دينا عبد الفتاح تكتب: التعايش مع الأزمة!

دينا عبد الفتاح تكتب: التعايش مع الأزمة!
- دينا عبدالفتاح
- التعايش مع كورونا
- فيروس كورونا
- كورونا
- كوفيد 19
- دينا عبدالفتاح
- التعايش مع كورونا
- فيروس كورونا
- كورونا
- كوفيد 19
بعد أن توقفت تروس الإنتاج، وكسدت تجارة الخدمات، وانهارت الأسواق المالية، وتآكلت الاحتياطيات، أصبح على العالم أن يتقبل أزمة كورونا باعتبارها «أمر واقع» لا بد أن نتعايش معه.. فمن يستطيع البقاء فى منزله شهوراً حتى يفلت من مقصلة الفيروس، بينما يواجه فى الناحية الأخرى أشباح الحاجة والجوع وانهيار الدخل وغموض المستقبل؟!
الأزمة الحالية هزمت العالم أجمع.. ويبقى فقط أن تحدد كل دولة نصيبها من الخسائر، من خلال حصر أعداد الضحايا والمصابين، وحجم الأموال التى أنفقت وسيتم إنفاقها لمواجهة عدو مجهول لا نعرف حتى الآن من أين أتى؟ ومتى سيرحل؟.. وكذلك حجم الخسائر الاقتصادية التى أشارت تقارير عدة إلى أنها ستفوق حجم الخسائر الاقتصادية التى لحقت بالاقتصاد العالمى فى أزمة الكساد العظيم التى ضربت العالم فى أواخر عشرينات القرن الماضى.
لن يستطيع الجميع -أو الأغلبية بشكل أدق- المكوث فى المنزل بشكل كامل بعد اليوم.. وأصبح خروجنا للشوارع لمواجهة الفيروس بمثابة معركة قد حانت لها «ساعة الصفر» والجميع تقريباً مجبر على خوضها فى ظل عدم قدرة اقتصاد الدولة أو اقتصاد الفرد على الصمود كثيراً فى مواجهة هذا الكساد.
الدولة المصرية نفسها فطنت لذلك الأمر، وأعلن رئيس الحكومة فى مطلع هذا الشهر الكريم، عن خطة الحكومة لعودة الحياة والخدمات بشكل تدريجى.. وهذا هو «صميم المنطق» إن جاز التعبير.. فبأى حق نهدد حياة الملايين بفقدان الدخل والقدرة على الإنفاق ودخولهم تحت مقصلة الفقر.. مع استمرار مكوثنا فى المنزل لفترة ليست محددة ولا يستطيع أحد توقعها.
لذا وجب علينا التعايش.. ولكن هل سنتعايش بنفس أسلوب حياتنا السابق؟!
بالطبع لا.. هنا سينتصر الفيروس من جديد.. وسنضطر جميعاً للعودة إلى المنازل مهما كان الثمن.. حال خروج الأوضاع عن السيطرة.. وهنا سيكون خيار الجوع أفضل من خيار إبادة أمة فى مواجهة مع عدو يملك كل الأسلحة للفتك بنا.. بينما نحن لا نراه حتى!
وبالتالى أصبح لزاماً على الجميع أن يدرك أن حياتنا القادمة ليست كالسابقة.. فالخروج ينبغى أن يقتصر على العمل والضرورة القصوى.. والتجمعات ينبغى أن تكون فى أضيق الحدود وبأعلى الدرجات الاحترازية.. والتعامل بين بعضنا البعض ينبغى أن يأخذ شكلاً جديداً يحترم وجود الفيروس القاتل بيننا!
جميع إرشادات منظمة الصحة العالمية تؤكد أن انتقال الفيروس مقتصر على انتقال الرذاذ من الشخص المصاب للشخص الآخر.. وهنا يأتى دور «الكمامة» التى ما زال البعض ينظر إليها على أنها إجراء صورى لمواجهة الفيروس.. بل العكس هو الصحيح.. فهى خط الدفاع الأول فى هذه المواجهة.. باعتبار أنها الوسيلة الوحيدة التى تمنع خروج الرذاذ من الشخص المصاب.. وتحجم احتمالات انتقال العدوى للأشخاص الآخرين.. وبالتالى لو ارتدى جميع من يسيرون بالشوارع الكمامات كيف سينتقل الرذاذ إلى الأسطح الصلبة ومنها إلى الآخرين؟!.. وكيف ستنتقل العدوى بالتعامل المباشر بين المصاب والأصحاء؟!
أعتقد أن احتمالات العدوى ستكون فى أضيق الحدود.. ويكاد يكون هذا هو سر انتصار الصين على الفيروس.. بعد أن ألزمت كل الصينيين بارتداء الكمامة أثناء السير فى الشوارع أو التعامل مع بعضهم البعض.. ورأينا جميعاً مقاطع الفيديو التى تُظهر كيف تعاملت الشرطة الصينية مع هذا الإجراء وعدم تهاونها مع الأشخاص الذين خالفوا التعليمات.. والتعامل معهم بمنطق «مرتكبى الجرائم».
الأمر الآن أصبح فى غاية الصعوبة.. والمسئولية انتقلت من «مسئولية الدولة» إلى «مسئولية الفرد» فيما يتعلق بالحماية.. الحكومة لم تقصر فى اتخاذ جميع الإجراءات التى تحد من انتشار الفيروس.. والآن أصبحت مجبرة على التيسير لحماية ملايين المهددين من استمرار كساد الاقتصاد والحياة بهذا الشكل.. لذا وجب على الجميع أن يكون على قدر المسئولية حتى لا نعود للخلف مرة أخرى.. والقادم أفضل بإذن الله.