وزير الأوقاف: أمة بلا قيم تعني أمة بلا حياة

كتب: سعيد حجازي وعبد الوهاب عيسي

وزير الأوقاف: أمة بلا قيم تعني أمة بلا حياة

وزير الأوقاف: أمة بلا قيم تعني أمة بلا حياة

تحدّث الدكتور محمد مختار جمعة، عن سورة الحجرات، مؤكدا أنّها معنية بالقيم الأخلاقية والمعاني الإنسانية الراقية، فأمة بلا قيم تعني أمة بلا حياة، وعلينا أن نتحرى ونتثبت فيما ننقل، ويجب أن نحذر الصفحات المشبوهة والمجهولة والمغرضة على مواقع التواصل الإلكتروني.

وأضاف وزير الأوقاف، في برنامجه "في رحاب القرآن الكريم"، أنّ سورة الحجرات عنيت بالقيم الأخلاقية والمعاني الإنسانية الراقية، وبينها "الأدب مع الله تعالى، والأدب مع سيدنا رسول الله، قال تعالى:" يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله"، فلا تقدموا آراءكم، وأهواءكم، ولا تقدموا شيئا على ما أمركم به الله تعالى، أو عما نهاكم عنه سبحانه، أو على ما أمركم به الرسول، أو عما نهاكم عنه الرسول، "واتقوا الله إن الله سميع عليم"، ثم ينتقل الحديث إلى الأدب مع سيدنا رسول الله، فيقول سبحانه: "يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون".

وتابع أنّ الإمام مالك رأى رجلا يرفع صوته عند مسجد سيدنا رسول الله، فقال: "يا هذا إن الله تعالى مدح أقواما غضوا أصواتهم عند رسول الله، فقال: إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم"، وذمّ أقواما رفعوا أصواتهم عند رسول الله، فقال: "لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون"، وإن حرمة رسول الله ميتا كحرمته حيا، وإن الأدب في مسجده كالأدب في مجلسه، فمن كان في مسجد سيدنا رسول الله فعليه أن يتأدب وكأنه في مجلسه.

وأوضح وزير الأوقاف، أنّ سورة الحجرات تلفت أنظارنا إلى أمر مهم حيث يقول الحق سبحانه: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة ّّفتصبحوا على ما فعلتم نادمين"، وهو أن نتثبت وأن نتحرى، وأن نتبين فيما ينقل إلينا، يقول نبينا: "كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع".

وزاد: يقول الإمام النووي: "لأن الإنسان يسمع الكلام المختلط، فيه الصدق والكذب، فإن لم يعمل عقله ويتحرى و يتثبت ويتبين نقل الكذب فوقع فيه"، ودخل أحد الناس على سيدنا عمر بن عبد العزيز فذكر له عن رجل شيئا، فقال له سيدنا عمر بن عبدالعزيز: "يا هذا إن شئت نظرنا في أمرك، فإن كنت كاذبا فأنت من أهل هذه الآية: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"، وإن كنت صادقا فأنت من أهل هذه الآية: "هماز مشاء بنميم"، وإن شئت عفونا عنك، فقال: العفو يا أمير المؤمنين، لا أعود إليه أبدا"، وقد قالوا: من نم لك نم عليك، احفظ لسانك أيها الإنسان ليلدغنك إنّه ثعبانكم في المقابر من قتيل لسانه، كانت تهاب لقاءه الشجعان.

وتابع جمعة، أنّ بعض الناس يظن أنّ التثبت يكون في الكلام المنقول فقط، مع أنّ التعامل مع مواقع التواصل الإلكتروني أشد خطورة، فعلينا أن نتحرى وأن نتثبت وأن نتبين فلا نشارك منشورا أو إعجاب به حتى ندقق ونفكر فيه، لأن الكلمة المقروءة والمشيرة ربما كانت أوسع مدى من الكلمة المسموعة، يقول نبينا: إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا  يهوي بها في النار بعد الثريا"، ويقول: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت"، وبعض الناس يظن أنّ الصمت يكون في الكلام فقط، مع أن الصمت قد يكون عن الكتابة الخاطئة. 

وأوضح أنّه ما من كاتب إلا سيبلى ويبقى الدهر ما كتبت يداه، فلا تكتب بخطك غير شيء يسرك في القيامة أن تراه.

ولفت إلى أنّ السورة الكريمة نهت وحذرت عن الاستهزاء بالناس، والسخرية منهم، يقول سبحانه: "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم"، فعلى الإنسان أن يضع غيره مكان نفسه، لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ويكره لأخيه ما يكره لنفسه، "ولا تنابزوا بالألقاب" لا تنادوا أحدا بلقب يكرهه، "بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون، يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا"، يقول نبينا: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته"، أي افتريت وكذبت عليه.

كما روي أنّ امرأتين صامتا على عهد رسول الله فأجهدهما الجوع والعطش من آخر النهار حتى كادتا أن تتلفا، فبعثتا إلى رسول الله  يستأذناه في الإفطار فأرسل إليهما قدحا وقال: "قل لهما قيئا فيه ما أكلتما، فقاءت إحداهما نصفه دما عبيطا ولحما غريضا، وقاءت الأخرى مثل ذلك حتى ملأتاه"، فعجب الناس من ذلك فقال "هاتان صامتا عما أحل الله لهما، وأفطرتا على ما حرم الله تعالى عليهما، قعدت إحداهما إلى الأخرى فجعلتا يغتابان الناس، هذا ما أكلتا من لحومهم"، يقول تعالى: "أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم".

وتابع أنّ الهدف الأسمى من كون الناس شعوبا وقبائل، إذ يقول الله: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا" لا لتتقاتلوا، ولا لتتباغضوا، وإنما ليعرف بعضكم بعضا، الناس من جهة التصوير أكفاء أبوهم آدم والأم حواء، فإن يكن لهم من أصلهم شرفيفاخرون به فالطين والماء، ويقول شوقي مخاطبا نبينا: فرسمت بعدك للعباد حكومة لا سوقة فيها ولا أمراء، الله فوق الخلق فيها وحده والناس تحت لوائها أكفاء، ويقول سبحانه: إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير".


مواضيع متعلقة