الرسائل المزعجة.. خصوصية الموبايل "سداح مداح"

كتب: محمد سعيد الشماع

الرسائل المزعجة.. خصوصية الموبايل "سداح مداح"

الرسائل المزعجة.. خصوصية الموبايل "سداح مداح"

رسائل نصية قصيرة مجهولة المصدر، يستقبلها الهاتف المحمول بشكل يومى لا تنقطع، إشعارات متتالية تنبهنا بقدوم رسائل جديدة بأسماء شركات منها المعروفة لدينا أو ما لا نعرفها على الإطلاق، إحداها تعلن عن فرصة كبرى لربح المليون جنيه، وأخرى تعرض تنظيف المنزل من الحشرات بالضمان، وغير ذلك الكثير من الخدمات الإخبارية والمسابقات، والأدعية الدينية، ينزعج منها المواطنون لتكررها عدة مرات دون توقف، لا يعلمون من أين أتى أصحاب تلك الشركات بأرقامهم الخاصة، ولا من سمح لهم بإرسال ذلك الكم الهائل من الرسائل على مدار اليوم، الأمر الذى لم يتوقف على الإزعاج فقط، بل وصل إلى أشكال وطرق مختلفة للنصب على المواطنين، والاستيلاء على أموالهم، فى انتهاك صريح لخصوصية الموبايل التى أصبحت «سداح مداح» على يد المجهول أو الكيان الوهمى الذى يبث رسائله المزعجة ليل نهار.

«الوطن» استمعت إلى حكايات المواطنين مع تلك الرسائل الهاتفية المزعجة، وتجاربهم معها، كما تواصلت مع خبراء فى مجال الاتصالات وأمن المعلومات لمعرفة كيف يحصل هؤلاء على أرقام المواطنين، والطرق السليمة لمواجهة ذلك الإزعاج المستمر على الهواتف، إلى جانب الرأى القانونى والعقاب على مثل تلك الأفعال الإجرامية التى تعتبر انتهاكاً للقانون رقم 175 لسنة 2018 وتحديداً المادة 25، التى تختص بالجرائم المتعلقة بالاعتداء على حرمة الحياة الخاصة

مواطنون: "زهقنا من الإعلانات الإجبارية ورسائل النصب" ومطالب بملاحقة الشركات المعلنة قانونياً للقضاء على تلك الظاهرة

يعانى مستخدمو الهواتف المحمولة من إزعاج يصل إلى حد النصب بواسطة الرسائل النصية القصيرة التى تُرسلها مصادر مجهولة لأغراض مختلفة، وروى عدد من المستخدمين قصصهم المختلفة مع تلك الرسائل، لـ«الوطن»، موضحين أن غياب الرقابة على الأفراد أو المؤسسات غير المعروفة هو سبب وقوع المواطنين فريسة لأصحاب تلك الرسائل بعد تسريب بياناتهم وأرقامهم.

مسابقات المليون وأخبار الرياضة والأدعية أشهر الرسائل.. وتغريم شركة "إبادة حشرات" تطبيقاً لـ"مكافحة تقنية المعلومات"

وفى أول تطبيق لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، تقدم الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات ببلاغ للنيابة تجاه إحدى شركات إبادة الحشرات الشهيرة، لما سببته من إزعاج للمواطنين مستخدمى شبكات المحمول من خلال الرسائل التى تُرسلها بشكل مكثف ومتكرر دون الحصول على ترخيص، وفى نوفمبر من العام الماضى أصدرت المحكمة حُكمها بحبس صاحب الشركة وتغريمه، ثم استأنف صاحب الشركة على قرار الحبس، لتقرر المحكمة إخلاء سبيله بكفالة مادية قدرها 50 ألف جنيه.

