بالفيديو| رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب فى ندوة «الوطن»: الاهتمام بالثقافة ضرورة لمواجهة «التطرف»

بالفيديو| رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب فى ندوة «الوطن»: الاهتمام بالثقافة ضرورة لمواجهة «التطرف»
أكد الدكتور أحمد مجاهد، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، أن الثقافة فى المرحلة المقبلة باتت ضرورة لمصر وليست نوعاً من الترف، وأصبح على الدولة الاهتمام بها بشكل أكبر، ونجاح ذلك مرهون بتطبيق سياسة الاهتمام بالأطراف لا المركز، مضيفاً فى ندوة «الوطن» أن هناك العديد من المشاكل والمعوقات التى تواجه الهيئة العامة للكتاب، وأنهم فى سبيلهم لتجاوزها بعدما اعتمدوا بالفعل سياسة جديدة للنشر واستقطاب قامات كبيرة لينضموا لكُتَّاب الهيئة، فضلاً عن تعديل سياسة التوزيع والتسويق فى المرحلة المقبلة.
■ الوطن: بداية، ما تقييمك لوضع الثقافة فى الفترة الانتقالية الحالية وما تشهده من تحديات؟
- من الصعب تقييم الوضع فى الفترة الحالية، فالمرحلة الانتقالية لم تتضح معالمها بعد، لكن من المؤكد أن وصول الإخوان للحكم كان بمثابة فشل ذريع للمثقفين والتيار المستنير فى مصر، ولا يصح أن نحمل الوزارة مسئولية تشكيل الوعى وما وصل إليه المشهد الثقافى وحدها، فهى تجتهد فى تقديم أقصى ما تستطيع فى حدود إمكانياتها، خصوصاً أن للثقافة نوعين: ثقافة إجبارية يكون مصدرها المدرسة والجامعة والمسجد والكنيسة، وثقافة اختيارية مثل التليفزيون والصحف والسينما والمسرح والكتاب، ويذهب إليها المواطن بنفسه دون إجبار، لذلك أؤكد أن التيار التنويرى فى المجتمع فشل فى استقطاب شرائح كبيرة من المصريين الذين كانوا ضحايا للفكر الإرهابى ووقعوا فى براثنه وتوجهاته المتطرفة، ووزارة الثقافة رافد من هذه الروافد التى تغذى الثقافة فى المجتمع، والمثقفون لهم دور مهم فشلوا فى تقديمه قبل ثورة 25 يناير.
■ الوطن: ولكن ألم يكن لهم دور بارز فى الأزمات الأخيرة، خصوصاً فى ثورة 30 يونيو؟
- المثقفون المصريون على اختلاف أيديولوجياتهم وانتماءاتهم اتحدوا فى التاريخ الحديث مرتين؛ الأولى كانت فى أعقاب نكسة 67 عندما كان الأمن القومى المصرى مهدداً وفى خطر والأرض المصرية محتلة، والثانية فى 2013 بعد الهجمة الشرسة التى تعرضت لها الثقافة فى عهد وزيرها الإخوانى علاء عبدالعزيز، فتوحد المثقفون فى اعتصام وزارة الثقافة، عندما وجدوا الهوية المصرية فى خطر. ولا بد من التأكيد على أن سقوط نظام الإخوان فى مصر لا يعنى بالضرورة نهاية هذا الفكر المتطرف من المجتمع، فالأمر يتطلب محاربة هذا الفكر لأنه لا يتركز فى حاملى السلاح فقط وإنما يمتد إلى حاملى الأفكار الذين ينشرون التطرف فى المجتمع، وهنا يأتى دور الثقافة والتيار المستنير.
■ الوطن: وما الأزمة الرئيسية التى تواجه تيار الاستنارة وصناعة الوعى؟
- لدينا مشكلة كبيرة تكمن فى تركيز التنمية فى المركز على حساب الأطراف، ومصر لن يقوم لها قائمة إلا إذا تغيرت هذه السياسة بالاتجاه إلى الأطراف والاهتمام بها، لأنها تحظى بالعديد من المواهب التى تحتاج إلى فرصة، كما أن هذا الأطراف هى التى صنعت نهضة المركز من خلال مبدعيها الذين زحفوا إلى العاصمة وقدموا إبداعات متميزة، فلا يوجد شىء اسمه إبداع المركز وإبداع الأطراف، الإبداع إبداع أياً كان موقعه، ونحن نحتاج إلى الشعور بكوننا مجتمعاً واحداً يحمل حلماً قومياً واحداً.
