خبراء: "الدخلاء جعلوا التنمية البشرية بيزنس.. والتدريب صعب ويحتاج إلى مؤهلات وقدرات خاصة"
"هشام": "محاضرات إبراهيم الفقي سبب شهرته"
![كورسات التنمية البشرية تحولت إلى بيزنس](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/385108751583526278.jpg)
كورسات التنمية البشرية تحولت إلى بيزنس
أجمع عدد من خبراء ومدربى تنمية الموارد البشرية على أن هناك عدة خطوات يجب اتباعها كى يعمل الفرد بهذا المجال، منها الخبرة والكفاءة وجودة المعلومة، إضافة إلى القدرة على التواصل مع الذات ومن ثم الآخرين، مشيرين إلى أن قياس درجة الاستفادة صعب، وأن دور المدرب أصبح يغنى عن الواعظ فى الأمور الحياتية، وأنه يبدو للبعض مجالاً سهلاً ولكنه غير ذلك، مؤكدين أن هناك دخلاء على المهنة هم من حولوه إلى «بيزنس»، دون الاهتمام بجودة المعلومة.
وقال هشام الجمل، 51 عاماً، كاتب ومحاضر، ورئيس المجلس التنفيذى لشركة «كويست للتنمية البشرية»، التى أسسها 1999، إنها كانت تستهدف تنمية مهارات الأشخاص، خاصة فى «التسويق وخدمة العملاء»، لحداثتها فى ذلك التوقيت، وبمرور السنوات أصبحت تهتم بكافة مجالات التنمية البشرية، لكنها تقتصر على التعامل مع الشركات والمؤسسات العربية والعالمية، دون التعامل مع الأشخاص الفردية، مضيفاً أنه خريج كلية الهندسة، وعمل مهندساً لأكثر من 8 سنوات، ثم تطرق للعمل فى البيع والتسويق بفرع إحدى الشركات الأجنبية بمصر لسنوات عدة، حتى امتلك الخبرة، فأسس شركة مع إحدى زميلاته: «ليس لنا فروع، ولدينا شراكة مع عدد من الشركات العالمية التى لها فروع بمصر وشركات المحمول».
وأشار «هشام» إلى أن ارتفاع أسعار كورسات التنمية البشرية مؤخراً له جانبان أحدهما مستحق، وذلك فى حالة أن يكون المدرب لديه المزيد من الخبرة، وصرف الكثير من الأموال كى يقوى مهاراته، والآخر غير مستحق فى حين يكون تجارة، وهو ما يؤديه الشباب صغار السن، ويعتبرون دخلاء على المهنة، موضحاً أن هناك مجالات تحتاج إلى دراسة أو خبرة كمهارات البيع والتسويق، إذ تتوقف على تجارب الفرد، وهناك أيضاً مجالات لا تحتاج لخبرة أو تجارب، منها مهارات قيادة الذات، وتحقيق الأهداف، موضحاً أن التنمية البشرية يبدو للبعض سهلاً، ولكنه صعب، فهو يحتاج لمهارات وقدرات عدة كى يتحقق النجاح، متطرقاً للحديث عن سبب شهرة إبراهيم الفقى فى التنمية البشرية، والذى أرجعه إلى المحاضرات العامة التى كان يلقيها، وكتاباته العديدة، فيقول: «الدكتور إبراهيم اشتهر بسبب كتاباته، لكن فيه خبراء كتير عندهم نفس الخبرة والمعلومة، لكن لم ينالوها».
وأوضح أن مدربى التنمية البشرية أصبح لهم دور أكبر من الواعظ أو رجل الدين، لأنهم يهتمون أكثر بالأمور الحياتية، لكن الدينية والعقائدية ما زال رجل الدين مصدرها الرئيسى، مشيراً إلى تشابه دوره والطبيب النفسى، مع اختلاف أنه لا يعالج الفرد، ولكن يعطيه خطوات أو حلولاً لمشكلاته.
وسرد «هشام» موقفاً له مع أحد الشباب والذى يدل على مدى استفادة محاضريه منه، بقوله: «كنت بحاضر فى جامعة عن موضوع تحقيق الأهداف والوصول للحلم، بعد المحاضرة شاب جه قال لى إنه حضر لى محاضرة من كام سنة، وطبق كلامى واستفاد منه، وبقى عنده مشروع خاص بيه، وحياته اتحسنت كتير».
وأشار إلى أن عدد متابعيه على «فيس بوك» تخطى الـ20 ألف متابع، وأصدر كتاباً عام 2018، بعنوان «شفرة روميو وجولييت»، والذى يتحدث عن طبيعة علاقة الرجل والمرأة، وأنه من أشهر الأسئلة التى تطرح عليه، الخاصة بكيفية تحقيق الأهداف وتخطى الصعوبات.
وقال حسام صالح، 47 عاماً، استشارى تنمية الموارد البشرية، إن «هناك معيارين أساسيين تتوقف عليهما خبرة المدربين ونجاحهم، وهما الكفاءة والخبرة بجانب مهارة الأداء، وجودة المعلومات التى ينشرها: «بقالى 15 سنة شغال، وكل يوم بنسمع عن مدربين كتير جداد، لكن مش كلهم بينجحوا»، مضيفاً أن «العمل فى التنمية البشرية قابل للنجاح أو الفشل، وأن الحكم أو الفيصل هو الجمهور الذى يتردد، ومن ثم يزداد لديه عدد المشاركين فى المحاضرة أو الكورس الذى يقدمه».
