"الجارديان" وشقيقاتها ما كل هذه الرائحة الكريهة؟!

مصطفى عمار

مصطفى عمار

كاتب صحفي

عشنا سنوات طويلة على وهم «مهنية» المؤسسات الصحفية العالمية، تعلمنا خلال دراستنا ومن أساتذتنا فى المهنة أن هذه المؤسسات لا مجال للخطأ بداخلها، وأن القواعد المهنية بداخلها لنشر الأخبار، والـتأكد من صحتها، غير قابلة للشك ولو بمقدار 1%، لكن ما تعلمناه وسمعناه للأسف تحول إلى وهم كبير، فهذه المؤسسات العملاقة وصاحبة التاريخ الكبير، اتضح أنها تسير خلف من ينفق عليها، ويمولها، لا حديث فيها يعلو على حديث الإسترلينى والدولار واليورو، كنت واحداً ممن يرون أن التشكيك فى مهنية ومصداقية هذه المؤسسات أمر غير قابل للنقاش، وأن من يقوم به مجنون أو يمارس نوعاً من أنواع التملق والنفاق للسلطة، لتحقيق مصالح شخصية، لكن بعد ما قدمته لنا «الجارديان» من تقرير مفبرك عن أعداد المصابين بفيروس «كورونا» فى مصر، وتأكيدها أن عدد المصابين يتخطى حاجز الـ19 ألفاً، جعلنى أعيش فى صدمة، لأننى عندما تتبّعت مصدر المعلومة داخل الخبر وجدتها مبنية على دراسة فردية لباحث، رفضت أغلب الصحف الكبرى فى العالم نشرها، لأنها اعتقاد شخصى مبنى على توقع لا أكثر ولا أقل، وبالطبع تساءلت: كيف لمؤسسة بهذا التاريخ، أن تقع فى هذا الخطأ المهنى الذى يرتقى لمرتبة الفضيحة؟، ووجدت الإجابة عندما عرفت أن القطريين استحوذوا على غالبية أسهم المؤسسة الكبيرة، وأن هذه المؤسسة تقوم بالإعلان لدى «نيويورك تايمز»، بمبلغ يتراوح بين عشرة وخمسة عشر مليون دولار، بالإضافة إلى إصدار مجلة «ميدل إيست آى»، وهو ما يفسر أن تتبنى المؤسستان حملة لتشويه سمعة مصر ونظامها بنشر أخبار كاذبة عن أعداد المصريين المصابين بفيروس «كورونا»، فواحدة تؤكد أن أعداد المصابين تجاوز الـ19 ألفاً، والثانية تؤكد أن الفيروس تحور فى مصر وبات أكثر فتكاً وخطراً على البشرية، متناسين الحديث عن دول أوروبية الوضع فيها مأسوى أكثر من مصر، فدولة مثل إيطاليا وصل فيها عدد المصابين إلى أكثر من 13 ألف إصابة، وعدد المتوفين 1809، لم تشغل اهتمام المؤسستين الكبيرتين، وتركتاها وتفرغتا لتأكيد أن الوضع فى مصر أكثر خطراً من إيطاليا!، دون أن نرى حتى فى دائرة معارفنا ثلاثة أشخاص اكتشفوا أنهم مصابون بفيروس «كورونا»، ودون أن يشغلوا أنفسهم بالوضع فى باقى الدول الأوروبية، التى يأتى فيها الوضع أكثر خطورة من مصر!، وحتى وكالة «رويترز» المشهود لها بالمهنية والحياد لسنوات طويلة، نشرت هى الأخرى تقريراً عنوانه «المغرب تعلق الرحلات الجوية من وإلى 25 دولة، منها مصر والبحرين والإمارات»، ثم تفاجأ فى الخبر بأنه يقول: قالت وزارة الخارجية يوم السبت إن المغرب علقت الرحلات الجوية من وإلى 25 دولة بسبب المخاوف من انتشار فيروس كورونا فى تمديد لحظر سابق للسفر، شمل الصين وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا والجزائر.

وتشمل الدول الأخرى التى قررت المغرب تعليق السفر منها وإليها «النمسا والبحرين وبلجيكا والبرازيل وكندا وتشاد والدنمارك ومصر وألمانيا واليونان والأردن ولبنان ومالى وموريتانيا وهولندا والنيجر والنرويج وسلطنة عمان والبرتغال والسنغال وسويسرا والسويد وتونس وتركيا والإمارات».

هل رأيتم ترتيب الدول التى علقت دولة المغرب معها الرحلات الجوية، لكن الإصرار على تصدير مصر فى العنوان الرئيسى للتقرير!، هل هذه مهنية، أم مؤامرة؟! ولمن يريد أن يتأكد، فليذهب إلى اللينك

https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKBN21111X ليتأكد بنفسه من حجم التزوير والفبركة للنيل من سمعة مصر والتأثير على اقتصادها، كل هذه الحقائق تؤكد أن مصطلح «المهنية» وهم كبير تم الترويج له لسنوات طويلة، لمنح هذه المؤسسات مصداقية وتأثيراً أكبر، بينما حقيقة الأمر أن رائحة كريهة تنبعث من أبوابها، ومن بين أصابع محرريها!