"ووهان"..ما بعد زلزال "كورونا"

"ووهان"..ما بعد زلزال "كورونا"
- مدينة ووهان
- ووهان
- الصين
- كورونا
- فيروس كورونا
- فيروس كورونا المستجد
- كورونا
- كوفيد 19
- covid19
- مدينة ووهان
- ووهان
- الصين
- كورونا
- فيروس كورونا
- فيروس كورونا المستجد
- كورونا
- كوفيد 19
- covid19
بعد أكثر من شهرين من العزل التام، أعادت السلطات الصينية فتح مدينة ووهان عاصمة إقليم هوبى بشكل جزئى، وهى المدينة التى انطلق منها فيروس كورونا، وشهدت أكثر من 50 ألف إصابة و3 آلاف حالة وفاة، ولكن الأرقام تقلصت بشكل جذرى، بفضل الإجراءات الاحترازية والصارمة فى معركة الصين ضد الفيروس القاتل، فمع الإعلان عن ظهور الفيروس انطفأت الأنوار، وهدأت الضوضاء، وانفض الزحام، وخلت شوارع «ووهان» إلا من قاطنيها، الذين التزموا بشكل كامل بالإجراءات الوقائية وسادت بينهم روح عالية لمواجهة الفيروس، حيث وضعت الهلع والقلق جانباً، ووجهت كل تركيزها على ضبط النفس، واتخاذ كافة الإجراءات لاحتواء الأزمة. كانت الصين تعى جيداً الوضع والمكانة التى تبوأتها بين دول العالم، لم تكن رحلتها سهلة، ولم يكن سهلاً أن يضيع كل ذلك، كان لزاماً على الحكومة الصينية أن تحتوى الأزمة، وأن تدعو المواطنين للتعاون معها فى مواجهة الموقف.
المدينة المنتصرة.. مواجهة الفيروس معركة حياة أو موت
كانت التحركات متسارعة فى «ووهان» والمشهد غير مسبوق، بعد إعلان الحكومة الصينية إغلاق المدينة الحيوية وعزلها عن العالم.
توقفت المؤسسات عن العمل، والمدارس والجامعات عن الدراسة، أُغلقت الحوانيت، لا يسمح بالخروج لأى سبب مهما كان، الجميع يباشر عمله من المنزل عبر شبكات الإنترنت فى محاولة للسيطرة على الوضع. لم تنتظر الصين أن تصل الأزمة إلى ذروتها كما يحدث الآن فى دول أخرى، كانت قد تعلمت الدرس الذى لقنه لها عام 2002، حينما دق فيروس «سارس» الأبواب، وفزع القلوب، وأودى بحياة 800 شخص من أصل 8000 مصاب تقريباً، لكن اليوم هى بمواجهة أزمة أكبر وتحدٍّ أقوى بعد أن تعلمت الصين من دروس الماضى، وأصبحت أكثر تقدماً ووعياً من السابق.
تسمى مدينة ووهان بـ«مدينة اليانجستى»، نسبةً لوقوعها على ضفاف نهر «اليانجستى»، وهى موجودة فى قلب الصين، وتعد أرضاً مهمة للصناعة، والعلوم والتكنولوجيا، ومركزاً شاملاً للنقل والمواصلات. تنقسم المدينة إلى 13 منطقة على مساحة 8569.15 ألف متر مربع، ويبلغ عدد سكانها ما يقارب من 10 ملايين نسمة، وتساهم من إنتاجها بـ1.71 تريليون يوان. ومن الناحية التاريخية، فإننا بصدد مدينة ذات تاريخ عريق وعلم من أعلام الثقافة الصينية، حيث تُعد من أهم مراكز انطلاق «أسرة تشو»، صاحبة أطول فترة حكم فى تاريخ الصين، فى الفترة من 1152 ق.م. وحتى 256 ق.م. وتعتبر «ووهان» هى مصدر انطلاق ثورة 1911، فهى مركز الشئون السياسية والعسكرية والثقافيّة فى تاريخ الصين الحديث.
كان السؤال: كيف لمدينة بهذا الحجم وهذه الأهمية أن تتوقف حركتها فجأة؟ كيف يعيش أهلها؟ كيف تسير حياتهم فى ظل توقف كل الخدمات؟ نعم، مرت الصين بظروف صعبة، ونجحت فى مواجهتها جميعاً، وأشاد لها الجميع بذلك، لكن الآن فى ظل هذه الظروف الحرجة بين أزمة الحرب التجارية مع الولايات المتحدة من ناحية وأزمات «هونج كونج» و«تايوان» من ناحية أخرى، كيف لها أن تواجه الأزمة الجديدة؟
أستاذة بـ"جامعة خوبى": لدينا الوعى الكافى لتنفيذ تعليمات المختصين
قالت لى شياو وى، أستاذة اللغة الصينية بجامعة خوبى، لـ«الوطن»، إن الوضع الآن مستقر إلى حد كبير عن السابق، وأن جميع الاحتياجات اليومية فى متناول الجميع، سواء عن طريق فرق التطوع التى جندتها الحكومة الصينية لخدمة مواطنى مدينة ووهان، أو عن طريق التسوق الإلكترونى.
