سميح شعلان: قطع العلاقة بالجذور الثقافية ليس مؤشراً للتحضر.. "من فات قديمه تاه"

كتب: الوطن

 سميح شعلان: قطع العلاقة بالجذور الثقافية ليس مؤشراً للتحضر.. "من فات قديمه تاه"

 سميح شعلان: قطع العلاقة بالجذور الثقافية ليس مؤشراً للتحضر.. "من فات قديمه تاه"

 قال الدكتور سميح شعلان، مقرر لجنة التراث الثقافى غير المادى، بالمجلس الأعلى للثقافة، إن دراسة التراث الثقافى للشعوب أمر فى غاية الأهمية، إذ تكشف عن شخصية وطموحات الشعوب، والتغيرات التى تطرأ عليها عبر الزمان والمكان. وأضاف «شعلان» فى حواره لـ«الوطن» أن اللجنة لا يقتصر عملها داخل قاعات المجلس، وإنما تنتقل فى أماكن مختلفة فى مصر لرصد مظاهر هذا التراث على أرض الواقع.

مقرر "التراث الثقافى": جهودنا لا تقتصر على البحث داخل القاعات وإنما نعمل بشكل ميدانى

 

  ما أهمية وجود لجنة لـ«الفنون الشعبية» ضمن تشكيل المجلس؟

- تم تغيير مسمى اللجنة من «الفنون الشعبية» إلى لجنة التراث الثقافى غير المادى، لأن التراث غير المادى أكبر من مجرد الفنون الشعبية، فهناك عادات ومعتقدات، وإبداعات موسيقية وعمارة، كما أن العمارة جزء من ثقافة الشعوب، والفلكلور هو حكمة الاختيار من بين البدائل من الظروف المحيطة، والمجلس معنى بأمور الثقافة المصرية، وليس فقط معنياً بأمور ثقافة الصفوة، بقدر ما هو معنى بكل ملامح الثقافة المصرية، ومن ضمنها ثقافة الشعوب التى تحتاج التفاتة قوية، وتحتاج جهة ترعاها وتحميها، وتفكر فى مكوناتها وتكشف عن ملامحها وترصد التغيرات التى تطرأ عليها، وهى ليست مهمة لجنة نوعية، بقدر ما هى لجنة وطنية معنية بهوية شعب وثقافة أمة، وهذا ليس كلاماً رومانسياً بقدر ما هو احتياج حقيقى لشعوب كادت أن تذوب فى ثقافات الغير.

دراسة التراث الثقافى تساعد على فهم طموحات الشعوب وإزاحة الفكر السلبى

هل اهتماماتكم مقتصرة على ثقافة المهمشين؟

- ليس صحيحاً أن الثقافة الشعبية هى تراث الطبقة الفقيرة، فالفلكلور هو علم له قواعد واتجاهات، وعلم الأنثربولوجيا فى البداية كان يهتم بدراسة الشعوب لكى يتمكن المستعمر من احتلال الشعوب، ونحن نحتاج فهم الثقافة الشعبية لكى نفهم الجيد وننميه ونبحث فى أسباب الردىء ونزيح الفكر السلبى عن ملامح ثقافة الناس المستمدة من التراث.

ما مهمة اللجنة؟

- مهمتها وضع مفاهيم ومفاتيح وأسس العلاقة بين الدولة وشعبها، من جهة، وبين الفكر الجمعى والفكر الخاص من جهة ثانية، وبذلك تصبح ملامح التنمية قائمة على أسس صحيحة ومفاتيح تستطيع أن تفتح أبواب العقل الجمعى، وهى مهمة صعبة، كون الفنون الشعبية أو التراث غير المادى أداة مهمة للتعرف على الأبعاد الثقافية للمجتمع المصرى عبر الزمان والمكان، فدراسة تراثنا الغرض منها تنموى، لمزيد من فهم هذا الشعب ومكونه الثقافى ومن أى شىء يخاف وما هى أولوياته، ومن أى شىء يتألم، لكى نعرف مدى وعمق وسبب التغير.

