الذكرى 26 لتولي مانديلا رئاسة جنوب أفريقيا

"يجب أن يولد مجتمع تفتخر به البشرية جمعاء"، جملة قالها نيلسون مانديلا أثناء توجيهه خطاب للشعب الجنوب إفريقي عند تولية رئاسة البلد الذي عانى من سياسة الفصل العنصري لعقود طويلة، وكافح من أجله برفقة زملائه الذين قبعوا سويا في سجن جزيرة روين حالمين بالحرية والعدل والمساواة بين جميع مكونات الشعب.

وأجريت أولى الانتخابات الرئاسية في 27 أبريل 1994 وأدت إلى فوز مانديلا، ليصبح أول رئيس إفريقي لجنوب إفريقيا من 9 مايو 1994 وحتى يونيو 2000، وخلال فترة حكمه شهدت جنوب إفريقيا انتقالا كبيرا من حكم الأقلية إلى حكم الأغلبية، وفي يونيو 2004 قرر نيلسون مانديلا ذو الـ 85 عاما آنذاك التقاعد وترك الحياة العامة، ذلك أن صحته أصبحت لا تسمح بالتحرك والانتقال، كما أنه فضل أن يقضي ما تبقى من عمرة بين عائلته، ليصير مانديلا رمزا للنضال، فهو تحدى سياسات الفصل العنصري، وغيرَّ وجه وطنه إلى الأفضل، وألهم العالم ملحمة للكفاح من أجل الحرية.

وكان مانديلا في البداية يدعو للمقاومة غير المسلحة ضد سياسات التمييز العنصري، لكن بعد مجزرة شاربفيل التي راح ضحيتها عدد كبير من الأفارقة عام 1960، وإقرار قوانين تحظر الجماعات المضادة للعنصرية، قرر مانديلا وزعماء المجلس الإفريقي القومي فتح باب المقاومة المسلحة.

وحظرت السلطات العنصرية جميع أنشطة حزب "المجلس الوطني الإفريقي"، واعتقل مانديلا حتى 1961، وبعد الإفراج عنه قاد المقاومة السرية التي كانت تدعو إلى ضرورة التوافق على ميثاق وطني جديد يعطي السود حقوقهم السياسية.

وخلال سنوات سجنه، أصبح النداء بتحرير مانديلا من السجن رمزا لرفض سياسة التمييز العنصري، وفي 10 يونيو 1980 تم نشر رسالة استطاع مانديلا إرسالها للمجلس الإفريقي القومي قال فيها: "إتحدوا وجهزوا وحاربوا إذ ما بين سندان التحرك الشعبي، ومطرقة المقاومة المسلحة، سنسحق الفصل العنصري".

وفي سبعينيات القرن الماضي، رفض عرضا بالإفراج عنه إذا قبل بأن يعود إلى قبيلته وأن يخلد إلى الهدوء والسكينة، كما رفض عرضاً آخر بالإفراج عنه في عام 1985 مقابل إعلانه رفض العنف.

تم الإفراج عنه بعد أن أمضى 27 عاما في السجن لتصديه لنظام الفصل العنصري، وذلك في 11 فبراير 1990 ليعلن بعدها وقف الصراع المسلح ويبدأ سلسلة مفاوضات أدت إلى إقرار دستور جديد في البرلمان في نهاية 1993، معتمداً مبدأ حكم الأكثرية وسامحاً للأفارقة بالتصويت.

وبدأت مشاركة نيسلون مانديلا في المفاوضات، منذ اجتماعنا الأول في 13 ديسمبر عام 1989، والتي توجت بتنصيبه رئيسًا لجنوب أفريقيا في 10 مايو 1994، "وفي الفترة الفاصلة التقينا في مناسبات عدة، كمحادثات الكونجرس الوطني الأفريقي، منتدى التفاوض الوطني، والمؤتمرات الأدبية وكذا العديد من اللقاءات المباشرة، كانت العلاقات متوترة غالبا، بسبب العنف المجهول الذي سيطر على جميع أنحاء البلاد، لكن في ذلك الحين كان قادة المعارضة والأحزاب السياسية يخوضون مفاوضات حاسمة حول مستقبل بلدنا، وبعد تقاعدنا من السياسة أصبحنا صديقين"، بحسب حديث الرئيس الجنوب أفريقي السابق فريدريك دي كليرك، في حوار سابق لـ"الوطن" بتاريخ السابع من ديسمبر 2019.

وعن كواليس الاجتماع الأول بينه وبين مانديلا، يوضح دي كليرك، أنه عقد أول اجتماع مع نيلسون سرًا في مكتبه بمدينة كيب تاون في الثالث عشر من ديسمبر عام 1989، كان أطول من المتوقع وكان لديه كرامة فطرية عظيمة منبثقة من ولادته كعضو في منزل "تيمبو الملكي"، ومن نضاله الطويل لتحقيق العدالة لشعبه، لم نناقش أي مسائل جوهرية، ولكن كلانا توصل إلى استنتاج مفاده أننا سنكون قادرين على القيام بالعمل سويا.


مواضيع متعلقة