التجربة الصينية فى مكافحة (كوفيد - 19).. دروس مستفادة

أحمد سلام

أحمد سلام

كاتب صحفي

أشارت تقارير منظمة الصحة العالمية فى الثالث عشر من مارس 2020 إلى أن عدد حالات الإصابة المؤكدة بمرض كوفيد-19 قد ارتفع إلى أكثر من 132 ألف حالة من 123 بلداً وإقليماً، وفقد 5000 شخص أرواحهم بسبب هذا المرض، وهى عتبة مأساوية.

وأكدت المنظمة أن الصين أثبتت للعالم أنه من الممكن إبطاء وتيرة تفشى الفيروس والحدّ من تأثيره من خلال إجراءات يمكن تطبيقها عالمياً، مثل العمل المجتمعى الشامل من أجل: تحديد الأشخاص المرضى وتقديم الرعاية لهم، ومتابعة مخالطيهم، وتهيئة المستشفيات والعيادات الطبية للتعامل مع الزيادة الكبيرة فى عدد المرضى، وتدريب العاملين الصحيين.

وأهابت المنظمة بجميع البلدان مواصلة الجهود التى أثبتت فعاليتها فى الحد من عدد الحالات وإبطاء وتيرة تفشى الفيروس. فكل جهد يُبذل لاحتواء الفيروس وإبطاء وتيرة انتشاره يصبّ فى إنقاذ الأرواح، ويتيح للنُظم الصحية وللمجتمع كافة الوقت الثمين اللازم للتأهب، كما يتيح للباحثين المزيد من الوقت لتحديد سُبل العلاج الناجعة وتطوير اللقاحات الفعالة. وينبغى ألا تختار أى حكومة ترك الفيروس ليتفشى دون رقيب، لأن ذلك لن يضرّ رعاياها فحسب، وإنما سيؤثر على البلدان الأخرى أيضاً.

فى الوقت نفسه، أشاد تيدروس أدهانوم، مدير منظمة الصحة العالمية، بالخطوات التى اتخذتها جمهورية الصين الشعبية لمحاربة الفيروس فى مركزه، واعتبرها وسيلة جيدة لإيقاف انتشاره ومحاصرته.

وبالنظر إلى الإجراءات الاحترازية والخطوات الجادة والحازمة التى اتخذتها السلطات والحكومة الصينية بشأن مكافحة الفيروس، نجد أن ما طبقته الصين يُعد نموذجاً يجب أن تحتذى به كافة دول العالم، فهو يعكس الآتى:

** إدارة متميزة للأزمة:

لقد أكدت زيارة الرئيس الصينى شى جين بينغ لمدينة ووهان مركز تفشى الفيروس فى العاشر من مارس، أن هذا البلد العظيم نجح فى السيطرة على انتشار الفيروس منذ البداية. وكانت بكين قد أصدرت فى 31 ديسمبر 2019 أول تحذير بخصوص فيروس كورونا، وأبلغت منظمة الصحة العالمية بالعديد من حالات الإصابة بالفيروس فى ووهان. وفى 26 يناير 2020، فى الوقت نفسه أكدت لجنة الصحة الوطنية بالصين، أن قدرة الفيروس على الانتقال تزداد قوة وأن عدد حالات الإصابة بالعدوى قد يواصل الارتفاع، وأشارت إلى أن فترة حضانة الفيروس تتراوح بين يومين و14 يوماً، وهى فترة كافية لظهور المرض لدى الحاملين للفيروس.

وقد تعاملت الحكومة الصينية بكل شفافية فى نشر الأخبار والمعلومات ذات الصلة وكذا الإجراءات والتوجيهات الكفيلة بتعزيز المسئولية والقدرة على الصمود فى محاربة فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19)، وأقرّ الرئيس الصينى «شى» بأن الوضع «خطير»، محذراً من «تسارع» انتشار الفيروس، وفى ظل التزام الصين دائماً بالقيادة والعمل الموحد، من أجل حماية أرواح الناس والحفاظ على صحتهم وعلى الصحة والسلامة العالمية فى نفس الوقت، فقد أخذت الصين على عاتقها محاربة الفيروس نيابة عن العالم.

حيث قام الرئيس الرئيس الصينى بالإشراف بنفسه على عمليات التوجيه والتنسيق على المستوى الوطنى، كما تم توحيد الجماهير الشعبية ومساعدة بعضهم البعض، وشاركت جميع الجهات على المستوى الصناعى وخطوط الإنتاج بفعالية ونشاط.

** حضارة وعزيمة وإصرار شعب «المصير المشترك»:

إن ما يدعم الصين كدولة وأمة ذات حضارة قديمة تمتد منذ أكثر من خمسة آلاف سنة هو الجينات الثقافية المتجذرة فى شريان حياة الصين والصينيين. ويحضرنى هنا ما تم طرحه لأول مرة فى عام 2013، وهو «مبادرة بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية»، وظهر ذلك من خلال التعاون الودّى بين الصين وعدد من دول العالم أثناء فترة انتشار فيروس كورونا الجديد، حيث أخذت الصين زمام المبادرة للتعاون وتبادل المعلومات مع منظمة الصحة العالمية والمجتمع الدولى، وتقاسمت بشكل سريع السلسلة الجينية الكاملة لبعض سلالات الفيروس وطورت مجموعة ناجحة لعمليات الكشف السريع وتقديم المساعدة إلى البلدان والمناطق الأخرى التى ينتشر فيها المرض ضمن قدراتها وذلك لمنع انتشاره فى العالم. وتعكس كل هذه الإجراءات المسئولية الكبيرة التى تتمتع بها الصين تجاه شعوب العالم.

وبالعودة إلى زيارة الرئيس «شى» إلى مدينة ووهان بمقاطعة هوبى فى العاشر من مارس، فقد أكد أن «الاتجاه الإيجابى فى جهود الوقاية من مرض فيروس كورونا الجديد والسيطرة عليه، لم تكن ستنجح من دون التضحية والإخلاص والمثابرة والجهود الشاقة التى بذلها أبناء ووهان، مركز تفشى المرض». مضيفاً أن أبناء ووهان أثبتوا قوة وروح الصين وحب الشعب الصينى للأسرة والوطن بالجهود الملموسة التى بذلوها، ما يمكّنهم من البقاء سوياً فى السراء والضراء.

الخلاصة: إن وحدة الهدف بين الدولة والشعب تُعد أهم أسباب النجاح فى مواجهة الأزمات، وتعد الإجراءات التى اتخذتها جمهورية الصين الشعبية والمجهودات المضنية التى بذلتها فى مكافحة فيروس كورونا الجديد، خاصة ما أظهره المواطن الصينى من التزام وصبر وتصميم على النجاة والنجاح، هى أهم أسباب النجاح. وحقيقة الأمر نجد أن التجربة الصينية مليئة بالعبر والدروس المستفادة، التى يمكن لجميع شعوب العالم الاستفادة منها من أجل الحفاظ على الصحة والسلامة العامة، والقدرة على السيطرة على هذا الفيروس اللعين.

*****

من أقوال الحكيم الصينى كونفوشيوس:

- من يرى الصواب ولا يفعله فهو جبان.

- بدل أن تلعن الظلام أوقد شمعة.

- لا يهم مدى السرعة التى تتجه بها نحو هدفك، المهم هو أن لا تتوقف.