"لغيناه فعاد لينتقم".. كورونا من واقع منهج الميكروبيولوجي بكلية الطب

كتب: صفية النجار

"لغيناه فعاد لينتقم".. كورونا من واقع منهج الميكروبيولوجي بكلية الطب

"لغيناه فعاد لينتقم".. كورونا من واقع منهج الميكروبيولوجي بكلية الطب

ما بين التهويل من شأن فيروس كورونا الذي حصد أرواح الآلاف حول العالم، والتهوين من أمره لطمأنة المواطنين وحثهم على الالتزام بتعليمات الحكومة والبقاء في المنزل، نشر أحد الجروبات بمواقع التواصل الاجتماعي صورة من كتاب الميكروبيولوجى الذى يدرس للفرقة الثالثة بكلية الطب تحتوى على نبذة عن "كورونا" ومن اللافت للنظر أن تلك الفقرة كان مكتوباً عليها "ملغي" مصحوبة بتعليق "لغيناه من المنهج واستضعفناه وقللنا من أهميته فعاد لينتقم".

وتواصلت "الوطن" مع أساتذة المادة وطلبة وخريجين في كلية الطب لمعرفة حقيقة الموضوع وطريقة تدريسه، فيقول الدكتور معاذ عطيتو طبيب العيون، والذي تخرج في كلية الطب عام 2016، موضع القطعة الخاصة بفيروس كورونا ملغية لا تعني أنها محذوفة من الدراسة أو عدم شرحها، نافياً حذف موضوعات من الشرح، "مفيش حاجة في كلية الطب اسمها ملغى أو محذوف"، موضحاً أن كلمة ملغي تعني استبعاده من الامتحانات لأن الطالب لا بد له من أن يذاكر كل جزئية في المنهج  "في ناس بستبعد المواضيع اللي مش بتيجى فى الامتحانات لأنها بسيطة".

الدكتور معاذ: ندرس كل ما يخص المجال الطبى من الألف للياء

وأضاف "عطيتو" أنه في الوقت الذي درس فيه فيروس كورونا لم يكن هذا الموضوع على قدر كاف من الأهمية نظراً لعدم وجود حالات مصابة به، موضحاً "وقتها ما كناش يذكر أصلاً.. إحنا بندرس كل ما يخص المجال الطبى من الألف للياء، لكن الموضوعات تتفاوت حسب قوة وانتشار كل مرض فيه فيروسات كتير مش منشرة ومع ذلك درسناها".

يتذكر الدكتور محمد إبراهيم، طبيب جراحة عامة، أن الجزئية المتعلقة بفيروس كورونا فى المنهج كانت مجرد كلام بسيط وقواعد عامة للتعريف به، وهذا على عكس الفيروسات الشائعة التى درسها بعمق وتوسع مثل فيرس "سي"، مرجعاً عدم الاهتمام به من قبل الطلبة إلى أنه كان يصيب الحيوانات ثم تطور الوضع فانتقل من الحيوان للإنسان وأصبحت العدوى من الإنسان للإنسان وهذا سبب خطورته نظراً لأنه لا يعيش إلا في خلية حية وعندما يسقط مع الرذاذ على الأسطح يعيش ساعات محدودة ثم يموت.

أيضاً فاطمة الفيتوري، طالبة بالفرقة الرابعة بكلية جامعة بنى غازى، درست المادة فى الفرقة الثالثة لكنها لم تذاكر فيروس كورونا بقدر كافٍ من الاهتمام نظراً لوجود موضوعات أخرى جديرة بالاهتمام قائلة "مادة الميكروبيولجى مش ساهلة فى مذاكرتها فعشان كده بنذاكر المهم ومش بنلحق نخلصه".

الدكتور أيمن ياسين يوضح طرق تدريس المادة وتاريخ الإصابة بفيروس كورونا

ومن جانبه، علق الدكتو أيمن ياسين أستاذ واستشارى الميكرو بيولجى والمناعة بكلية الطب، جامعة الأزهر، على الجزء الذى أشار إليه بعض طلاب كلية الطب وتم تداوله خلال الفترة الماضية والمتعلق بفيروس كورونا، covid19، قائلاً "مفيش حاجة فى الشرح بتتلغى"، موضحاً أن دراسة الفيروسات تتراوح حسب أهميتها وأن يكون العائل لها هو الإنسان، بالإضافة إلى الفيروسات التى تنتقل من الحيوانات للإنسان وتسبب له العديد من الأمراض Zoonotic diseases "بندرس للطلبة الأمراض اللى بتقابلهم بصورة أكبر فى الحياة العملية، وفى الماجستير بيدرس كل حاجة بالتفصيل وبتخصص أكتر"، لافتاً إلى أن مادة الميكروبيولجى تتعلق بدراسة البكتيريا والفيروسات والفطريات، بالإضافة إلى المناعة.

