طريقة صنع الميرون المقدس.. البابا يدخل التكنولوجيا لأسرار الكنيسة

طريقة صنع الميرون المقدس.. البابا يدخل التكنولوجيا لأسرار الكنيسة
قررت الكنيستين القبطية الأرثوذكسية والكاثوليكية، تأجيل عمل "الميرون المقدس" الذي كان محددا له خلال تلك الفترة التي تسبق احتفالات أسبوع الآلام وعيد القيامة المجيد، وهو أحد أسرار الكنيسة السبع، في إطار الإجراءات التي اتخذتها لمواجهة فيروس كورونا المستجد.
والميرون، كلمة يونانية معناها دهن أو طيب أو رائحة عطرة، ويعتبره الأرثوذكس سرا ينال به المعمد نعمة الروح القدس ويرشم به أعضاء الجسم 36 رشمة، فيما يتفق الكاثوليك عليه مع الأرثوذكس، إلا أنّهم يعتقدون أنّ ممارسته تكون في السن بين 7 - 12 سنة، بينما لا يؤمن البروتستانت بهذا السر إلا بعض طوائفها ولا يتم بالزيت بل بوضع اليد.
ويعد "الميرون المقدس"، أحد أسرار الكنيسة السبع الذي يستخدم في تقديس مياه المعمودية، ورشم المعمدين، كما يُدشن به الكنائس والمذبح وأواني المذبح، وكان يستخدم قديما في تكريس الملوك، وسر "الميرون" لا يتكرر في حياة المسيحي إلا مرة واحدة.
والميرون بحسب طقس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يصنع من 27 مادة إذ يتكون من (تين الفيل وتلك المادة لا يوجد لها زيت لذلك يتم إحضارها كنبات وطحنه، دار شيشعان، السليخة، قرفة خشبية، لافندر، عرق الطيب، قصب الذريرة، القرفة البيضاء، صندل مقاصيري، صندل أحمر وهو من النباتات الصلبة جدا والتي يمكن أن تكسر ريشة ماكينة الطحن، قرنفل، قسط هندي، ورد بلدي، بسباسة، حصا لبان، سنبل الطيب، دارسين، زعفران، صبر قسطري، عود قاقلي، ولادن، صمغ، مر، الميعة السائلة، حبهان، مسك سائل، عنبر، البلسم).
وسبق وصنع البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، "الميرون المقدس" مرتين في عهده الأولى في أبريل 2014، وقد أدخل طريقة تقنية جديدة في صنعه بعيدا عن الطريقة التقليدية، ما تسبب وقتها في فتح باب الهجوم عليه.
والطريقة التي اعتمدها البابا والمجمع المقدس في 2014 تقنية تستخدم فيه الزيوت العطرية المستخلصة على أعلى درجات النقاء من المواد السبعة والعشرين التي تستخدم كمواد صلبة في معظمها في صنع الميرون، بهدف إخراج زيت الميرون خال تماما من الماء الذي يفسده، ومنع الهدر في الزيوت العطرية، وإعطاء جودة المزج لأنها زيوت تخلط مع زيت الزيتون بدلا من مسحوق مواد صلبة مع زيت الزيتون، كما أنّ الطريقة الجديدة تستهدف عدم تعرض الخلط لخطر الاحتراق لسبب ضعف التقليب وعدم انتظام سرعته، والاستغناء عن عمليات الطحن والنخل والمواقيد وأجهزة التصفية وعمليات التقليب المرهقة الطويلة، وعمل كميات أكبر لاحتياجات الكنائس في تدشين المذابح والأيقونات وأواني الخدمة.
وكان البابا أخذ موافقة "المجمع المقدس" على الطريقة الجديدة في اجتماع المجمع المقدس في فبراير 2014، وعرض القمص جوارجيوس عطا الله الكاهن بإيبارشية لوس انجيلوس بأمريكا (وهو دارس متخصص في الكيمياء واستعان به البابا شنودة الثالث في كل المرات التي تم عمل الميرون فيها وهي 7 مرات من 1981 وحتي 2008) طريقة صنع "الميرون" باستخدام الأسلوب الجديد وأجاب على الأسئلة التي طرحها المجتمعون ودارت مناقشات ولم يفرض رأي معين واخذت الموافقة برفع الأيدي.
ولكن ما إن تم الإعلان عن الأمر حتى بدأت حملة الهجوم واتهام البابا بالتفريط في الإيمان الأرثوذكسي، وأخذت حملات الهجوم من مواقع التواصل الاجتماعي منصات لهذا الغرض، وأمام تلك الحالة خرج البابا ليهاجم منتقدي الطريقة الجديدة والمشككين فيها، وذلك في افتتاحية مجلة الكرازة الناطقة بلسان الكنيسة.
وقال البابا: "لدينا غيرة كبيرة على كنيستنا الأرثوذكسية ولا ننتظر أن يعلمها لنا آخرون مهما كانت التسميات التي يطلقونها على أنفسهم، والتي توحي للعامة أنّهم فقط الذين يعرفون، وأدعوهم إلى الافصاح عن أسمائهم بدلا من النشر على النت، والتستر وراء عبارات تهدم أكثر مما تبني، وتسبب بلبلة نحن في غني عنها من أجل سلامة حياتنا وكنيستنا وكل الشعب فيها".
وأضاف البابا: "ليس في المسيحية ما يمنع استخدام نتاجات العقل والعلم والتطور والتقدم في تسيير أمور كنيستنا دون المساس بعقائدنا وأساسيات إيماننا المستقيم، وليس من الحكمة مثلا استخدام الهاون في الطحن ونحن نملك الخلاط الكهربائي، فهذا بالتأكيد عبث وإضاعة للوقت الذي هو أثمن عطية، هذا تطوير في الوسيلة وليس في جوهر العمل كله".
وتابع: "على ذات المنوال نستخدم حاليا السيارات بدلا من الدواب والجمال في السفر ونستخدم الميكروفون بدلا من الحنجرة الطبيعية بمفردها، ونستخدم المصابيح الكهربائية مع الشموع، ونستخدم الأيقونات المصورة أحيانا بدلا من الأيقونات المرسومة، ونستخدم ماكينات عمل الزخارف الخشبية في عمل حامل الأيقونات بدلا من الأسلوب اليدوي، ونستخدم العجانات الكهربائية بدلا من العجن باليد في صنع القربان والامثلة عديدة جدا، كانوا قديما يستخدمون مواد عمل الميرون بالدرهم وحاليا نستخدمها بالجرام، الأسلوب الجديد يتيح لنا استخدام الزيوت العطرية الطبيعية والمستخلصة بكفاءة تامة ونقاوة كاملة بامكانيات غير موجودة لدينا هي فقط في المصانع الكبري والتي تحتكر استخلاص العطور فقط في ست أو سبع شركات متخصصة موجودة في الأسواق العالمية".
ويصنع الميرون المقدس على 3 مراحل، الأولى تقديس الميرون ثم طبخه وغالبا هذا يسبق أسبوع الآلام، ويتم إضافة الخميرة وهو جزء من الميرون السابق عمله، للزيت في عيد شم النسيم قبل توزيعه على الإيبارشيات والكنائس.