"بطل في مواجهة كورونا".. طبيب بـ"الجيش الأبيض": بكيت لوفاة خالة صديقي المصابة

كتب: سمر عبد الرحمن

"بطل في مواجهة كورونا".. طبيب بـ"الجيش الأبيض": بكيت لوفاة خالة صديقي المصابة

"بطل في مواجهة كورونا".. طبيب بـ"الجيش الأبيض": بكيت لوفاة خالة صديقي المصابة

كان مهموماً بأحوال المرضى حتى قبل الانضمام للفريق الطبي، فمنذ إعلان وزارة الصحة والسكان عن تحويل مستشفى بلطيم المركزي لمستشفى عزل لاستقبال المصابين بالوباء العالمي الجائح فيروس كورونا المستجد، فكر فى كيفية تقديم الدعم باعتباره أحد الأطباء المتخصصين في الرعاية المركزة والذين يتعاملون مع حالات المرضى الخطيرة، فأجرى اتصالاً هاتفياً بأستاذه الدكتور محمد كمال سلامة، أستاذ القلب بكلية طب كفر الشيخ، ليسأله عن ماذا سيحدث خلال الأيام المقبلة، إلا أن أستاذه طالبه بإنشاء جروب على تطبيق "الواتس آب"، وضم زملاءه أخصائيي الباطنة والرعاية المركزة على مستوى كفر الشيخ، ليختاروا فريقاً طبياً سيكون نواة العمل بالمستشفى.

لم يتردد الطبيب الشاب أحمد رجب القصاص، البالغ من العمر 31 عاماً، أخصائى الرعاية المركزة بمستشفى كفر الشيخ العام، فى تنفيذ تعليمات أستاذه، واستطاع تنفيذ ما طُلب منه بدقة عالية، ليفاجأ بعدها بدقائق أنه من أوائل الذين جرى اختيارهم ليكون فى الصفوف الأولى لمواجهة الفيروس اللعين، لم يتردد لحظة في القبول لكن واجهته مشكلة كيف سيُخبر أسرته وهو ولد وحيد، وكيف سيترك رضيعه الذي لم يُكمل شهره الرابع، إلا أنه سرعان ما احتسب عمله عندالله متسلحاً بكلمات والده الدائمة، أن أرواح الناس أمانة في عنقه وعليه أن ينحاز دائماً للمريض لأنه الحلقة الأضعف فى المنظومة، وشعر بالسعادة كونه سيكون من أوائل الذين سيؤسسون نظاماً بأول مستشفى عزل بالمحافظة.

يروى الطبيب الشاب تجربته وكيف أثرت فيه وعلمته، قائلاً: "تخرجت عام 2013 من كلية طب قصر العينى، وبحكم عملى أتعامل مع الحالات الحرجة، وأيقنت منذ بدء الأزمة، أن أخصائيي الرعاية المركزة والباطنة سيكون لهم دور مهم فى محاربة هذا الوباء التاجى، فلم أتردد لحظة في القبول، لم يكن لديّ أي مشكلة سوى كيفية إبلاغ أسرتي وبخاصة والدتى التى لم تستطع البعد عني لأنني وحيد على شقيقتين، أخبرت زوجي وأخفيت الخبر على والدتي، وبدأت تجهيز حقيبتى وقبل نحو 3 ساعات من سفري، وجدت والدتي تصلي الفجر، فجلست إلى جوارها وأخبرتها وأنا متخوف من رد فعلها، فقبلتني ودعت لي وقت الفجر وكانت دعواتها أكبر سلاح بالنسبة لى وأوصتنى خيراً بالمرضى، وذهبت للمستشفى انتابنى شعور بالرهبة للوهلة الأولى إلا أن استقبال الناس الحافل كان داعماً كبيراً في كسر تلك الرهبة".

بطل في الجيش الأبيض: "تركت ابني في عمر الـ4 أشهر واحتسبت عملى لله"

يضيف بطل فى الجيش الأبيض قائلاً: "كانت الفكرة الأصعب إني هبعد 14 يوما عن أسرتي وابني المولود من 4 شهور ومش عارفين الدنيا رايحة فين وجاية منين، لكن خدت القرار وتوكلت ع الله واحتسبتها إننا في سبيل الله والوطن، وهناك تعلمنا ازاي نلبس اللبس الواقى، إحنا كنا مطمنين إننا شغالين مع المرضى الأكثر مرضاً باعتبار أننا دكاترة عناية، إحنا اللي بنعمل كل حاجة ودا أقرب ما يكون للمريض، لكن لحظات استقبال أول فوج من المرضى مصابي كورونا كانت صعبة، استقبلنا عدد كبير مرة واحدة، ومعظمهم كبير فى السن وبيعاني من أمراض مزمنة، التجربة كانت خضة فى الأول، لكن كان عندنا رغبة في العمل وأمل في إنقاذ أرواح أهالينا".

وعن التعامل مع مصابى كورونا يوضح الطبيب الشاب: "كان عندنا رغبة نشوف كل حاجة مع المصابين، كنا بنؤهلهم نفسياً الأول خاصة في لحظاتهم الحرجة، اللى هى خلاص المريض محتاج يتحط على جهاز التنفس الصناعى، طبعاً دى بتكون المرحلة الأخيرة، أما ينجو ونفرح بشفائه أو نحزن ونبكى لوفاته، لكن إحساسنا بأن الدنيا كلها واقفة ورانا وبتدعمنا دا كان بيقوينا، اتصالات المسؤولين ورسايل الدعم والمحبة من الناس فرقت معانا، اللواء جمال نور الدين، محافظ كفر الشيخ، كلمنا كلنا وطمنا وشجعنا، الدعم النفسي كان أهم شيء عندنا وأساتذتنا كانوا بيطمنوا علينا يوميا، ولولا مكالمتهم وتشجيعهم كان ممكن الوضع يبقى صعب، أهالى بطلمي استقبلونا وودعونا بحفاوة".

الطبيب: "الأهالي استقبلونا وودعونا بحفاوة.. واتصالات القيادات دعمتنا"

وعن أسعد وأصعب اللحظات يؤكد الطبيب: "لحظات كويسة لما بحس بتحسن المريض، وينزل من الرعاية المركزة، ولما كان نتائجه بتتحول من إيجابية لسلبية وإنه خلاص هيخرج، وأصعب لحظاتى هى وفاة المريض، إنك بتحس بالعجز ومش قادر تعمل حاجة، وقتها بتكون حطيت خلاصة تعليمك وسنين خبراتك علشان تنقذ المريض، وكنا بنكلم أساتذة فى اللحظات الأخيرة علشان نحاول ننقذ الأرواح، لكن كان أمر ربنا بيبقى أقوى، كنا بنبذل أقصى حاجة علشان العلامات الحيوية للمريض تتحسن لكن لما كان بيفارق الحياة كنا بنبكى، وكانت أصعب لحظة هى وفاة خالة الدكتور محمد الزيات زميلنا معانا فى المستشفى، وأنا اللى أخدت قرار وضعها على جهاز النفس، كان أصعب قرار لما بلغته بوضعها على الجهاز وبكينا لا توفيت، لكن لسه عندنا إن الوباء ده هيختفى وهنرجع أحسن من الأول".


مواضيع متعلقة