لبنى عبدالعزيز: دعوت الله أن تنشق الأرض وتبتلعنى فى أول يوم تصوير"الوسادة الخالية"

كتب: أحمد حسين صوان

لبنى عبدالعزيز: دعوت الله أن تنشق الأرض وتبتلعنى فى أول يوم تصوير"الوسادة الخالية"

لبنى عبدالعزيز: دعوت الله أن تنشق الأرض وتبتلعنى فى أول يوم تصوير"الوسادة الخالية"

تقول الفنانة لبنى عبدالعزيز إنها لم تطمح للنجومية يوماً ما، أو تشغل بالها بمساحة الدور، شرط أن يكون محورياً وله أثر بالغ الأهمية، إذ إن ابتعادها عن الساحة الفنية منذ ثمانية أعوام تقريباً يرجع إلى أنها لم تجد السيناريو الذى يدفعها لدخول البلاتوه مجدداً، تقول: «أرغب فى تقديم دور جديد لم أقدّمه من قبل ولا تستطيع فنانة غيرى تقديمه»، فهذه المعايير جعلتها تعتذر للمخرج يوسف شاهين عن عدم التعاون معه ذات مرة «لست فى حاجة للشهرة أو المال أو النجومية».

ترى «لبنى» أن غالبية النجوم يقدمون دوراً فنياً واحداً لكن فى أشكال فنية مختلفة، منهم فريد شوقى «الفتوة» فى كل أعماله، وفاتن حمامة المظلومة دوماً، بينما هى يحفظ الجمهور الشخصيات التى تقدمها مثل «هميس» و«سميحة»، فتصف نفسها بأنها «عجينة» متنوعة، تجعل الجمهور يتذكر أفلامها بالشخصيات التى تلعبها. وتتحدث لبنى عبدالعزيز، فى حوارها لـ«الوطن»، عن حالتها الصحية، وأسباب ابتعادها عن الساحة الفنية وحقيقة اعتزالها، وتعاونها الفنى الأول مع عبدالحليم حافظ، وهجوم الصحافة الأمريكية عليها، كما تتحدث عن أسرتها ومخاوفها من الحياة، وغيرها من التفاصيل.. إلى نص الحوار:

لا أنتظر سؤال أحد بالوسط الفنى للاطمئنان علىّ.. واتهام الناس لى بالغرور سوء تفاهم.. و"شويكار" كانت تقرأ لى الفنجان

فى البداية نود الاطمئنان عليكِ وسط انتشار أنباء عن أنك غاضبة من الوسط الفنى لعدم السؤال عنك؟

- أنا الحمد لله بصحة جيدة وفى أفضل حال، ولم أشكُ لحظة من تجاهل الوسط الفنى لى وعدم السؤال عنى، فليس لدىّ الوقت من الأساس لتلك الأمور، ولم أنتظر السؤال من أحد، لا سيما أننى منذ اليوم الأول لى فى عالم الفن لم يكن اختلاطى بالعاملين به بشكل قوى، وعالمى الخاص لم يعتمد على الفن فحسب، فلدىّ أصدقاء من الإذاعة والجامعة الأمريكية فضلاً عن عائلتى، فلم أسعَ يوماً للاختلاط بـ«الشلل» والحفلات والمهرجانات وأعياد الميلاد، وأتذكر أن الفنانة شويكار كانت هى الأقرب لى فى الوسط، فقد كانت تقتحم غرفتى فى التصوير وتُعد لى القهوة ثم تقرأ لى الفنجان.

