في ذكرى وفاته.. البابا شنودة لم يكن معارضا لاتفاقية كامب ديفيد

كتب: مصطفى رحومة:

في ذكرى وفاته.. البابا شنودة لم يكن معارضا لاتفاقية كامب ديفيد

في ذكرى وفاته.. البابا شنودة لم يكن معارضا لاتفاقية كامب ديفيد

تحل غدا الثلاثاء، الذكرى الثامنة لوفاة البابا شنودة الثالث، البطريرك الـ117 للكنيسة القبطية الأرثوذكسية الذي توفي في 17 مارس 2012.

وتداولت الكثير من الصحف والمواقع الصحفية، خلال السنوات الماضية، رفض البابا الراحل شنودة الثالث، طلب الرئيس السادات بتشكيل وفد كنسي لمرافقته في زيارته التاريخية إلى الكنيست الإسرائيلي، ورفض البابا لاتفاقية كامب ديفيد للسلام، وأن ذلك هو سبب الخلاف بين البابا الراحل والرئيس السادات التي انتهت العلاقة بينهما بإصدار الأخير قرارا بعزل الأول وإلغاء القرار الجمهوري بتعيينه بابا للأقباط.

ويأتي هذا الخلط جراء مواقف البابا الراحل الوطنية، فضابط الاحتياط بالجيش المصرى عام 1947، كان فى جانب الدولة المصرية حينما احتاجت إلى أبنائها عام 1973 للتخلص من آثار هزيمة 1967، وأسهم البابا وقتها في الإمداد الحربي للقوات المسلحة، بالدعم والتشجيع، حيث زار جبهة القتال قبيل حرب أكتوبر، والتقى بقادة القوات المسلحة والضباط مرتين، الأولى يوم 14 أبريل عام 1972، والثانية يوم 4 فبراير عام 1973، وعندما نشبت الحرب بين مصر وإسرائيل، قامت الكنيسة بتوفير الأدوية والمساعدات الإنسانية، ودعم المجهود الحربي.

وأصدر البابا العديد من المنشورات التي أرسل بعضها إلى الجنود على الجبهة، والشعب المصري ككل في وقت الحرب، دحض خلالها فكرة أن "إسرائيل هي شعب الله المختار"، وفي الدقائق الأولى للحرب عقدت الكنيسة اجتماعات متتابعة لمساندة الجيش وتنظيم عدة زيارات للجنود الجرحى في المستشفيات يوم 22 أكتوبر عام 1973، بالإضافة إلى زيارة الجبهة يوم 24 مارس 1974 بعد انتهاء العمليات العسكرية.

فتكشف أعداد جريدة الكرازة الناطقة بلسان الكنيسة، والتي كان يرأس تحريرها البابا شنودة الثالث شخصيا، عن تأييد البابا ودعمه للرئيس السادات في قراره بالذهاب إلى الكنيست الإسرائيلي وخطواته للسلام، ففي عدد مجلة الكرازة الصادر في 2 ديسمبر 1977 قدم البابا تحية للرئيس أنور السادات بمناسبة زيارته للقدس وكنيسة القيامة، ووصف وقتها البابا الرئيس السادات بأنه "الرئيس المحبوب" وجاء تحته: "تحية للرئيس السادات في مبادرته الجريئة التي اتخذها في طريق السلام، وتحية لخطبته التي ألقاها في الكنيست الإسرائيلي وكانت أكثر من رائعة وقد ضمنها كل الطلبات الوطنية التي تطلبها البلاد العربية كلها، تحية له في زيارته لكنيسة القيامة، وما تحمل الزيارة من دلالات عميقة".

وفي رحلة السلام هذه أرسل البابا برقية إلى الرئيس السادات يقول فيها: "سافر يا سيادة الرئيس، محمولا على صلوات شعبك ودعواته، سافر وأنت محاط بحب الجميع وثقتهم وتأييدهم، الرب معك يحفظك ويكتب لك في كل خطوة سلامة".

وحضر البابا صباح 29 نوفمبر 1977 الاجتماع الذي ألقى فيه الرئيس السادات بيانات عن رحلته إلى إسرائيل في مجلس الشعب، وأرسل المجمع المقدس للكنيسة برقية تأييد للرئيس السادات حملت توقيع البابا شنودة وصفت خطوته بالجريئة والشجاعة ومطالبا الرئيس بعدم "الخضوع للشعارات القديمة المتوارثة والتي لم تعد مناسبة للجيل الحالي" بحسب البرقية، ورد الرئيس السادات على برقية البابا ببرقية مماثلة مقدما له الشكر.

حتى أنه تداولت في هذا الوقت الصحف خبرا عن زيارة البابا شنودة الثالث للقدس، إلا أن جريدة الكرازة في عددها الصادر في 16 ديسمبر 1977 خرجت لتؤكد أن الخبر غير صحيح وأن البابا سيزور القدس عندما يفتح طريق القدس للجميع إن شاء الله بعد أن يحقق الله خطة السلام على يد الرئيس السادات وحينما تكون هذه الزيارة متماشية مع سياسة مصر.

والبابا شنودة اسمه الحقيقي "نظير جيد" ولد في قرية سلام بمحافظة أسيوط، في 3 أغسطس 1923، تخرج بكلية الآداب قسم التاريخ جامعة القاهرة، وفي عام 1947 التحق بالكلية الإكليريكية القسم المسائي قبل أن يحصل على بكالوريوس اللاهوت عام 1950 ويكون الأول على دفعته ويعين مدرسا بالكلية الإكليريكية نظرا لنبوغه وتفوقه.

وترهبن في دير العذراء السريان بوادي النطرون تحت اسم "الراهب أنطونيوس السرياني" في 18 يوليو 1954، وتتلمذ "أنطونيوس" على يد الأب متى المسكين، وذهبا معا في دروب الرهبنة، وترشحا سويا إلى الكرسي البابوي عام 1956، قبل أن يتم استبعادهم ويأتي البابا كيرلس السادس بطريركا للكنيسة، والذي قرر الأخير في 10 مايو 1959 تعيين القس أنطونيوس السرياني في سكرتاريته وبعدها بسنوات وتحديدا في 30 سبتمبر 1962 سيمه أسقفا للتعليم باسم "الأنبا شنودة"، حتى وصل به في 1971 جالسا على الكرسي البابوي، وتوفي في 17 مارس 2012.


مواضيع متعلقة