"لك القوة والمجد".. بيوت المسيحيين تتحول لكنائس مسبحة في البصخة المقدسة

كتب: ماريان سعيد

"لك القوة والمجد".. بيوت المسيحيين تتحول لكنائس مسبحة في البصخة المقدسة

"لك القوة والمجد".. بيوت المسيحيين تتحول لكنائس مسبحة في البصخة المقدسة

ربما أغلقت الكنائس، لكن القلوب لم تغلق والشفاه لم تتوقف عن التسبيح، والبيوت أصبحت "كنائس"، وكأن قرار الإغلاق الصادر للتصدى لتفشي فيروس كورونا المستجد جاء لينشط الحياة الروحية لدى المسيحيين في مصر، فحتى من كان لا يواظب على حضور البصخة أصبح يقف أمام ركن الصلاة مسبحا ومناجيا لله في ظل أزمة نرفع إيدينا لتمر وليحفظ الله بلادنا من كل شر.

"لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد آمين يا عمانوئيل إلهنا وملكنا" تسبحة البصخة المقدسة التي تصدح بها الكنائس في أسبوع الآلام أصبحت تصلي يوميا في البيوت، فكل أسرة تقف أمام ركن الصلاة وترفع قلوبها لله مؤمنين أن منازلهم يجب أن تكون "بيوت صلاة بيوت طهارة بيوت بركة"، ولهذا أصبح في كل بيت كنيسة.

"وإِلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِكَ"، هكذا يقول بولس الرسول في رسالته إلى فيلمون، فالبيوت أيضا كنائس حين تعمر بالصلاة والتقوى، وقال البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية في ختام صلاة التجنيز العام أمس في أحد الشعانين "حتى لو كانت الظروف لا تسمح بالوجود في الكنيسة، فبيتك هو كنيسة وكل واحد بمثابة هيكل".

"لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ"، بحسب إنجيل متى، تقول مريم سمير التي حولت بيتها لكنيسة ووضعت صور الصلبوت والشموع والستر الأسود تحت شاشة التلفزيون الذي أوقفته على القنوات التي تبث صلوات البصخة المقدسة. 

"صور الصلبوت والقناديل والبخور وكل ما امتلك من صلبان في البيت، وصلينا أنا وجوزي بصخة ليلة الإثنين مع التليفزيون، وشعرنا بروح السيد المسيح في بيتنا"، وتتابع في حديثها لـ"الوطن": "عملت ركن الصلاة يوم السبت لبدء صلوات البصخة من أولها"، فهي لا تحب التأخير في طقوس الصلوات، لتكون مستعدة في أي وقت، وتوضح "الاستعداد يكون روحيا قبل الاستعداد بركن الصلاة" هكذا تؤمن وأسرتها التي بدأت بالفعل في صلاة البصخة المقدسة من المنزل.

"مثل زكا العشار" تشتهد بقصة زكا العشار الذي كان يريد أن يرى يسوع فتسلق شجرة ليراه ورغم الزحام رآه يسوع وذهب إلى منزله، فهي ترى أن ركن الصلاة على بساطته ربما يكون مثل "شجرة زكا" التي من خلالها دخل المسيح بيته. ولذا قررت أن تصلي أسبوع الآلام مثلما تصليه في الكنيسة، رغم أن لا شيء يعوض الوقوف في الكنيسة أو أمام المذبح "لكن هنعمل بالآيه القائلة("من اجتمع اثنين أو أكثر علي اسمي أكون وسطهم) وبيوتنا لازم تكون (بيوت صلاة بيوت طهارة بيوت بركة)". 

"الإنسان من يقدس المكان ليس المكان من يقدس الإنسان" بحسب القديس يوحنا ذهبي الفم، وبحسب استشهاد بولا سامح، الذي يتحدث عن كتاب صلوات السواعي، وهي الصلوات السبع المصلاة في البيوت للأشخاص العاديين، أي من غير الرهبان أو الرتب الكهنوتية.

أمير رشدي، من الجيزة حرص أيضا على نصب ركن الصلاة في منزله، ويقول "بنمر بظروف صعبة على العالم كله.. الشعوب كلها شبه أصبحت محبوسة في البيوت وبسبب وباء كورونا اتقفلت الكنائس والمساجد.. وممنوع أي تجمعات، ولكن إحنا الآن في أسبوع من أقدس أيام السنة كلها، بخاصة عند المسيحين، وهو أسبوع الآم المسيح وفي ظل غلق الكنائس فكرنا كمسيحين جعل كنيسه داخل كل بيت".

"زادت عدد الكنائس" يقول أمير لـ"الوطن" الذي يرى أن إغلاق الكنائس بسبب كورونا لا يؤثر على الصلوت المرفوعة خلال أسبوع الآلام، فأصبح في كل بيت كنيسة، لأزيد عدد الكنائس على عكس المتوقع بغلق أبواب الكنائس جراء تفشي الفيروس المستجد.

ويتابع، لم أكن مواظبا جدا على الحضور في الكنيسة من قبل لظروف عملي لكن الآن وفي ظل الحظر الصحي، فالصلاة أصبحت في كل وقت ونحاول أن نعيش أسبوع الآلام وكأننا في الكنيسة.

"ليست عادة جديدة".. تقول مارينا عيد، التي تربت في منزل يحتفظ بركن للصلاة في كل وقت، يحمل صور القديسين وتوضع فيه الشموع ولا يزيد عليه إلا الستار الأسود الموضوع بسبب أسبوع الآلام.

"ميعاد صلاة ثابت يوميا"، هكذا حدد "نعيم عزيز" وقتا لاجتماع أسرته وجيران العمارة الواحدة لصلاة البصخة أمام التلفزيون يوميا طوال أسبوع الآلام للعيش في أجواء أسبوع الآلام.

"بنستناه من السنة للسنة ومفيش حجة عند حد النهاردة، كلنا في بيوتنا والكنيسة جت لحد عندنا"، كانت وجهة نظره للأحداث التي حولت شكل الاحتفالات كليا، ويتابع لـ"الوطن"، "أهم حاجة الصلاة تكون من القلب سواء في البيت أو الكنيسة المهم قلوبنا نرفعها لربنا".


مواضيع متعلقة