صداقتى بدلال عبدالعزيز انطلقت من الكوافير.. وتعجبت من ميرفت أمين يوم عزاء زوجى

هل ذلك يعنى أن علاقتك بالوسط لم تكن ممتازة؟

- لا بالتأكيد، والدليل على ذلك أننى وجدت ترحيباً شديداً من زملائى بالوسط الفنى فور عودتى من أمريكا، لعل أبرزهم سمير صبرى، الذى ما زال يتواصل معى حتى الآن، وشادية، وماجدة، وميرفت أمين، التى دعمتنى بشكل كبير فى الأيام الأولى لوفاة زوجى، بشكل أثار تعجبى لشدة نبل موقفها، فظلت ممسكة بيدى طوال يوم العزاء، وتشد من أزرى، والفنانة دلال عبدالعزيز، حيث نشأت صداقتنا داخل الكوافير وليس فى البلاتوه، كما كانت تداوم على قراءة مقالاتى فى «الأهرام ويكلى».

ولماذا أنت قليلة الاختلاط بالوسط الفنى؟

- أنا خجولة بطبيعة الحال، ولا أبادر بالتواصل مع أى شخص إن لم يأخذ هو الخطوة، وذلك صدّر انطباعاً لقطاع كبير من الجمهور بأننى مغرورة ومتعالية، وهذا ليس صحيحاً على الإطلاق، وبمثابة سوء تفاهم من الناس، كونى قليلة الاختلاط، فما الشىء الذى أملكه لكى أكون مغرورة؟ الشكل؟ هو منحة من الله وليس لى أى دخل.. الموهبة؟ هى نعمة من الله، فالشىء الوحيد الذى سيطر على اهتماماتى هو التثقيف، فكنت شغوفة باكتساب أكبر قدر من المعلومات والقراءة، وهذا الأمر الذى أفتخر به دوماً.

وما حقيقة اعتزالك مجال الفن؟

- لم أعلن اعتزالى بعد، فما زلت أتلقى عروضاً حتى الآن، لكن أعتذر عنها، كونها غير مناسبة لى إطلاقاً، فأنا أطمح لتجسيد أدوار جيدة ومؤثرة وتترك أثراً إيجابياً عند الجمهور، فلا يشغلنى مساحة الدور إطلاقاً، حتى وإن كان مشهداً وحيداً، لكن بكل الأحوال تفكيرى ليس متجهاً للسينما فى الوقت الحالى، فكل الأوضاع المحيطة بالمجال ليست ملائمة، فأنا نفسى «مسدودة» عن السينما منذ 20 عاماً تقريباً، ولم أشاهد أى عمل مصرى ولا أعرف النجوم الجدد للأسف، كون أغلب الأعمال التى تُعرض بها مخدرات وعنف، فلا تشجع على المتابعة.

وما الشىء الذى تفتقدينه فى الوقت الحالى؟

- أفتقد بناتى وأحفادى، فهم يعيشون فى أمريكا، وباستثناء ذلك لا ينقصنى شىء.. حياتى كاملة، لاسيما أننى شخصية ليست اجتماعية، وأفضّل أن أكون بمفردى إذ أتيحت لى الفرصة، لذلك يكون لوحدتى معنى، فأحرص على الاستفادة والبحث والاطلاع واسترجاع الأشعار والكتب التى قرأتها، فأحب وحدتى أكثر من أى شىء.

"شبعت" تكريمات كون عمرى السينمائى 8 أعوام فقط.. ولم أطمح للنجومية يوماً

هل تعتقدين بأنكِ لم تحصلى على التكريمات الكافية بشكل يتناسب مع حجم موهبتك؟

- وسط ابتسامة خفيفة.. أنا أعتذر عن تكريمات كثيرة فى السنوات الأخيرة، لأننى «استكفيت» و«شبعت» تكريمات، لا سيما أن عمرى ليس طويلاً فى السينما بقدر فنانات قدّمن أعمالاً على مدار 50 عاماً متواصلة، فأنا ظللت أقدم للسينما لمدة 8 أعوام فقط، بإجمالى 15 فيلماً، والبعض يظن أننى شاركت فى 100 فيلم، لذلك أعتقد أن الأمر لا يستحق كل هذه التكريمات.