أنواع مختلفة من الرسائل النصية تصل إلى موبايل الدكتور الصيدلى محمد ممدوح، 37 عاماً، من سكان مدينة الشيخ زايد، من ضمنها إعلانات لشركات نقل الأثاث وإبادة الحشرات، وأخبار الرياضة، وفلاتر المياه، والسيراميك، موضحاً أنه لا يعلم من أين حصلوا على رقمه الخاص الذى لا يعلمه سوى قليلين، ويُرجح أنهم حصلوا عليه من خلال شركة الاتصالات التى يتبعها رقم هاتفه، قائلاً: «مجرد ما أرد على الرسايل دى مثلاً برسالة أو أدخل على اللينك اللى محطوط بلاقى خصم 3 جنيه من الرصيد، ويفضل يتخصم المبلغ ده كل يوم، ودى مفيهاش احترام ولا مصداقية تجاه المواطنين اللى استقبلوا الرسايل، فضلاً عن أن أضرار الازعاج».

مر «ممدوح» بعدة مواقف مع هذه النوعية من الرسائل، وتم خصم مبالغ مختلفة من رصيده بالهاتف المحمول، وكان آخر تلك الوقائع تسلمه رسالة نصها: «لو عايز ألبوم عمرو دياب الجديد ابعت رقم 1 فى رسالة، وهيجيلك الألبوم مجاناً»، موضحاً أنه بعدما رد عليهم برسالة أخرى، ردوا عليه بأنهم خصموا 5 جنيهات من الرصيد، ومن أجل إلغاء الاشتراك كان عليه إرسال رسالة أخرى، مضيفاً بنبرة غاضبة: «اشتركت فى خدمة أخبار الرياضة لأنى بحب كرة القدم، ومكنوش قايلين أن الخدمة بفلوس يومياً، واتفاجئت إن الرصيد بيخلص لأن الخدمة كانت بتسحب 3 جنيه فى اليوم وأنا معرفش، وعانيت كتير عقبال ما عرفت ألغى الخدمة دى بعدما تواصلت مع شركة الاتصالات اللى أنا تبعها وعملت الخطوات اللى قالوا لى عليها لحد ما لغيتها».

ويؤكد «ممدوح» أن غالبية تلك الشركات الوهمية أو غير المعروفة تخصم من الرصيد يومياً دون علم المستخدم للهاتف، مُضيفاً: «لو عندهم مصداقية يعرفنى هيتخصم كام ويسيبلى حرية الاختيار، لكن هما ما بيعملوش كدة عشان عارفين أنهم لو عملوا كدة محدش هيشترك أساساً، لأن كلنا عندنا كل المواقع الرياضية والإخبارية عن طريق الإنترنت»، ويرى الرجل الثلاثينى أن تلك الأزمة لم تتوقف على الرسائل النصية فقط، بل وصلت إلى الاتصال هاتفياً من أجل إغراء المواطنين بالعروض، وأنه لا يعلم كيف يُمكنه منع تلك الرسائل من وصولها لهاتفه «لسه شوية وهندخل على موسم الشهر الكريم، ومسلسلات وأغانى رمضان والعروض والشركات هتشتغل عليها».