وما آليات العمل؟

- منذ الدورة الماضية ونحن لدينا رغبة فى تفعيل علاقتنا باللجان ذات الصلة فى المجلس الأعلى للثقافة، لأننا لسنا لجنة نوعية، وقد قمنا بالتعاون مع لجان العمارة والفنون التشكيلية والدراسات الأدبية والموسيقى والتاريخ، وسعينا للتعاون مع الآثار فيما سبق، لكنها تقاعست وقتها لعدم فهمها الدور الحقيقى للجنة، وتصورت أنها مجرد لجنة فنون شعبية، سندعو من جديد فى الدورة الحالية إلى التكامل بين عمل اللجان ونسعى إلى تفعيل العمل المشترك خاصة لجنة التراث الثقافى غير المادى ذات الصلة بجميع اللجان ومنها لجنة الدراسات الأدبية، لكى نقدم مثلاً قراءة فى النص الأدبى الشعبى، ولجنة الموسيقى لنقدم قراءة فى النص الشعبى الموسيقى، وغيرها، أى إن اتصالنا ضرورى بكل اللجان. ولا يقتصر عملنا داخل قاعات المجلس، بل نتحرك خارج القاهرة، فقد قمنا بتنظيم مؤتمر دولى فى الأقصر حول «التراث الشعبى والتعليم»، وبالشراكة مع قصور الثقافة نفذنا عدة فعاليات فى الواحات وسيوة بمشاركة متخصصين من أهل المكان للاستفادة من خبراتهم، منهم أساتذة فى العمارة والآداب الشفاهية ونتحاور حول موضوعات تخصهم وتدخل فى نطاق عمل اللجنة، وهذه الأنشطة ليست ترفاً، لكنها ثقافة الشعوب، ويهمنا مناقشتها على أرض الواقع ومن أفواه أصحابها، فكل جماعة إنسانية لها سماتها، ولها نسق من التصرفات والعادات، أو الثقافة النابعة من ظروفها الخاصة.

ما أهمية أن نهتم بمثل هذه الموضوعات؟

- «من فات قديمه تاه» فقطع العلاقة بالجذور الثقافية ليس مؤشر تحضر، وقد يؤدى بنا إلى ثقافة مغايرة لا تتناسب مع واقعنا الخاص، معرفة الإنسان بتاريخ وطنه، ووعيه بهذا التاريخ أمران أساسيان لا غنى عنهما، لتأسيس وعى حقيقى بوجوده المعاصر، فضلاً عن أنهما شرطان مبدئيان أيضاً لتخطيط حياته حاضراً ومستقبلاً، وملامح الثقافة الشعبية تعكس مؤشرات تنموية، أيضاً فعند انتشار الأفكار الغيبية غير الرشيدة، فذلك يعكس غيبة الوعى الناتج بدوره عن نقص الخدمة التعليمية والخدمة الصحية، وهو ما ينبه الجهات المختصة للعمل على ملء هذه الفراغات، أى هى مؤشرات للتنمية، وعند الانتباه مثلاً إلى اتجاه المرأة إلى هذه الغيبيات فهذا مؤشر على تفشى الأمية بين الإناث، فتنتبه الجهات المسئولة إلى أن اختيار الناس قائم على الظروف الاجتماعية أو الصحية وهكذا.

يقال إن جهود اللجان تظل حبيسة الأدراج ولا يتم الاستفادة بها فما رأيك؟

- نتمنى أن يتم الاستفادة من هذه الجهود، لأنه من المفترض أن اللجنة تضم نخبة من الأعضاء المتخصصين، كما أن وجود أعضاء بمناصبهم فى التشكيل مثل رئيس صندوق التنمية الثقافية، ونائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، ورئيس الإدارة المركزية للبيت الفنى للفنون الشعبية والاستعراضية، فذلك سيساعدنا على تبادل الخبرة بين اللجنة وبين هذه الجهات التنفيذية، ومن شأنه خلق قدر من التفاعل والتكامل فى العموم.

ما الملفات التى تُعد من أولويات عمل اللجنة؟

- اللجنة معنية بالملفات التى تُعرض على اليونيسكو، وبمتابعتها وتوليفها، كما أننا معنيون بكل ما يتعلق بذلك بتوجيه الأجهزة الحكومية المعنية بأمور الثقافة الشعبية.


مواضيع متعلقة