■ الوطن: إلى أى مدى يؤثر الوضع الاقتصادى الحالى على ميزانية الثقافة؟
- بكل تأكيد كان تأثيره كبيراً، ولكن الأمر لا يقاس بهذا الشكل، فالثقافة منذ البداية لا تحظى للأسف بما يتناسب مع أهميتها فى ميزانية الدولة، فهى تعمل بـ0.8% من إجمالى موازنة الدولة، ولا تذهب كلها للأنشطة، فأذكر مثلاً أنه فى وقت شَغلى لمنصب رئيس هيئة قصور الثقافة فوجئت بأن الميزانية العامة للهيئة تصل إلى 200 مليون، منها 22 مليوناً فقط مخصصة للأنشطة، وقلت وقتها فى مجلس الشعب إن ما يحدث فى قصور الثقافة هو إهدار للمال العام، فهناك ما يزيد على 17 ألف موظف تصل رواتبهم إلى 130 مليون جنيه فى السنة يشرفون وينفذون فعاليات لا تتجاوز تكلفتها 22 مليوناً، ولكن للأسف قبل الثورة لم تكن الثقافة على قائمة أولويات النظام، فهذا أمر مفروغ منه ولا بد من الاعتراف به.
■ الوطن: وهل تتوقع أن تحظى الثقافة بقدر أكبر من اهتمام الدولة فى المرحلة المقبلة؟
- من المفترض أن تكون الثقافة والفن على رأس قائمة أولويات الدولة فى المرحلة المقبلة، ليس بصفتهما ترفاً وإنما ضرورة حتمية، وذلك لمحاربة الفكر المتطرف المنتشر فى المجتمع، ولكن نظراً لصعوبة الظروف الحالية فكل الوزارات بما فيها الثقافة تعمل فى حدود الممكن لا المطلوب، والأمر كله مرهون بتنفيذ خريطة الطريق وانتهاء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لنبدأ بعدها مرحلة البناء الحقيقى.
■ الوطن: ما أهم المشكلات التى تواجه هيئة الكتاب فى الفترة الحالية؟
- عندما بدأت عملى فى الهيئة التقيت المسئولين فى وزارة المالية وأكدت لهم أن ميزانية الهيئة لا تكفى، لأن الهيئة لها دور كبير فى الطباعة والنشر، وزيادة الطباعة والتوزيع تتطلب أموالاً إضافية للعمال فى الهيئة، خصوصاً أنها غير هادفة للربح وهدفها الأساسى نشر الثقافة، بالإضافة إلى أن الهيئة، وفقاً للقانون، مُلزمة بطباعة الكتب بالورق المصرى، فى الوقت الذى تستخدم فيه دور النشر الخاصة والمنافسة الورق المستورد وهو أفضل وأرخص من المصرى، ورغم ذلك الهيئة أصبحت تحقق دخلاً لم تحققه فى تاريخها، وهناك تغيير فى سياسة النشر داخلها من خلال اختيار الكتب وطريقة تسويقها، واستطعنا التعاقد على إصدار الأعمال الكاملة لعدد كبير من الكتاب الكبار، مثل عبدالرحمن الأبنودى وسيد حجاب وصلاح جاهين ومحمد ناجى وأحمد عبدالمعطى حجازى وجمال بخيت ومحمود أمين العالم وصبرى موسى وأحمد فؤاد نجم وصلاح عبدالصبور، وغيرهم.
■ الوطن: كيف حدثت تلك التعاقدات فى ظل منافسة دور النشر الخاصة؟
- الهيئة العامة للكتاب هى أكبر ناشر فى الوطن العربى، وبالتالى من الطبيعى أن يحرص على النشر فيها كافة الكتاب، كما أن عدداً كبيراً منهم تربطنى بهم علاقة مبنية على الثقة ترجع للفترة التى توليت فيها تطوير مشروع النشر فى هيئة قصور الثقافة، فضلاً عن أن معظم الكتاب يدركون جيداً أننا وحدنا القادرون على تقديم الكتاب بشكل جيد وتسويقه وتوزيعه عربياً بشكل مميز، كما نقدر قيمة هؤلاء الكتاب ونوفر لهم مقابلاً بأعلى سعر يمكن دفعه، ومن الضرورى أن تكون هذه القامات الكبيرة داخل هيئة الكتاب المصرية لأنها أكبر هيئة متخصصة فى النشر فى الشرق الأوسط، ونحن وحدنا القادرون على طباعة الأعمال الكاملة بشكل مميز، كما أننا نعمل بسياسة الصناعات الثقيلة فنحن فقط القادرون على طباعة «حوليات مصر السياسية»، كما قدمنا 12 جزءاً لفؤاد حداد، و8 أجزاء لفتحى غانم، و7 لصلاح جاهين، و6 لمحمد البساطى. وأعتقد أنه لا توجد جهة نشر خاصة تستطيع أن تقدم ما نقدمه فى هذا المجال.
