رعب "كورونا"..وفخ التلاعب بالاحصاء..!
توجد مقولة للاستاذ الدكتور احمد شقير استاذ جراحة المسالك بطب المنصورة لم انسها قط .. كان يقول ان "الحياة باكملها جدول احصائي كبير .. لا شيء فيها لا يعتمد علي الاحصاء.. قرارات الدول .. رأي الناس .. اصدار الاحكام ..كلها تخضع للاحصاء.. وعلي الرغم من كل ذلك .. فلا احد يهتم بقواعد احصائية صارمة ..مع ان جدول احصائي سليم يعني سلامة الحياة كلها"والواقع انني ادين بالفضل لهذا العالم الجليل .. فلولاه لما تعلمت قواعد الاحصاء الطبي .. ولما تمكنت من فهم ما يحدث في العالم هذه الايام بشكل دقيق ..!
لا صوت يعلو هذه الايام فوق صوت ازمة فيروس الكورونا المستحدث .. الكثير من التصريحات الصادمة التي تخرج كل لحظة من الحكومات و المنظمات.. والاكثر من الذعر الذي ينتشر رويداً رويداً بين الناس ليصبح ازمة منفصلة .. لا اعتقد انها ستنتهي بسهولة حتي بعد انتهاء ازمة الفيروس نفسه..!الطريف لن الذعر لم يبدأ مع ظهور المرض في الصين .. وكأن الناس قد اعتادوا ان الاوبئة تظهر هناك و تختفي دون ان نسمع بها او نراها ..او ان الصين نفسها قد اعتادت علي الامر ..خاصة وان اعداد الوفيات لم تتجاوز ٣٪ .. اي انها اقل من نصف اعداد الوفيات الناتجة عن الانفلوانزا الموسمية .. و لكن المشكلة هذه المرة ان المرض قد انتقل الي القارة العجوز ..وتحديداً الي ايطاليا .. مع تضاعف في نسبة الوفيات التي تم رصدها لدرجة وصلت الي ٨٪ من الاصابات .. و زيادة في معدل الانتشار والعدوي ..والاخطر من كل هذا ..انخفاض في معدلات الشفاء..!لقد بدأ الذعر حين اكتشف العالم ان اعداد المصابين في اوروبا تتضاعف بمتوالية هندسية كل يوم .. مما يعني "احصائياً" ان المرض سيصيب خلال ثلاث اشهر فقط اكثر من ١٠٠ مليون شخص!!
و هو رقم عنيف لم يحدث من قبل في اي وباء سابق ..والحقيقة انه - وعلي الرغم من احترامي لكل التخوفات التي يمارسها العالم و تنتهجها الحكومات للحفاظ علي مواطنيها- .. الا ان كل ما سبق يفتقد الي امر هام .. فكل المعدلات السابقة يشوبها "التحيز" او ال Bias.. احد اهم العوامل التي تفسد اي نموذج احصائي .. مما يجعلها غير دقيقة علي الاطلاق .!فاوروبا تدعو منذ فترة طويلة الي تحديد النسل .. الامر الذي جعل متوسط اعمار الشعوب الاوروبية يرتفع ليصل الي ٤٦ عاماً في ايطاليا مثلاً ..ساعد علي ذلك ارتفاع مستوي الرعاية الصحية في تلك الدول .. مما جعل متوسط عمر المواطنين يرتفع ..فاذا وضعنا تلك الحقيقة بجوار معلومة ان الوفيات الناتجة من الفيروس معظمها لاعمار تتجاوز الستين عاماً سنفهم الامر بشكل واضح..!لم يتحور الفيروس في ايطاليا.. ولم تزداد نسب الوفاة منه بشكل كبير .. كل ما في الامر ان عدداً كبيراً من المصابين من كبار السن الذين هم اكثر عرضة للوفاة من الاساس .. و لذا ظهرت النتيجة الاحصائية بهذا الرقم المخيف ..!
الامر لا يمكن تطبيقه في دولة شابة مثل مصر مثلاً .. فالهرم السكاني لدينا يوضح ان مصر بها اكثر من ٣٤٪ من الفئة العمرية ما دون الثلاثين عاماً.. و ليس بها سوي ٣.٩٪ فقط من السكان يتجاوز عمرهم ال٦٤ عاماً .. مما يعني ان النسبة ستختلف حتماً..!
ربما كان النموذج الاقرب للحقيقة احصائياً هو الصين التي امتلكت عدداً كبيراً من الحالات من مختلف الاعمار.. لذا فارقامها تعد الاكثر دقة حتي الان.!لا احاول تهوين الامر كما يظن البعض ..فقط احاول وضع الامر في نصابه .. فالفزع لن يفيد احداً .. فلنلتزم باجراءات الوقاية ومكافحة العدوي .. و لنرصد الحالات المؤكدة .. و لننتظر اول دراسة احصائية سليمة عن المرض في مصر ..دراسة لا تحمل "تحيزاً" ...الا للوطن..!