إذن، ما تفسيرك لقلة حجم أرشيفك الفنى؟

- لأننى لم أكن أوافق على أى عرض أتلقاه، فكنت أشارك فى الأعمال التى تصنف من الدرجة الأولى فقط، فقد درست سينما ودراما فى أمريكا، فأنا مُلمة بالمجال الفنى بشكل جيد، ولم أطمح يوماً للنجومية، فأنا ممثلة فقط، كون ذلك دراستى وموهبتى، فكنت أمثل بالجامعة الأمريكية منذ صغرى، والجرائد كانت تكتب عنى دوماً، وصورى تغطى أغلفة المجلات، ودخلت الإذاعة عندما كان عمرى 10 أعوام، فشاركت بعدد من المسلسلات الإذاعية وكذلك برنامج «ركن الطفل».

الغربة أبعدتنى عن بطولة فيلمَى "خلى بالك من زوزو" و"النظارة السوداء".. وأفتقد بناتى وأحفادى حالياً

وكيف أثرت هجرتك لأمريكا على نشاطك الفنى؟

- سافرت لأمريكا برفقة زوجى وبناتى لمدة 30 عاماً، وذلك لم يكن مخططاً له سلفاً، لا سيما أننى كنت متعاقدة مع سعد الدين وهبة على 3 أفلام جديدة، بعد نجاح فيلمى «إضراب الشحاتين» مع حسن الإمام، وهى «خلى بالك من زوزو» الذى كان يحمل الاسم المبدئى «بنت العالمة»، وفيلم «النظارة السوداء» و«الطريق المسدود»، وأخبرت «وهبة» بأننى سأسافر أمريكا أطمئن على أسرتى وأعود للقاهرة سريعاً، وذلك لم يحدث، فزوجى طلب منى أن أقيم معه وعدم العودة، وظللت أفكر فى طلبه حتى وافقت فى النهاية، كونى وعدته فى بداية زواجنا بأننى سأكون زوجة له وسنربى أسرة، فكنت هناك زوجة وأماً وفقط، ولم أندم على سنوات الغربة إطلاقاً، فالبيت والأسرة واجبى وأهم بكثير من التمثيل.

دعينا نتحدث عن أول أفلامك «الوسادة الخالية» مع عبدالحليم حافظ وتروى لنا كواليسه؟

- اليوم الأول فى تصوير الفيلم كان صعباً علىّ للغاية، ففور دخولى البلاتوه فوجئت بنحو 300 صحفى ومراسل يرغبون فى رؤية الفتاة الجديدة التى ستشارك عبدالحليم حافظ بطولة الفيلم، فقلت فى سرى «إيه اللى عملتيه فى نفسك ده يا لبنى.. ليه وافقتى على الدور ده؟»، ودعوت الله أن «تنشق الأرض وتبتلعنى»، فأنا كنت وجهاً سينمائياً جديداً ولا أعرف شيئاً، فكانت رغبتى الوحيدة آنذاك هى التمثيل فقط ولم أطمح للنجومية، فلم أختلط بالناس فى اللوكيشن، وكنت ألتزم غرفتى طوال الوقت بعد انتهاء التصوير.

وماذا عن النقد وردود الفعل بشأن أول أعمالك السينمائية؟

- روى لى أحد أصدقائى الصحفيين الكبار أن الكاتب الكبير على أمين كتب عنى مقالاً يهاجمنى فيه ذات مرة، بعد طرح فيلم «الوسادة الخالية»، دون أن يشاهده، ووصفنى فيه بـ«الأكذوبة» وأننى اقتحمت السينما بـ«الواسطة» والصحافة تمدحنى لأن والدى صحفى، وبعدها توجه إلى السينما لمشاهدة الفيلم فى حفل الساعة الثالثة عصراً، وبعدها توجه مسرعاً إلى المطبعة لحذف المقال والتراجع عن وصفه لى بالأكذوبة، وقال: «لن أجامل أحداً على حساب موهبة لبنى»، ومنذ ذلك الحين أصبحنا أصدقاء ونسافر معاً، لكن لم أفتح معه هذه الواقعة طوال حياته.

