"الوطن" تقرأ لك.. حدوتة "التكية والقرافة" من "حكايات حارتنا"

"الوطن" تقرأ لك.. حدوتة "التكية والقرافة" من "حكايات حارتنا"
- التكية والقرافة
- حكايات حارتنا
- الحارة المصرية
- نجيب محفوظ
- التكية والقرافة
- حكايات حارتنا
- الحارة المصرية
- نجيب محفوظ
في عمق الحارة المصرية وتاريخها، وجد الأديب العالمي الراحل نجيب محفوظ، ضالته في إلهام ووحي يستلهم منه مصادر الإبداع لكتاباته، التي رسم خلالها عن طريق الكلمات، صورةً للحارة، لا يستطيع الرسامين إنتاج مثيل لها بريشتهم، وخرج منها بالعديد من المؤلفات، التي أصبحت مراجع للحديث عن الحارة المصرية، ولعل من أهمها كتابه "حكايات حارتنا".
"الوطن" تقرأ لك من "حكايات حارتنا"، خلال ليالي الحظر بسبب فيروس كورونا، إحدى الحواديت التي أبدع خلالها أديب "نوبل"، في وصف الحارة المصرية، وتاريخها وصفاتها.
في الحكاية رقم 76 من "حكايات حارتنا"، يتناول نجيب محفوظ قضية تبرك الحارة الشعبية وأبنائها بالتكية القديمة، ورفضهم القاطع هدمها، والتخلي عن بركتها المزعومة، حتى وإن كان في هدمها تطويرًا للحارة وتقدمًا لها.
فلتبق التكية ما بقيت القرافة
يقول محفوظ في حكايته: بسرعة الشهب انتشر خبر يقول إن الحكومة ستهدم التكية، ضمن مشروع للمرافق العامة، في لحظة يسير حديث البيوت والدكاكين والوكالات والغرز والبوظة والخرابات في حارتنا.
ويعرض محفوظ، استنكار أهل الحارة للخبر المنتشر بتعدادهم لأفضال التكية المزعومة بقوله: حارتنا ميمونة ببركة التكية، الخضرة والأزهار لا ترى إلا في التكية، والأغنيات الإلاهية أبن تسمع إلا في التكية؟ وما المكان الذي لم يضمر شرًا للإنسان إلا التكية؟.
صدمة أهل الحارة في حكاية نجيب محفوظ، كانت في معرفتهم، بعد البحث والتحري، أن من يقف وراء المشروع المهندس عبده السكري ابن الحارة، والذي دارت بينه وبين أهل الحارة، مناظرة صورها الأديب الراحل ورسمها، حيث بدأت كالتالي: "يقول عبده: التكية تعترض مجرى الحارة كالسد، وتحول دون انطلاقنا نحو الشمال، فيقولون له: وهل علمت أننا متضايقون من ذلك؟ ألا يوجد اكثر من طريق إلى الشمال؟".
وتستمر المناظرة في الحكاية بين أهل الحارة المتمسكين ببركة التكية، وعبده الذي يستشهد بنقل القرافة إلى الصحراء ليحل العمران مكانها، فيحتد أهل الحارة لأن القرافة لم تنقل بعد وأنهم يسمعون عن تلك الأخبار طوال عمرهم، ولم تتحرك من مكانها قط، فكيف يهون على عبده ابن الحارة أن يقترح نقل التكية المباركة؟.
ووسط احتداد النقاش والمناظرة بين عبده وأهل الحارة، يُخرج محفوظ من جعبة كلماته صوت العقل، الذي يقترح تأجيل النقاش في أمر التكية حتى يصدر أمر رسمي بهدمها، فيقول محفوظ: وغلب هذا الرأي فتراجعت الوزارة وتأجل المشروع، أما الأكثرية فقد رفضت الفكرة جملة وتفصيلا، وأما القلة المعتدلة فتقول: "فلتبق التكية ما بقيت القرافة".