ترامب والمطالبين بمعاقبة الصين بسبب كورونا.. ما السيناريوهات؟

ترامب والمطالبين بمعاقبة الصين بسبب كورونا.. ما السيناريوهات؟
في الوقت الذي تشهد فيه الولايات المتحدة الأمريكية أعدادا غير مسبوقة من الإصابات والوفيات وتتراجع فيه الصين بشكل شديد في تسجيل الإصابات والوفيات، اعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن مزاعم تخليق فيروس كورونا في مختبر قرب مدينة ووهان وسط الصين "منطقية"، مضيفاً خلال مؤتمر صحفي: "أمور غريبة كثيرة بدأت تحدث ولكن تحقيقات كثيرة تجري، وسنكتشف ذلك".
أصوات تطالب الرئيس الأمريكي بمعاقبة الصين بسبب "كورونا"
وفي الوقت نفسه ظهرت أصوات تطالب الرئيس الأمريكي بمحاسبة الصين بسبب كورونا، حيث قال جو بايدن، المرشح الديمقراطي المفترض في انتخابات الرئاسة الأمريكية، إن الأمريكيين يدفعون ثمن تقاعس الرئيس دونالد ترامب عن محاسبة الصين على تفشي كورونا.
وبالإضافة إلى ذلك، بدأت تتحول الاتهامات التي تطلقها الإدارة الأمريكية ضد بكين إلى دعوات لمعاقبتها ماليا، خاصة وأن الصين أكبر مالك للسندات الحكومية الأمريكية، ويرى المراقبون والمتابعون في ظهور أصوات داعية إلى معاقبة الصين بحجة إخفائها معلومات عن مصدر فيروس كورونا، كانت تمهيدا لإعلان الولايات المتحدة في وقت لاحق عدم التزامها بسداد ديونها للصين.
ودعت السيناتور من ولاية تينيسي، مارشا بلاكبيرن، إلى اتخاذ إجراءات ضد الصين، قائلة: "ستعاقب بكين لإخفائها معلومات عن تفشي كورونا في ووهان، الأمر الذي تسبب في أزمة صحية عالمية، بشطب جزء من ديونها التي بذمة أمريكا".
ودعمها في ذلك السيناتور المعروف، ليندسي غراهام، مؤلف العديد من مشاريع القوانين المتعلقة بالعقوبات ضد روسيا.
وقال غراهام في تصريح لشبكة "فوكس نيوز" في وقت سابق: "هذا هو الوباء الثالث من الصين. إنها تأتي من هذه الأسواق القذرة، حيث لديهم الفئران والقردة المصابة بالفيروس، والتي يتم نقلها بعد ذلك عن طريق الطعام".
وأضاف السيناتور أنه "يجب على العالم أجمع أن يحسب فاتورة الوباء وجعل بكين تدفع الفاتورة.. وأريد أن نبدأ في شطب جزء من ديوننا للصين، لأنهم هم الذين يجب أن يدفعوا لنا، وليس نحن لهم".
سفارة الصين بالقاهرة: اتهامات بلادنا بنشر كورونا لا أساس له من الصحة
ورد الوزير المفوض فى سفارة الصين لدى مصر، لي يانغ، على الاتهامات بمسؤولية بلاده عن نشر فيروس كورونا، وقال إنه لا أساس لصحة هذه الاتهامات، معتبراً أن الهجوم ضد الصين بلا أساس.
وأضاف: "مثلما قالت منظمة الصحة العالمية هذا وقت العلم والحقائق والتضامن، وليس التنمر"، واصفاً فيروس كورونا بأنه "عدو البشرية"، وقال إن الوقت الحالى يتطلب "التضامن بدلاً من توجيه الاتهامات بلا أساس".
وكشفت آخر البيانات في الولايات المتحدة تسجيل 30 ألفاً و905 إصابات بكورونا خلال 24 ساعة بين يومي 16 و17 الشهر الجاري، وهي أكبر حصيلة إصابات يومية على المستوى العالمي.
وأظهرت بيانات جامعة "جونز هوبكنز" الأمريكية تسجيل وفاة 4591 خلال الفترة نفسها جراء إصابتهم بكورونا في الولايات المتحدة، وهو أيضاً أكبر رقم كحصيلة يومية يتم تسجيلها منذ تفشي الفيروس.
أيمن سمير: العقوبات الأمريكية والغربية ضد الصين قد تأخذ أشكالًا مختلفة.. ولكنها عملية صعبة وتحتاج إلى أدلة وبراهين
وعلق الدكتور أيمن سمير الخبير في العلاقات الدولية، بأن العقوبات الأمريكية والغربية من الممكن أن تأخذ أشكالًا مختلفة، مشيرا إلى أن الشكل الأول منها هو تشجيع الشركات الأمريكية على عدم الذهاب للصين مرة أخرى والاعتماد على التصنيع على الأراضي الأمريكية، كما يقوم الرئيس الأمريكي ترامب الآن بسلسلة من التحفيذ التي توجد في منطقة تسمى بـ"حزام الصدع" والتي توجد في أكثر من 10 ولايات أمريكية حتى تعود الشركات الأمريكية من الصين وتبدأ الإنتاج هناك.