وأضاف "ياسين" أن الجزئية المتعلقة بـكوفيد 19 تتراوح مساحتها في أغلب الكتب المتاحة للطلاب بين 7 إلى 10 أسطر ويتم تدريسه ويأتي منه سؤال في الامتحان للطالب المتميز، وتم التحدث عن "سارس" هذا المرض الذى ظهر فى الصين لأول مرة فى هذه الجزئية، لكن تدريس هذه المادة يعطى أهمية أكبر للأمراض المزمنة والفيروسات الأكثر انتشاراً بحسب العديد من مناطق العالم.

وأوضح أستاذ الميكروبيولجى أن فيروس كورونا من ضمن مجموعة الفيروسات التى تصيب الطيور والحيوانات وتسمى الفيروسات التاجية وتم اكتشاف أول إصابة به فى الطيور عام 1937، وهو يدرس باستفاضة فى كلية الطب البيطرى، لافتاً إلى أن فيروس كورونا لا يمكن رؤيته إلا بالميكرسكوب الإلكترونى، وهو فيروس حلزونى الشكل ويتكون من شريط مفرد من الحمض النووي الريبوزى ssRNA يحاط بغطاء بروتينى وغلاف دهنى يخرج منه زوائد ذات نهاية مثل التاج، ويتراوح حجمه ما بين 80 لـ120 نانوميتر، وهو من الفيروسات ذات المادة الوراثية RNA التى تتضمن العديد من الفيروسات مثل الإنفلونزا والحصبة وشلل الأطفال والنكاف والفيروسات الكبدية باستثناء الفيروس الكبدى بى HBV. والعديد من الفيروسات الأخرى، موضحاً أن العدوى تنتقل عن طريق الرذاذ فيرتبط بمستقبلات على سطح الخلية ويرسل بداخلها مادته الوراثية فتسيطر على الخلية وتنتج آلاف من الفيروسات التى تهاجم خلايا أخرى بالجهاز التنفسى.

أول إصابة بفيروس كورنا تم تسجيلها عام 1960

وعن تاريخ الإصابات البشرية بفيروس كورونا، يشير الدكتور أيمن ياسين إلى أن أول إصابة تم تسجيلها عام 1960 وكانت الأعراض هى نفس أعراض دور البرد العادى، وتم الكشف عن أربعة أنواع تصيب الإنسان بأعراض البرد وبدون مضاعفات خطيرة، وفى نهاية عام 2002 وبداية 2003 أصيب به أكثر من 8000 شخص على مستوى العالم وكان معظم الإصابات فى الصين وتم تسميته المتلازمة التنفسية الضائقة الوخيمة أو سارس SARS، وتوفيت منهم أكثر 800 حالة، ولم تصب به إلا حالة واحدة فى الدول العربية وبالتحديد فى الكويت عام 2003، وفي عام 2012 بدأ المرض في السعودية نتيجة التعامل مع الإبل وأصيب به حوالي 2400 حالة على مستوى العالم توفى منهم حوالى 390 شخصا بنسبة 35% وأطلق على هذا المرض "متلازمة الشرق الأوسط التنفسية"، أو ميرس MERS ثم عاد مرة أخرى فى أواخر عام 2019 فى الصين وما زال المرض يتفشى حول العالم إلى الآن.

ولفت إلى أن هناك خلطاً بين الإنفلونزا ودور البرد، فالأولى يسببها "إنفلونزا فيروس" وهى 3 أنواع A, B, C ، ومن أعراضها ارتفاع درجة الحرارة والكحة الناشفة وارتفاع فى درجة الحرارة وألم فى العضلات وأحياناً تؤدى إلى الالتهاب الرئوى Pneumonia وهو ما يستدعى الحجز فى المستشفى، موضحاً أن النوع A هو أكثر الأنواع التى تصيب الإنسان وقد يسبب جائحة عالمية وهو الذى سبب الإنفلونزا الإسبانية ما بين عام 1918- 1920، ثم النوع B بنسبة أقل، وبعدها النوع C وهو مرض يصيب الطيور والخنازير والخيل وفى عام 2009 عندما انتشرت إنفلونزا الخنازير H1 N1، إنفلونزا الطيور H5N1 التى انتقلت من الطيور للمخالطين لها ولم تسجل حالات انتقال من إنسان لآخر.

أما دور البرد والمسبب له هو "راينو فيروس" Rhiniviruses ومن بين أعراضه الرشح والصداع والكحة الخفيفة، موضحاً أن فيروس كورونا مجموعة من الفيروسات التى تصيب الطيور والحيوانات اكتشفت لأول مرة عام 1937 فى الطيور ويتم تدريسها باستفاضة في كلية الطب البيطري.


مواضيع متعلقة