من نيوزيلندا إلى أمريكا.. حكاية الاحتفال بعيد العمال

كتب: حسام حربى

من نيوزيلندا إلى أمريكا.. حكاية الاحتفال بعيد العمال

من نيوزيلندا إلى أمريكا.. حكاية الاحتفال بعيد العمال

تحتفل كثير من دول العالم، اليوم الجمعة، والذي يوافق الأول من مايو من كل عام، حيث تعتبره بعض هذه الدول يوم عطلة رسمية، كما تشهد عدد من المدن فيه مسيرات "عمالية" حاشدة.

أصل حكاية عيد العمال هي ساعات العمل، ولعل عمال نيوزيلندا هم أوائل العمال حصولا على حقوقهم، فيما يتعلق بالعمل 8 ساعات يوميا، في العام 1840، وذلك عندما تمكن النجار صامويل بارنيل من الحصول على هذا الحق في العاصمة النيوزيلندية، وذلك حسب الموقع الأمريكي "World Book".

غير أن نيوزيلندا حددت يوم الاحتفال بأول عيد عمال في الثامن والعشرين من أكتوبر عام 1890، قبل أن يتم تعديله إلى رابع يوم اثنين من أكتوبر كل عام.

كما أن هناك من أرجع أصل عيد العمال إلى أستراليا يوم 21 أبريل العام 1856، واستندت أساسا إلى تحديد ساعات العمل بـ8 ساعات، وهي الفكرة التي انتقلت عبر المحيط الهادئ إلى الولايات المتحدة وكندا، حيث بدأت تتصاعد المطالب بتحديد ساعات العمل.

 

كيف أصبح الأول من مايو عيدا للعمال؟

في أكتوبر من العام 1884، عقد اجتماع للاتحاد الوطني لنقابات العمال والتجار، حيث تم تحديد الأول من مايو عام 1886 يوم البدء بالعمل 8 ساعات فقط.

وفيما كان ذلك اليوم يقترب، أخذت نقابات العمال الأمريكية تستعد لتنظيم إضراب عام دعما لتحديد ساعات العمل، وشهدت العديد من المدن الأمريكية، يوم السبت 1 مايو 1886 إضرابا عاما ومسيرات عمالية شارك فيها آلاف العمال بلغت تقديراتهم بين 300 إلى 500 ألف، وكان الشعار الذي توحد خلفه جميع العمال الأمريكيين في ذلك اليوم هو "8 ساعات في اليوم دون اقتطاع للأجور".

في 3 مايو التقى العمال المضربون في شيكاغو قرب مصنع شركة ماكورميك لمعدات الحصاد، حيث منع عمال اللحام من دخول المصنع منذ فبراير، فيما سمح المصنع للعمال الذين رفضوا الإضراب بالعمل بصورة طبيعية، وسط معارضة من العمال المضربين، وعندما انتهت ساعات العمل في المصنع في ذلك اليوم، قام حشد من العمال المضربين بمحاولة الاعتداء على العمال غير المضربين، فأطلقت الشرطة النار على المضربين، مما أدى إلى مقتل عاملين، وفي روايات أخرى 6 عمال.

وفي 4 مايو احتشد العمال في الميدان في مسيرة بدأت سلمية وبحضور قيادات عمالية نقابية وفي مساء اليوم ذاته، وصل عدد كبير من رجال الشرطة وتوجهوا إلى سيارة الخطباء العماليين، مطالبين بفض الاحتجاج، وأصر القيادي العمالي البريطاني صامويل فيلدن على أن الاحتجاج سلمي، وخلال المحادثة المشحونة، انفجرت قنبلة يدوية الصنع بين الحشود، فقتل 12 شخصا، من بينهم عدد من أفراد الشرطة.

واعتقلت السلطات الأميركية 8 أشخاص من الفوضويين، وصدر الحكم بإعدام 7 منهم، بينما حكم على الثامن بالسجن 15 عاما، وأصبحت أحداث هايماركت أصل الاحتفال بعيد العمال العالمي في الأول من مايو، بحسب المؤرخ وأستاذ الدراسات العمالية وليام أدلمان.

تجاوزت قضية هايماركت حدود الولايات المتحدة، إلى فرنسا وبلغ صداها عمال العالم، وفي المؤتمر الأول للنواب الاشتراكيين الدوليين، الذي عقد في باريس عام 1889، أحيا المؤتمر ذكرى ما بات يعرف بـ"مذبحة هايماركت"، كما وجهت دعوات للتظاهر إحياء لذكرى ضحايا هايماركت في العام التالي، أي 1890، وهو العام الذي شهد اعتبار الأول من مايو حدثا عماليا سنويا.

وفي عام 1904، دعا اجتماع مؤتمر الاشتراكية الدولية في أمستردام جميع المنظمات والنقابات العمالية في جميع أنحاء العالم، خصوصا الاشتراكية منها، إلى عدم العمل في الأول من مايو من كل عام، مع محاولة جعله يوم عطلة رسمية في عشرات الدول، ومنذ ذلك الحين، أصبح الأول من مايو احتفالا دوليا للإنجازات الاجتماعية والاقتصادية للحركة العمالية، طبعا باستثناء الولايات المتحدة.


مواضيع متعلقة