كما أشارت إلى أن سكان الأحياء الواحدة يتعاونون فى تجميع الاحتياجات وشرائها دفعة واحدة، وذلك أيضاً تسهيلاً على فرق المتطوعين. وعن توقف الفصول الدراسية، قالت لى شياو ويّ إن جميع المحاضرات تدرس عن طريق الإنترنت عبر تطبيق «ويتشات» وتطبيق «كيو كيو» وتقنية «مطر» للتعلم عن بُعد، وأن المحاضرات تسير بشكلها الطبيعى على الرغم من الأزمة التى يمرون بها. وكانت لى شياو ويّ متفائلة جداً بخصوص الأزمة، حيث أكدت أنها تؤمن كل الإيمان أن هذه الأزمة ستمر، وأن الصين قادرة على كسب المعركة، خصوصاً أن الجميع يملأ قلوبهم الأمل، ولديهم الوعى الكافى لتنفيذ تعليمات المختصين، وجميع المدن الأخرى تقدم لهم الدعم والمساعدة، وأمدتهم بالأطباء والممرضين والمساعدات العينية من أدوية ومنتجات غذائية.
السلطات سارعت بعزل المدينة.. ومتطوعو الحزب الحاكم تكفلوا بنقل كل الاحتياجات للمواطنين حتى أبواب المنازل
إحدى مواطنات «ووهان»، «ش.ل.ت»، قالت إن كل شىء على ما يرام ويسير فى نهجه الطبيعى، على الأقل، لا أحد يبيت قلقاً بشأن طعامه أو شرابه أو مسكنه. وعن الطريقة التى تصل بها المؤن والاحتياجات اليومية للمواطنين، وصفت المواطنة الصينية تلك التفاصيل، وقالت إن أفراد «الحزب الشيوعى الصينى» الحاكم من المتطوعين يجولون فى كل مكان لتدبير احتياجات المواطنين، ويقومون بتوصيلها حتى باب منازلهم دون الاختلاط بهم بأى صورة، يتركون فقط المشتريات عند البوابة وينصرفون على الفور.
مواطنون صينيون: رغم تفشى المرض وسقوط الضحايا سيطرت علينا روح التفاؤل.. والمدن الأخرى تضامنت معنا بمساعدات يومية
تعتقد المواطنة الصينية أن طبيعة أهل «ووهان» تتسم بالتفاؤل، وهذه الروح هى المسيطرة على الأجواء، الجميع يعلم أنها أزمة حقيقية، لكن لا أحد يسيطر عليه التوتر أو القلق، رغم سقوط الضحايا وتفشى المرض. كما أشارت إلى المساعدات المقدمة من أهل المدن الأخرى كنوع من التضامن، وأن «ووهان» يصلها يومياً مساعدات بصور مختلفة من باقى المدن الأخرى التى لم يجتحها المرض بالصورة التى أصيبت بها «ووهان». وأضافت أنه على الرغم من عزل المدينة بأكملها إلا أن المواطنين استشعروا نتائج هذه الإجراءات، حيث بدأ عدد الإصابات فى التراجع، وبدأ شعاع الأمل يلوح فى الأفق.
«الوباء كان صادماً ومفاجئاً» بتلك الكلمات تحدث المواطن الصينى «أ.ل»، مضيفاً أن الوباء كان مفاجئاً وصادماً للجميع، ولم يكن أحد على علم بصفات الفيروس ومدى خطره، وذلك ما دفع الحكومة إلى القرار بغلق المدينة وعزلها تماماً. ويعتقد «أ.ل» أن أهل «ووهان» قدموا تضحيات ومساهمات كبيرة جداً، بالتعاون مع قرار الحكومة بعدم الخروج من المنزل إلى أن يخرج إشعار آخر. يقول المواطن الصينى: «من ناحية أخرى، فإن ووهان قد تغلبت جزئياً على الأزمة من خلال المساعدات الخارجية أيضاً، وتطوع الأطباء من المدن الأخرى فى مستشفيات ووهان لسد النقص الذى واجهته المدينة إثر الأزمة، كان لكل ذلك دوره فى طمأنة المواطنين فى ووهان ومساعدتهم على الصعيد النفسى قبل المادى».
وترى وسائل إعلام غربية عدة فى تقارير مختلفة أن الصين استطاعت السيطرة على الفيروس، بفضل مسارعتها إلى مهاجمة الفيروس، فالمسألة كانت «حياة أو موت» وليس حياة بشر فقط وإنما حياة دولة، إذ اتخذت «بكين» أقصى وأقسى الإجراءات الممكنة لمواجهة الفيروس. وأضافت التقارير الغربية أنه على العكس فعلت بعض الدول الأوروبية خصوصاً إيطاليا، إذ تعاملت مع مسألة تفشى الفيروس باستخفاف ظناً أنه سيبقى فى حدود الصين، فما كان من الفيروس إلا أن بات التهديد الأكبر لعدد من الدول الأوروبية التى لم تنظر بجدية لتجربة «ووهان». الآن رفعت كثير من القيود التى فرضت على «ووهان» فى إطار مكافحة الفيروس، وتبدو المدينة منتصرة، إلا أنه لا يزال الوضع مقلقاً، خصوصاً فى ظل التعامل مع فيروس لا يزال غامضاً، ما يستوجب دوماً التحذيرات الدائمة من الأطباء هناك بشأن حالة الخطر فى المدينة.
اقرا إيضا
مديرة الحجر الصحى بالمدينة: نجحنا فى اجتياز المرحلة الأصعب وسنعلن الانتصار الكامل على كورونا قريباً