كيف تعامل الإسلام مع قضية الإرهاب؟.. دار الإفتاء تجيب

كيف تعامل الإسلام مع قضية الإرهاب؟.. دار الإفتاء تجيب
- الإرهاب
- دار الإفتاء المصرية
- دار الافتاء
- الجماعات الإرهابية
- الإرهاب
- دار الإفتاء المصرية
- دار الافتاء
- الجماعات الإرهابية
أعادت دار الإفتاء المصرية، نشر تقرير لها حول كيف تعامل الإسلام مع قضية الإرهاب أو ما يعرف بالإرجاف، تزامنا مع الحادث الإرهابي الأخير في سيناء.
وقالت الدار، في تقريرها إن الإرجاف، أو ما يسميه المجتمع الدولي الآن الإرهاب، لا يمكن أن يكون وليد الأديان، وإنما هو وليد العقليات الفاسدة، والقلوب القاسية، والنفوس المتكبرة، فإن القلب الرباني لا يعرف الفساد، ولا يعرف التخريب، ولا يعرف الكبر.
وأضاف: الإسلام دين تسامح وتعايش سلمي مع كافة البشر أفرادًا وجماعات، وينظر الدين الإسلامي للإنسان على أنه مخلوق مكرَّم، دون النظر إلى دينه أو لونه أو جنسه؛ قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70].
ووضع الإسلام دستور العلاقة بين المسلم وغيره في المجتمع الواحد: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8]. في هذه الآية يأمرنا الله بالإحسان إلى غير المسلمين وعدم إيذائهم من خلال قوله ﴿تَبَرُّوَهُمْ﴾، والبرُّ: جماع الخير. وكأن الله سبحانه وتعالى يأمرنا ويندب لنا التعاون مع غير المسلمين في كافة سبل الخير.
ولا يخفى على كل من عرف الإسلام مدى اهتمامه بالسلام العالمي؛ حيث جعله دعامته الأولى، بل إن السلام اسم من أسماء الله تعالى وصفة من صفاته؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الحشر: 23]، وجعله تحيته إلى عباده، وأمرهم بأن يجعلوا السلام تحيتهم، يلقيها بعضهم على بعض، وشعارهم في جميع مجالات الحياة، في المسجد والمعهد والمصنع والمتجر ... وسميت الجنة دار السلام؛ فقد قال الله تعالى: ﴿لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: 127].
والآيات التي ورد فيها ذكر السلام كثيرة.من هنا كان السلام شعار المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها منذ ظهور الإسلام حتى الآن، وهو شعار يُلقيه المسلم على غيره كلما لقيه وكلما انصرف عنه فيقول له: "السلام عليكم"، وهذا السلام والأمن لم يكن مقصورًا على المسلمين فحسب، بل يعتقد المسلمون دائمًا أن الإنسان مهما كان معتقده له الحق في العيش في أمان وسلام داخل وطن المسلمين فإن حماية الآخر من الظلم الداخلي أمر يوجبه الإسلام ويشدد في وجوبه ويحذر المسلمين أن يمدوا أيديهم أو ألسنتهم إلى أهل الذمة بأذًى أو عدوان، فالله تعالى لا يحب الظالمين ولا يهديهم، بل يعاجلهم بعذابه في الدنيا أو يؤخر لهم العقاب مضاعفًا في الآخرة.وقد تكاثرت الآيات والأحاديث الواردة في تحريم الظلم وتقبيحه وبيان آثاره الوخيمة في الآخرة والأولى، وجاءت أحاديث خاصة تحذر من ظلم غير المسلمين من أهل العهد والذمة.
يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا، أَوِ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ، فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه أبو داود في "سننه"، والبيهقي في "السنن الكبرى".
وحث الإسلام على السِّلم والأمن؛ لما لهما من تأثير بالغ الأهمية على استقرار حياة البشر وتقدمها في جميع المجالات، ولكي نعلم مدى تأثير السلم والأمن على التقدم بالنسبة للشعوب فعلينا أن نلقي نظرة على الآثار المدمرة للحروب على الشعوب والتقدم والرقي، فكما يقال: الضدُّ يُظهر حُسنه الضد.
وبينما نرى أن أول مقومات الرقي والتقدم للأمة هي صلاحية أفراد المجتمع صحيًّا وبدنيًّا لأداء وظائفهم نجد أن للحروب والعقوبات الاقتصادية آثارًا وخيمة على صحة الأمم وعافيتها.فإن التسامح مع المخالفين في الدين من قوم قامت حياتهم كلها على الدين وتم لهم به النصر والغلبة أمر لم يُعهد في تاريخ الديانات، وهذا ما شهد به الغربيون أنفسهم.يقول العلامة الفرنسي "جوستاف لوبون": [رأينا من آي القرآن التي ذكرناها آنفًا أن مسامحة محمد لليهود والنصارى كانت عظيمة إلى الغاية، وأنه لم يقل بمثلها مؤسسو الأديان التي ظهرت قبله كاليهودية والنصرانية على وجه الخصوص، وسنرى كيف سار خلفاؤه على سنته] اهـ. ينظر: "حضارة العرب" لجوستاف لوبون (هامش ص128).
فليس من العدل والإنصاف الاعتقاد بأن الإرجاف والإرهاب من الإسلام لمجرد أنه صدر من مجموعات تنسب نفسها إلى الإسلام، وإلا لكانت هذه دعوى لهدم جميع الأديان.