محمود محيي الدين: الاقتصاد العالمي وقع في الركود و80 دولة طلبت مساعدات

محمود محيي الدين: الاقتصاد العالمي وقع في الركود و80 دولة طلبت مساعدات
- محمود محيي الدين
- الصحة العالمية
- الديون الأفريقية
- فيروس كورونا
- النقد الدولي
- محمود محيي الدين
- الصحة العالمية
- الديون الأفريقية
- فيروس كورونا
- النقد الدولي
قال الدكتور محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لأجندة التمويل لعام 2030، إن الاقتصاد العالمي وقع رسميًا في حالة ركود، تستلزم تدابير عاجلة للخروج منها على مستوى كل دولة، وتفعيل التعاون الدولي، حيث إنه بعد اجتماع لجنة السياسة النقدية والمالية لصندوق النقد الدولي، يوم الجمعة الماضي، أعلنت مديرة الصندوق كريستالينا جورجيفا، أنه تمت مراجعة تقديرات النمو الاقتصادي لعامي 2020 و2021، وبات واضحًا أن الاقتصاد العالمي، دخل في مرحلة ركود بذات سوء، ما كان عليه الوضع في عام 2009، بعد الأزمة المالية العالمية، أو أسوأ.
وأضاف "محيي الدين"، أن هناك طلبًا غير مسبوق من الدول الأعضاء لتسهيلات تمويلية، من صندوق النقد الدولي لأغراض الطوارئ، حيث تقدمت 80 دولة بطلبات لسرعة مساعدتها لتدبير الاحتياجات العاجلة لمواجهة الوباء سريع التفشي وتبعاته، كما تابع أيضًا إعلان مجموعة العشرين عن ضخها لحوالي 5 تريليونات دولار في اقتصاداتها، بما يعادل 6% مِن إجمالي الناتج المحلي العالمي.
وأوضح المبعوث الخاص للأمم المتحدة لأجندة التمويل لعام 2030، أن هذا الإنفاق ضخم بالفعل ويعادل في بعض الدول، نسبة 10% مِن ناتجها المحلي الإجمالي، إذ وافق الكونجرس الأمريكي على حزمة تمويل بمقدار 2 تريليون دولار، يمكن مساندتها بمثلها بآليات تمويل من بنك الاحتياطي الفيدرالي والقطاع المالي الأمريكي، موضحًا أن دول العشرين تمثل 85% مِن الاقتصاد العالمي بالفعل، ولكن تأثير هذا الإنفاق على الدول الأخرى، يحد منه الآن عدم انسياب حركة التجارة والاستثمار بفعل الأزمة الصحية وتداعياتها، فضلاً عن توقف تدفق حركة العمالة والسفر والنقل كآليات مساندة لتفعيل أثر مثل هذا الإنفاق عبر الحدود.
وأشار إلى أنه في ظل هذا الوضع الاقتصادي، يجب تفعيل آليات التعاون الدولي منعاً لزيادة الأوضاع سوءً في الدول النامية، وذات الأسواق الناشئة، حيث تحتاج هذه الدول ما لا يقل عن 3 تريليونات، كحزم مالية متكاملة للمساندة وبصفة عاجلة، تحتاج الدول الأفريقية وحدها، 150 مليار دولار تقريبًا، للعون الصحي، والتعامل مع مشكلات الديون، وهناك مطالبة بضرورة إرجاء دفع فوائد الديون الافريقية عن هذا العام، وتقدر بحوالي 45 مليار دولار، متضمنة في الإجمالي، وكذلك المعاونة في مساندة النشاط الاقتصادي، والخدمات الاجتماعية الحيوية.
وأكد أن هناك عدة نقاط يجب اتباعها على مستوى كل دولة، أولها أن الأولوية في الإنفاق، ستظل في الوقت الراهن لمساندة جهود قطاع الصحة في منع انتشار فيروس كورونا، والتعامل مع تحدياته، والمطلوب في هذا المجال وفقا لمنظمة الصحة العالمية، توفير أجهزة كشف وإمدادات طبية عاجلة لعلاج المرضى وتوسيع القدرات الاستيعابية، وأدوية والتعاون المعرفي لنقل خبرات الدول في التعامل مع الإصابات، وعلاجها، وذلك كله جنبا إلى جنب مع جهود تطوير اللقاح.
وثانيًا مع الركود في الاقتصاد العالمي، يستدعى الأمر سرعة تحفيز قطاعات الانتاج و التوزيع، تفاديا لاستمرار الركود، وتحوله لكساد مع مراعاة أن إجراءات الأزمة المالية السابقة في 2008، غير مناسبة لنقلها حرفيًا لعلاج الأزمة الراهنة، وفقا للمقارنات الدولية ستحتاج كل دولة في المتوسط تدبير التمويل لحزمة للمساندة الاجتماعية والاقتصادية، في حدود 5% مِن الدخل القومي، يمكن تدبير جانب منها بإعادة ترتيب أولويات الإنفاق، في ظل انخفاض أسعار الفائدة، بما يحقق وفرًا في خدمة الدين، يمكن إعادة توجيهه، ويجب مراجعة الموازنات العامة، والخطط الاستثمارية إذا لم يتم إدراك هذا بعد.
