"الولد الشقي": كتبت مقالات تكفي 10 دكاكين تبيع فيها اللب إلى عدة قرون

"الولد الشقي": كتبت مقالات تكفي 10 دكاكين تبيع فيها اللب إلى عدة قرون
واحد من رواد الكتابة الساخرة في الصحافة المصرية والعربية، وهو حكاء عظيم ويمتاز بخفة ظلة، هو الكاتب محمود السعدني المولود في 20 نوفمبر 1928، والذي يمر اليوم 4 مايو 10 سنوات على رحيله في 2010.
والسعدني صاحب تجربة ثرية على عدة مستويات مهنية وسياسية وحياتية. ترأس تحرير مجلة صباح الخير المصرية في الستينيات، كما شارك في الحياة السياسية في عهد الرئيس جمال عبد الناصر وسجن في عهد أنور السادات بعد إدانته بتهمة الاشتراك في محاولة انقلابية.
ويتحدث في الجزء الأول من سيرته "مذكرات الولد الشقى" عن تجاربه قائلا: "لقد عشت حياتي بالطول والعرض والعمق كذلك"، ويتحدث عن الكتابة: "لقد كتبت حتى الآن عشرة كتب وثلاث مسرحيات، ومئات البرامج الإذاعية، ومقالات تكفي عشرة دكاكين تبيع فيها اللب وإلى عدة قرون".
ويشير في المذكرات إلى تنوع علاقاته مع البشر من مختلف المستويات الاجتماعية والثقافية فى مصر وخارجها، وعن الظروف التى جمعته بزكريا الحجاوي- أحد رواد الفن الشعبي- حيث كان تعرفه بالحجاوى نافذة جديدة تعرف من خلالها على عدد من رموز مصر: "وحول زكريا الحجاوي تعرفت إلى عدد من الصبية الصغار، أصبح لهم فيما بعد شأن؛ الدكتور يوسف إدريس، وصلاح جاهين، ومحمد علي ماهر، ومحمد الفيتوري، والشاعر صلاح عبدالصبور. ولقد كنت محظوظا إلى أبعد حد، إذ أتاحت لي الفرص التعرف على عدد من شخصيات العصر ، كل منهم كان دنيا وعاما بأسره".
ويتابع "السعدني": "تعرفت إلى مأمون الشناوى ومنه تعلمت النكتة، وفن السخرية، ومأمون كاتب لو أتيحت له الفرصة لكان لدينا أوسكار وايلد جديد. وتعرفت بنجيب الريحاني في آخر أيام حياته، وعرض على الاشتغال معه في التمثيل، ولو بقى أعواما أخرى على قيد الحياة، فربما أصبحت الآن ممثلا يشار إليه بالحذاء!
وعرفت بيرم التونسي قبل أن يموت بخمسة أعوام، وصاحبته واختلفت معه وأحببته، حتى العبادة، وعرفت عبقري النغم المرحوم الشيخ محمد رفعت، وكتبت عنه وهو لا يزال على قيد الحياة، وعرفت الشيخ زكريا احمد، وسهرت الليالي الطوال، وصادقت تحفة عصره وزمانه كامل الشناوي، وعرفت عبدالرحمن الخميسي وهو في قمة مجده وشبابه، وعرفت محمد عودة وهو لا يزال يحبو في دنيا الصحافة محررا مجهولا بعشرين جنيها على الورق، ونصف جنيه في الحقيقة.
وعن بداية عمله في الصحافة:
ولقد فصلت ثلاث مرات من ثلاث صحف قبل الثورة، فصلني مرة تاجر حشيش دفع ألف جنيه للجريدة لأني كتبت خبرا ضده، ولهفت الجريدة المبلغ وكتبت في الصفحة الأولى "تقرر فصل محمود أفندي السعدني من هيئة تحرير الجريدة" . ويواصل "وفصلت مرة أخرى من مجلة أسبوعية لأنني طالبت صاحب المجلة بمنحي أجري عن شهر كامل اشتغلته، وفصلت مرة ثالثة من دار كبرى لأني رفضت أن أشتري هدية بعشرة جنيهات لسيادة مدير التحرير. ولم أعرف طعم الاستقرار في الصحافة إلا عام 1954، ففي ظل عبد الناصر أصبح للصحفيين حقوق وعليهم واجبات.
مع شقيقه الفنان صلاح السعدني.