■ الوطن: من السلبيات التى كان يعانى منها كتاب الهيئة اعتماد سياسة «النشر بالطابور»، كيف يمكن القضاء على ذلك؟
- للأسف عدد كبير من الناس يتعامل مع الهيئة على أنها ستنشر أى شىء يكتبه، وهذه كارثة، لذلك وضعنا معايير جديدة للنشر، وبدأنا ننشر ما يحتاجه المجتمع ولدينا أولويات لذلك، ونحن فى طريقنا للقضاء على سياسة النشر بالطابور، فالهيئة الآن تختار الموضوع والكاتب، وتكلفه بكتابة الكتاب فى معظم السلاسل، ونحن بصدد وضع سياسة جديدة تماماً للنشر، وإعادة النظر فى السلاسل ورؤساء تحريرها بالتشاور مع عدد كبير من المثقفين.
■ الوطن: وما أبرز المشاكل التى تواجه توزيع الكتاب رغم امتلاك الهيئة للعديد من المنافذ فى أنحاء البلاد؟
- الهيئة بالفعل تمتلك عدداً كبيراً من منافذ التوزيع فى جميع أنحاء الجمهورية، وبالتأكيد تعانى من الإهمال ولا تلقى الاهتمام الواجب، لكننا بصدد القضاء على هذا الأمر، وبدأنا بالفعل تنفيذ خطة شاملة لتطوير فروع الهيئة ومنافذ توزيعها، وسنعمل على أن يكون منفذ التوزيع مجهزاً بالشكل الذى يجذب القارئ ويليق بالهيئة وتاريخها، وبدأنا تطوير بعض الفروع وتحويلها لمراكز ثقافية، ومنها المركز الدولى للكتاب، حيث نعمل على تحويله إلى مركز ثقافى من 3 أدوار، يضم «كافيه» وقاعة لحفلات توقيع الكتب، فضلاً عن اعتماد سياسة أرشفة الإصدارات التى تقدم فى منافذ التوزيع، فنحن نقدم ما يقرب من 700 عنوان كل عام ولدينا بالفعل مشكلة فى عرض الكتب بالمنافذ وسيجرى القضاء عليها بعمل أرشيف إلكترونى فى كل منفذ.
■ الوطن: هل هناك تعارض فى النشر بين هيئة الكتاب وقصور الثقافة والمجلس الأعلى للثقافة؟
- ما زلت أكرر أن كل ما يطبع ويُترجم داخل مصر فى دور النشر الحكومية والخاصة أقل مما ينبغى، وما زلنا نحتاج لطباعة كتب أكثر، لكن هناك غياب للتنسيق بين هيئات الوزارات لأننا نعمل فى جزر منعزلة، والتنسيق يبدأ من قاعدة بيانات تكون متاحة للجميع وتخصص فى النشر، فهيئة قصور الثقافة لا بد أن تهتم بنشر إبداعات الأقاليم، والمجلس الأعلى للثقافة لا بد أن يهتم بالنشر المرتبط بالسياسة الثقافية والكتب البحثية الخاصة به ومشروعات التفرغ وإصدارات المؤتمرات، وتكون هيئة الكتاب هى وحدها المسئول الأولى عن نشر الكتب فى جميع المجالات.
■ الوطن: وماذا عن دور الهيئة وسياستها فى النشر الإلكترونى؟
- الهيئة مهتمة جداً بالنشر الإلكترونى، وأهم الكتب التى نسعى لتقديمها إلكترونياً الموسوعات وكتب الفن التشكيلى، لأنها مكلفة فى طباعتها، كما أنها ستصبح غنية بالصور الجذابة وبجودة عالية، وقد بدأنا تقديم عدد من الأعمال على أقراص مدمجة مثل أشعار الأبنودى وجمال بخيت، وفى الطريق سيد حجاب، وغيرهم.
■ الوطن: هل تؤثر قرصنة الكتب فى الإنترنت على هيئة الكتاب؟
- بالعكس، ما يهمنى كمؤسسة ثقافية هو انتشار الكتب ووصولها إلى أكبر عدد من القراء فهذا نجاح لنا، فنحن مؤسسة لا تهدف للربح بقدر ما تسعى لنشر الثقافة، ولكن بالتأكيد القرصنة تهدد النشر الخاص الذى يهدف للربح.