"صالح": "لازم يكون فيه توازن بين القدرة العلمية والعملية لتوصيل المعلومة"
وتابع: «كورسات التنمية البشرية غير مضرة للآخرين فى حالة عدم كفاءة المدرب وجودة معلوماته، ولكن معدل الاستفادة منها سيكون ضئيلاً أو معدوماً»، مضيفاً أن الكورسات وحدها لا تكفى للشخص كى يصبح مدرباً، بل هناك أهمية كبرى للتعليم الأكاديمى: «الكورسات بتقدر تخلى الشخص مدرب، لكن التعليم الأكاديمى والمراكز المعتمدة لها أهمية كبيرة فى تكوين شخصيته وفكره كمدرب».
وتابع «حسام» أن «الخبرة العلمية وحدها غير كافية للنجاح كمدرب موارد بشرية، ولذلك هناك أهمية كبرى للتدريب»، مشيراً إلى أن لديه متابعين عدة على صفحته الشخصية على الفيس بوك، وأن مقياس درجة الاستفادة من حديثه، يظهر فى رد فعل الحاضرين سواء بعد انتهاء المحاضرة، أو من خلال التعليقات التى تصل إليه عبر مواقع التواصل، وتعليقات المسئولين عن تنظيم المحاضرة، و«المجال تنافسى لأن المعلومة موجودة، والحصول عليها سهل، لكن دايماً الخبرة هى العامل الأساسى وراء النجاح أو الفشل».
"رانيا": مدربو التنمية البشرية يعالجون مشكلات الآخرين بسطحية دون الوصول إلى الأسباب الخفية
رانيا يونس، 45 عاماً، مدرب تنمية بشرية، خريجة بيزنس وإدارة أعمال، تعمل بهذا المجال منذ 2006، وسبب دخولها للمجال هو شغفها بمعرفة مهارات الثقة بالنفس وتخطى العقوبات، وأصبحت تدرس سنوات عدة، مما أعطاها خبرة، جعلتها تستطيع المحاضرة، فتقول إنها تعترض على مصطلح «التنمية البشرية»، وترى أنه من الأفضل أن يطلق عليه مفهوم «الوعى الذاتى»، لأنه يرتبط أكثر بجوهر المجال، إذ إنه من الضرورى نجاح الشخص فى التواصل مع ذاته ومن ثم الآخرين.
وأضافت «رانيا» أن أغلب المشكلات التى تحدث مع مدربى التنمية البشرية أنهم يقومون بمعالجة مشكلات الآخرين بسطحية، دون الوصول إلى الأسباب الخفية وراء معوقات سير حياتهم بصورة طبيعية، وبالتالى لم يستطيعوا إيجاد حلول جذرية لهم. أما عن المهارات التى يجب توافرها لدى المدرب، أوضحت «رانيا» أن أولاها قدرته على اكتشاف نفسه ومن ثم اكتشاف الآخرين، ثانيتها ضرورة حصوله على كورسات ودورات تزيد من خبرته فى المجال الذى يريد التخصص فيه، وأخيراً ضرورة الحصول على كورسات تدريب، كى ينمى لديه القدرة على التواصل مع الآخرين والنجاح فى توصيل المعلومة: «الموضوع مش سهل ومش معضلة، لكن محتاج عدة خطوات للسير على طريق النجاح».
وأشارت «رانيا» إلى أن هناك فرقاً بين كورسات التنمية البشرية وجلسات «اللايف كوتشينج»، لأن التواصل فى الجلسات يكون أفضل مقارنة بالكورسات، لقلة عدد حاضريها، والتحدث مع الآخرين يكون بشكل أسهل، إضافة إلى احتياجها لشخص لديه خلفية مسبقة عن المعلومات، كى ينجح فى اقتباس عدد أكبر من المعلومات. أما عن الوسائل المتعددة التى يتبعها المدربون فى تقديم المحاضرات، تقول «رانيا» إن هناك كورسات «أون لاين» يتم عرضها على عدد من وسائل التواصل كالتليجرام واليوتيوب، ولكن التفاعل فيها والاستفادة منها يكون بشكل أقل مقارنة بالكورسات التى تتم داخل مكان معين: «الناس بتفضل الكورسات الأون لاين لأن بعضها مجانى، وبتكون متاحة فى أى وقت، لكن الاستفادة بتكون أقل». وأشارت إلى أن كورسات التنمية البشرية اتخذت مصير «البيزنس» أكثر من كونها تأدية رسالة معينة، بقولها: «فيه مدربين كتير بتجمع شوية معلومات، وبتبدأ تعمل محاضرات مجانية لترويج فكرها، وبعدين تطلب مبالغ معينة للكورسات، بدون تطبيق الخبرات على أنفسهم».
وعن كتابات ومقولات الراحل إبراهيم الفقى، تقول «رانيا» إن «الفقى» خلّف وراءه ثروة كبيرة من الكتب التى يبحث عنها قراؤه حتى اليوم، للاستفادة منها، ولكن ذلك لا يعنى أنه كان آخر رائد فى مجال التنمية البشرية، بل هناك نماذج أثبتت نجاحها داخل المجال. كما أشارت إلى أن شهادات كورسات التنمية البشرية ليست أساسية فى التقديم لأى وظيفة، بل إنها تقوى من مهارات الفرد فقط، وأنه ليست هناك وسيلة لقياس درجة الاستفادة من المحاضرات، ولكن يمكن ملاحظة التأثير من خلال سلوكيات الحاضرين أثناء الشرح، وتفاعلهم مع المحاضر، ورد فعلهم بعد المحاضرة.
اقرأ أيضًا:
"التنمية البشرية".. "جرعة الوهم" بكام؟
علم النصب الحديث: محاضرة التنمية البشرية بـ100 جنيه.. والشباب يلجأون إلى "يوتيوب"