"ادعوا ربكم تضرعا وخفية".. تعرف على آداب الدعاء إلى الله

كتب: سعيد حجازي وعبد الوهاب عيسي

"ادعوا ربكم تضرعا وخفية".. تعرف على آداب الدعاء إلى الله

"ادعوا ربكم تضرعا وخفية".. تعرف على آداب الدعاء إلى الله

دعت دار الإفتاء المصرية، جموع المسلمين للدعاء والتضرع إلى الله لأن يزيل الوباء.

وقالت الدار، في تقرير لها، عبر موقعها الرسمي إن الله تعالى هو العليم، وعلمه سبحانه محيط وشامل لكل شيء؛ فهو عليم بخلقه وعباده يعلم أن لهم حوائج لا تقضى إلا بأمره، ولا ينال منها شيء إلا بفضله، فهو الغني وهم الفقراء إليه، وقد جعل سبحانه لكل شيء بابا، وجعل بابه الدعاء؛ فمن لزمه بيقين وتضرع نال كل خير وحصل كل مطلوب، ومن ابتعد عنه فقد كل شيء.

ولن يجد غير بابه ملجأ يلجأ إليه، ولأجل هذا، ولعموم النفع لجميع خلقه؛ أرشدهم سبحانه إلى ما فيه صلاحهم، فأمرهم بسؤاله ودعائه بما شاءوا، قال تعالى: ﴿ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين﴾ [الأعراف: 55]، ورغب سبحانه في ذلك بأن وعد بالاستجابة لمن توجه إليه بالدعاء وجعله جوهر العبادة؛ قال تعالى: ﴿وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين﴾ [غافر: 60]

وورد في "سنن أبي داود" عن النعمان بن بشير رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الدعاء هو العبادة، قال ربكم: ﴿ادعوني أستجب لكم﴾».ولأن الله تعالى هو الجواد الكريم المتفضل على عباده يأمرهم بالدعاء في كل الأوقات، إلا أنه تعالى خص بعض الأوقات بمزيد فضل يستحب عدم إغفالها في الاستغفار والتضرع والسؤال؛ وذلك كيوم الجمعة، ويوم عرفة، والثلث الأخير من الليل في كل ليلة؛ ففي "صحيح البخاري" عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر؛ يقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟».ولا تتوقف الفيوضات الربانية والنفحات الإلهية في باب الدعاء؛ فيرشد الحق سبحانه وتعالى عباده إلى مفاتيح الخير

ومنها: الأسماء الحسنى، قال تعالى: ﴿ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها﴾ [الأعراف: 180]، تلك الأسماء الحسنى التي أمرنا أن ندعو الله بها؛ فنقول: يا رحيم ارحمنا، ويا رزاق ارزقنا، ويا لطيف الطف بنا في جميع المقادير، وهكذا في جميع الأسماء بما يتناسب مع الدعاء.

ومن آداب الدعاء: أن يتحقق الداعي بحسن الظن بخالقه، وأنه سيجيب دعاءه ويحقق له مطلوبه ورجاءه؛ ففي "سنن الترمذي" عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة»، والله تعالى كريم حيي يستحي أن يدعوه عبده فلا يجيبه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا» "سنن أبي داود".وينبغي الإلحاح في الدعاء؛ فإن الله يحب الملحين في الدعاء، وأن يتمثل شروط الإجابة من إطابة المطعم من الرزق الحلال الطيب، وينبغي أيضا ألا يستبطئ رحمات ربه تعالى ويتعجل الإجابة.

والله تعالى يقول في الآية الكريمة: ﴿تضرعا وخفية﴾ أي: إذا كنت أيها العبد داعيا فاستحضر عظمة الخالق سبحانه بالانكسار والتذلل إليه، وإظهار الضعف والتضرع له؛ فهذا أقرب للقبول، وكذلك: اعلم أيها العبد أن ربك سميع قريب مجيب الدعاء؛ فلأجل ذلك احرص على الإخلاص في الدعاء، وترك الرياء؛ فإن هذا أدعى للمنح والعطاء.وفي ختام الآية الكريمة يحذر الحق سبحانه وتعالى من الاعتداء في الدعاء؛ فيقول: ﴿إنه لا يحب المعتدين﴾، ومن صور الاعتداء الممنوع في الدعاء: التكلف، والسجع في الألفاظ، ورفع الصوت عاليا، وطلب أمر مستحيل شرعا أو عقلا.

واختتمت الدار التقرير بقولها إن الدعاء من أكبر أبواب الخير متى طرق فتح، وهو سبحانه كريم إذا دعي أجاب، وإذا سئل أعطى، يمنح ولا يمنع إلا لحكمة وإن لم ندركها بعقولنا القاصرة، والمرء مأجور على كل حال، فينبغي عليه الاستفادة والانتفاع بهذا الباب ولزومه؛ فهو فعل الأنبياء والصالحين، وعباد الله المتقين.


مواضيع متعلقة