وعن الأمر الثالث، أكد أنه ليس هذا زمن إجراءات التقشف، ولكنه وقت الإنفاق المنضبط لمساندة المجتمع والاقتصاد، ويجب التعامل مع هذه الفترة كفترة حرب، تراجع فيها أولويات الإنفاق، كما أنها فترة استثنائية، تراجع فيها عمليات إدارة الدين العام والمؤشرات الحرجة للعجز، والدين العام بالتعاون مع المنظمات الحكومية الدولية والتجمعات الاقتصادية، حتى يمكن الخروج من هذه الأزمة بسلام، وحتى يكون التعافي منها متكاملا، ولا يسبب علاج هذه الأزمة في أزمات أخرى بعدها.
وعن الأمر الرابع، أوضح أنه يمكن شراء المنتجات البترولية، انتفاعا بأسعار النفط المنخفضة بعقود طويلة الأجل، وضرورة العمل على تخفيض أسعار الطاقة للصناعة والمنازل، فضلًا عن أن جانب هام من الحزمة الاقتصادية والمالية، يجب أن يوجه لتوسيع شبكة الضمان الاجتماعي، والدعم النقدي، وتدعيم عاجل للمتضررين من تعطل الأنشطة الاقتصادي والفقراء وتغذية الأطفال، خاصة الذين كانوا يعتمدون على التغذية المدرسية، وهذا هو الأمر الخامس.
وأشار إلى أنه برز الاحتياج لتأسيس نظام متكامل، لتطبيق نظم فعالة للمساندة الاجتماعية من خلال تفعيل شبكات الضمان، ويجدر تطبيق نظام للدخل الأساسي الشامل للكافة universal basic income.
وهناك دول تستخدمه الآن، في وقت الأزمات فقط، كدفعة واحدة أو أكثر نقداً للمتضررين، وإن كان يجدر تفعيله بعد صدمة الأزمة العالمية الكبرى، فسيحتاج العاملون في القطاع الخاص والعمل الحر، ضماناً مستمراً للوفاء باحتياجاتهم الضرورية، إذا تعطلوا عن العمل فجأة، ووجود دخل ثابت مستمر، يساوي الحد الأدنى للأجور، يسهم في تخفيف الأعباء، خاصة أن هناك تحديات مختلفة، تصادف أسواق العمل، متسببة في بطالة نعيش بعضها الآن.
هذا النظام للدخل الأساسي، يجب تفعيله مع باقي نظم الضمان الاجتماعي والإعانة ضد البطالة، وعناصر شبكة التكافل الأخرى، وهناك خبرات دولية متنوعة في تطبيقه.
وأشار إلى أنه من القطاعات المستفيدة إيجابيًا، التي يجب مساندتها في التطور والنمو الخدمات الصحية، والقطاعات المرتبطة به، وكذلك إعادة الاعتبار لأهمية الطب الوقائي، ومساندته من خلال نظم التأمين الصحي الشامل، الذي يجب الإسراع في تطبيقه، كما ستعجل الأزمة الراهنة بالتحول الرقمي، وقطاع تكنولوجيا المعلومات ونظم الاتصالات وأجهزتها، وستحل محل طرق تقليدية للتعليم، وإنجاز الأعمال، بل وفي كيفية إدارة العمل الحكومي، وتنفيذ السياسات العامة مستقبلاً، ستسبب مستحدثات التقنية المالية وتكنولوجيا المعلومات في تشكيل طرق الانتاج، وتقديم الخدمات وأساليب عمل القطاع المالي والاستثمار والشركات وعمليات التجارة المحلية والدولية.
وأوضح: أنه ستزداد أهمية توطين التنمية، ويجب استخدام الحزم الاقتصادية والمالية، المساندة من أجل الاستثمار في المجتمع المحلي، وخدماته التعليمية، والصحية، كحق لكل المواطنين، وتدعيم بنيته الأساسية، بما فيها المواصلات والصرف الصحي، والتعامل بيئيًا مع المخلفات والنظافة، وتوفير مقومات البنية التكنولوجية الأساسية الجديدة.
وأكد أن هذه الأزمة العالمية الكبرى، كاشفة ومنشئة، فهي كاشفة لمدى استعداد النظم والمؤسسات، وقدراتها على التعامل مع الأزمات، وكاشفة لطبيعة البشر وعلاقاتهم بين بعضهم البعض، وبيئتهم المحيطة بهم، كما أنها منشئة لترتيبات جديدة في المجتمعات، واقتصاداتها وعلاقاتها الداخلية والخارجية، نتناولها في حينها.