عبدالحليم حافظ قال لى "مادقتش طعم النجاح غير معاكى".. وزملائى بأمريكا أخفوا عنى خبر وفاته

وما أبرز المواقف التى جمعتك بعبدالحليم حافظ؟

- لم أكن أعرف عبدالحليم حافظ، أو حجم نجوميته وأهميته قبل «الوسادة الخالية»، فقد عشت فى أمريكا لسنوات، حيث كنت أدرس هناك، وبعد عودتى بفترة دعتنى تماضر توفيق لحفل عشاء فى بيتها، وفوجئت هناك بـ«العندليب»، لكن لم أنتبه له كونى لا أعرفه مسبقاً، لكنه لم يغضب من ذلك الأمر، وذلك حتى تعاونت معه فى «الوسادة الخالية»، وبعد نجاح الفيلم فى دور العرض، قال لى «أنا عملت قبل ده حوالى 8 أفلام مع كل النجمات، لكن دى أول مرة فيلم ينجح ويكتسح كده.. وده بسببك انتى»، وصارت علاقتنا قوية منذ ذلك الحين.

وكيف استقبلتِ نبأ وفاته؟

- كنت فى أمريكا وقتها، وكل أصدقائى هناك أخفوا عنى خبر الوفاة، حتى جاء صديق لنا فى وقت متأخر، وأخبرنى، وتأثرت بشكل غير طبيعى، ودخلت فى حالة حزن شديدة، وحرصت على زيارته فى القبر، وقراءة الفاتحة له فور عودتى للقاهرة.

قلت لعلى إدريس "هعمل لك اللى انت عاوزه" لهذا السبب

وما حقيقة ندمك على مشاركتك فى فيلم «جدو حبيبى»؟

- لا إطلاقاً، الفيلم حقق نجاحاً بين الجمهور، وما زال يُعرض على شاشات التليفزيون حتى الآن، كونه لم يحقق إيرادات فى شباك التذاكر، كونه طُرح بالتزامن مع حادث بورسعيد، وأتذكر أن على إدريس جاء لى المسرح وقت عرض مسرحية «سكر هانم»، وظل يتحدث معى عن أعمالى السينمائية بشكل تفصيلى، وأبدى إعجابه الشديد بفيلم «هى والرجال» لا سيما مشهد الصخرة، وفوجئت برأيه، حيث إن هذا الفيلم هو أبرز الأعمال التى أثرت فىّ بشكل شخصى، رغم أنه لم يحقق الانتشار المطلوب، فقلت له «هعمل لك اللى انت عاوزه»، فعرض علىّ سيناريو فيلم «جدو حبيبى» ورحبت بالأمر، وهو الآخر رحّب بالتعديلات التى طلبتها.

وما آمالك وطموحاتك؟

- ليست لدىّ أمنيات، لا سيما أننى والحمد لله بصحة جيدة، ومحاطة بعائلتى وأحبائى، فهم بمثابة عوض لى عن سفر بناتى وأحفادى، حيث كنت أتمنى أن أعيش معهم، فلا شك أن هناك نوعاً من الحرمان، لكن عائلتى تجعلنى لا أشعر بذلك، كما أننى عندما كنت أقيم فى أمريكا، كنت أتمنى أن أموت وأدفن فى بلدى مصر وألا أموت بالخارج.

وما مخاوفك من الحياة؟

- أخاف أن أصاب بمرض ألزهايمر، أو أن أعجز عن الحركة وأجلس على كرسى متحرك، فلا أريد أن أمثل عبئاً على أحد، وأتسبب فى متاعب لمن حولى، وأتمنى أن أموت وأنا أصلى.


مواضيع متعلقة