وأضاف سمير لـ"الوطن"، أن الشكل الثاني من العقوبات من الممكن أن يتجسد في فرض عقوبات على المنتجات الصينية فيما بعد حتى لا تدخل ولا تستفيد الصين من السوق الأمريكي، وتابع: "في اعتقادي التعاون مع شركة هواوي والجيل الخامس مع الصين في الفترة المقبلة تحديدا في أوروبا سيكون صعبا للغاية لأن الرواية الأمريكية أصبحت أكثر تصديقا وقربًا من صانع القرار في أوروبا من الرواية الصينية، قبل كورونا كان هناك اتهامات للولايات المتحدة الأمريكية أنها تعادي وتنافس الصين، لكن الآن أصبحت الرواية الأمريكية أصبحت أكثر صدقًا، ويوميًا بعد يوم يتضح للعالم أن الصين لا تتسم بالشفافية، ولكن من الصعب أن تكون هناك إجراءات عقابية ضد الصين في مجلس الأمن لأن الصين موجودة في مجلس الأمن وروسيا أيضًا، وفي تصوري الخلافات قد تبدأ بشكل تجاري".
وتابع: "وإذا وصلت الولايات المتحدة الأمريكية لأدلة قاطعة وبراهين على أن الصين صدرت هذا الفيروس للولايات المتحدة الأمريكية، ففي تلك اللحظة سوف يعتبر عدوان صيني على البشرية وتحديدا على الولايات المتحدة الأمريكية، وستتحمل الصين تعويضات لأهالي المصابين والقتلى، أو ربما تنشأ نوع من الحروب بين والمجتمع الدولي".
وقال سمير إن هناك اتجاه متزايد في العالم لمعاقبة الصين وليس فقط في الولايات المتحدة الأمريكية ولكن في دول أخرى مثل بريطانيا وفرنسا وأستراليا التي قال فيها وزير الصحة إن الذين أصيبوا والذين توفوا لابد وأن يعرفوا ما الذي جرى في الصين، مشيرًا إلى تصريحات بايدن بشأن محاسبة الصين على ما فعتله في الولايات المتحدة.
وعن احتمالية تحول الغضب ضد الصين إلى عقوبات قال سمير: "إنها عملية صعبة للغاية وتحتاج إلى أدلة، وحتى الآن لا تتوافر أدلة ملموسة ومادية لمعاقبتها". وأضاف أنه من الممكن أن تقوم الولايات المتحدة وشركائها الغربيين بفرض بعض العقوبات الفردية تجاه الصين.
وأنهى سمير حديثه قائلًا إن: "الخلاصة أن القناعة الدولية حتى لأصدقاء الصين باتت تزداد بشكل كبير جدًا أن هناك مسؤولية ما على الصين ووزير الصحة الإيراني قال إن الصين صدرت لنا نزحة مؤلمة، ووزير الصحة البرازيلي تحدث عن نفس الأمر وابنه أيضا، بالتالي نحن أمام غموض كبير جدًا، والرواية الصينية لم تعد لها نفس المصداقية التي كانت لديها في يناير وفبراير الماضيين".
إعلامية صينية: لا يوجد سابقة لمحاسبة دولة بسبب "فيروسات".. ولا يوجد دليل فعلي على اتهامنا
وتعليقا على تصريحات ترامب، قالت قالت فيحاء وانج، مراسلة الإذاعة الصينية في القاهرة إنه لا يوجد مثل سابق لمحاسبة أية دولة بسبب الفيروسات، لأن الخسارة من الفيروسات للبشرية كلها، مضيفة: "إذا لم نقم بالإجراءات الوقائية الصارمة، ماذا سيحدث، المزيد من الخسارة، عند البداية كثير من الدول لم تهتم بهذا الفيروس وحدث تنمر على الصينيين بسبب ارتداء الكمامات، واتهمت الصين بتدمير حقوق الإنسان، أعتقد حق الحياة هو أكبر حق للإنسان، وعلى كل حال، الفيروسات ليست لها جنسية أو حدود جغرافية أو ديانة، هي عدو مشترك للبشرية كلها، لا يجوز تسييس أزمة الفيروس، فهو يضيع الوقت لمكافحة الفيروس".
وأضافت في اتصال هاتفي لـ"الوطن"، أنه "لا يوجد دليل فعلي على مصدر الفيروس، أو إخفاء عمدي لمعلومات الفيروس، في الحقيقة، فإن كورونا المستجد فيروس جديد لا أحد يعرف، ويوجد دليل على أنه ربما قد بدأ الانتشار منذ سبتمبر الماضي في دول العالم، لكن لا أحد يعرف أنه كورونا المستجد، وعندما تفشى في الصين في البداية لم نعرف خطورته أيضًا، إلا بعد ظهور الدفعة الأولى من المصابين لهم اتصال وثيق بعضهم مع البعض، وقمنا بالتحاليل لتأكيد نوعه وخطورته، وفور اكتشاف تسلسله الجيني أرسلناه إلى منظمة الصحة العالمية"، مضيفة أنه بسبب نقص الثقة المتبادلة بين دول العالم وبين الشعب والحكومة خاصة الشائعات مثل مقاطعة المنتجات الصينية، يعرقل عملية مكافحة الفيروس.
وأكدت وانج أن هذه الأزمة درس للبشرية كلها وإبراز لأهمية التضامن والتعاون على أساس الثقة المتبادلة وحماية الحيوانات والطبيعة ومحاربة العنصرية والتطرف، وقالت: "أعتقد دول العالم الأخرى لا تتخذ اتهاماته بجدية".