ويرى الطبيب الصيدلى أنه من المفترض أن تكون هناك رقابة شديدة على الكيانات الوهمية التى تمارس النصب وتزعج المواطنين، وأنه يجب حماية بياناتهم وأرقام هواتفهم بشكل أكبر، وأن تجد شركات الاتصالات الطرق من أجل حماية المواطنين من تلك الرسائل المُزعجة، مشيراً إلى أن الأمر وصل إلى النصب باسم البنوك الشهيرة، مثل: «مبروك ربحت وثيقة مشتريات من البنك» أو يطلب منه الأرقام الموجودة بالفيزا. ويتفق معه أحمد محمد أبوالفتوح، 26 عاماً، أحد سكان منطقة العباسية، موضحاً أنه يتسلم رسائل نصية عديدة على مدار اليوم، رغم أنه لم يتواصل مع تلك الجهات أو يتصل بهم من قبل، وأن ذلك الأمر زاد على حده الطبيعى وأصبحت الرسائل كثيرة للغاية وبشكل يومى كشركات إبادة الحشرات، وأخرى من نوعية الإعلان عن مواقع ألعاب إلكترونية وجذب المواطنين بتحميل تلك الألعاب، قائلاً: «فيه شركات ما نعرفش حتى اسمها وأول مرة نسمع عنها بتبعت برضه رسايل، والمشكلة إننا بنشترك غصباً عننا ومش عارفين اشتركنا إزاى، وكمان بيتخصم من الرصيد، وبقيت خلاص كل ما أشوف الرسايل من النوعية دى بمسحها على طول من غير ما أفكر، لأنى بلاقى رصيد كتير بيتخصم من غير سبب»، مؤكداً أنه يتصل بخدمة عملاء شركة الاتصالات التى يتبعها من أجل إلغاء الاشتراك بتلك الخدمات.

"أبوالفتوح": "مش عارفين بياخدوا أرقامنا منين"

ويحكى «أبوالفتوح» عن أحد المواقف التى مر بها مع تلك الرسائل المُزعجة، موضحاً أنه وجد نفسه مشتركاً فى إحدى الخدمات الإخبارية التى ترسل له الأخبار العاجلة، وأنه تواصل مع شركة الاتصالات لإلغائها، فأخبرته بأنها سُتلغى لكن الرسائل لم تتوقف، مضيفاً: «الرسايل دى كلها عبارة عن نصب عشان بس يسحبوا من الناس رصيد، بخدمات ملهاش قيمة أو فايدة، وإحنا مش عارفين بياخدوا أرقامنا منين وإزاى، ومين اللى مستفيد من الرسايل دى»، وأشار إلى أنه هناك جهات تُرسل رسائل نصية تنتحل فيها شخصية موظف من شركات الاتصالات وتقدم عروضاً وهمية ينصبون بها على المواطنين.

منى عيسى، 31 عاماً، معلمة رياضيات، قررت هى الأخرى ألا تشترك فى مثل هذه الخدمات، بعدما علمت من خلال زملائها فى العمل أن غالبية تلك الخدمات والعروض والمسابقات مجرد وهم ونصب: «فيه رسالة اتكررت كتير وجت على زمايلى، وهى اشترك فى مسابقة كذا عشان تكسب مليون جنيه، لكن الاشتراك فيها بيخصم من الرصيد 5 جنيه يومياً، وفى الآخر مفيش لا سحب ولا جوائز أصلاً، ومش عارفة بياخدوا الأرقام بتاعتنا منين، لأن فى شركات عمرنا ما اتعاملنا معاهم أصلاً».

أنواع مختلفة من الرسائل تستقبلها «منى» منها الاشتراك فى الخدمات كالآذان والأدعية الدينية، أو الأغانى مثل سماع الألبومات الجديدة للمطربين، أو الاشتراك فى المسابقات المختلفة، كخدمة الأخبار يوماً بيوم، متابعة: «ده غير عروض من هايبرات كبيرة وشهيرة، ودول أصلاً مش مسجلة معاهم رقمى، ولا عمرى روحتهم أساساً، والرسايل دى بتيجى فى أى وقت فى اليوم، وبشوفها مزعجة جداً لأنهم بيفرضوا علينا المنتجات بتاعتهم، وإحنا أصلاً مش عاوزينها»، وترى أنه يجب أن تكون هناك رقابة على من يرسلون تلك الرسائل، وتقتصر الدعاية الإعلانية على وسائل الإعلام المختلفة فقط، وليس على الهواتف المحمولة.

اقرأ أيضًا:

خبراء: شركات الاتصالات بريئة من تسريب بيانات العملاء

أستاذ قانون: لا يجوز الحصول على بيانات المواطنين إلا بإذن من النيابة


مواضيع متعلقة