سد النهضة.. وأشياء أخرى!
ما لا شك فيه أن الدولة المصرية تواجه فى الوقت الحالى عدداً من التحديات والأخطار الخارجية غير المسبوقة (مجتمعة) فى تاريخها المعاصر، والتى تمثل بكل تأكيد تهديداً مباشراً للأمن القومى المصرى، وهو ما يستوجب أن نلقى الضوء عليها بكل شفافية وأمانة وموضوعية، دون تهويل أو تهوين، لكى ندرك جميعاً حجمها وطبيعتها، ومقترحات التعامل معها، لكى نعبر هذه المرحلة بسلام بإذن الله.
وتتمثل هذه التحديات طبقاً للقراءة الدقيقة للواقع الإقليمى والدولى الحالى فى الآتى:
1- استمرار الدور السلبى المشبوه لبعض الدول المعادية لمصر، والتى تحرص كل الحرص على ألا تشهد الدولة أية مظاهر استقرار أو تنمية، وهى فى سبيل ذلك ما زالت تقدم دعماً غير محدود للجماعات الإرهابية فى الداخل والخارج، وكذلك للعناصر التى تؤويها، وتسخِّر لها منابرها الإعلامية لبث الإشاعات على مدار الساعة، فى محاولة يائسة منها لتحقيق أغراضها الدنيئة.
2- تزايد حدة الصراع داخل الحدود الليبية واستمرار حالة الفراغ الأمنى بها، وهو ما أدى إلى وجود بيئة خصبة جاذبة للجماعات المتطرفة والإرهابية خاصة تلك القادمة من العراق وسوريا وبعض الدول الأفريقية، وهو ما يلقى عبئاً مضاعفاً على القوات الباسلة القائمة بتأمين حدودنا الغربية.
3- مواصلة عدم حل القضية الفلسطينية نتيجة عدم وجود أوراق ضغط مؤثرة على الكيان الصهيونى، والانحياز الأمريكى الدائم له على طول الخط، وهذا يؤدى إلى تقدُّم خيار المقاومة ليصبح فى مقدمة أولويات خيارات الشعب الفلسطينى، وهو ما ينذر بتفجُّر الأوضاع داخل قطاع غزة على حدودنا الشمالية الشرقية فى أى وقت.
4- استمرار قيام الجانب الإثيوبى بالمراوغة والتسويف، ولعب دور (مخلب القط) فى قضية سد النهضة، تحقيقاً للمخطط المرسوم له بعناية من قِبل بعض القوى المناوئة لمصر، والتى تعتبر هى الممول، والداعم، والمحرك الرئيسى للأحداث من خلف الستار.
5- استمرار حالة التربص الداخلى وعدم تحقيق الاستقرار الأمنى، والسياسى (بنسب مختلفة) فى كلٍّ من: اليمن، وسوريا، والعراق، والسودان، ولبنان، وكلها دوائر مؤثرة على الأمن القومى المصرى.
ومن المهم هنا ونحن نتحرك إلى الأمام ألا نغفل أن هذه التحديات سوف تظل قائمة لفترة ليست قصيرة، ولا بدَّ من مواجهتها بكل قوة وكفاءة وحكمة وصبر، وذلك من خلال ما يلى:
استمرار الإجراءات الأمنية الوقائية الصارمة على مستوى الدولة بأكملها، مع تدعيمها بمختلف الوسائل الحديثة فى المناطق الأكثر تعرضاً للعمليات الإرهابية، لمواجهة أية عمليات محتملة، مع مراعاة عدم الانخداع بحدوث بعض فترات الهدوء من جانب العناصر الإرهابية.
الاستمرار والتكثيف فى إقامة المشروعات الخاصة بالتنمية الاقتصادية ورفع مستوى المعيشة، خاصة فى المناطق الأكثر احتياجاً.
استمرار مصر فى القيام بدورها الطبيعى والمطلوب تجاه المشكلات والصراعات الإقليمية لتحقيق إنجازات ملموسة فيها، تؤدى إلى تقليل آثارها السلبية تدريجياً على الأمن القومى المصرى.
ضرورة اليقظة والتحسب إزاء السياسة الإثيوبية المتبعة بالنسبة لسد النهضة حتى لا يصل الوضع إلى أن تفاجئنا بأمر واقع يؤثر على مصالحنا واحتياجاتنا المائية، مع ثقتنا الكاملة فى قدرة الدولة على التعامل الأمثل مع هذه القضية.
ضرورة أن يشعر الشباب بمدى حاجة الدولة إليهم، ورغبتها الصادقة وقدرتها على دمجهم (من خلال فرص عادلة حقيقية) فى المنظومة العامة للدولة باعتبارهم عماد مستقبل مصر المشرق.
الاهتمام التام بمنظومة إعادة بناء وتنمية الإنسان (التعليم - الثقافة - الإعلام - الرياضة) كمنظومة متكاملة على أسس صحيحة، مع ضرورة إسناد هذا الأمر لمسئولين محترفين، ويؤمنون كل الإيمان بثقافة الاختلاف، حيث إن لكل إنسان يعيش على هذه الأرض الطيبة دوراً أساسياً فى تحقيق جميع الأهداف الاستراتيجية للدولة.