علم النصب الحديث: محاضرة التنمية البشرية بـ100 جنيه.. والشباب يلجأون إلى "يوتيوب"

كتب: منة عبده

علم النصب الحديث: محاضرة التنمية البشرية بـ100 جنيه.. والشباب يلجأون إلى "يوتيوب"

علم النصب الحديث: محاضرة التنمية البشرية بـ100 جنيه.. والشباب يلجأون إلى "يوتيوب"

«تنمية الإنسان لحياة أفضل»، و«5 طرق لكى تكون سعيداً فى حياتك».. شعارات عدة لإعلانات كورسات التنمية البشرية، على صفحات وسائل التواصل الاجتماعى، التى تجذب الشباب للمشاركة فى محاضرات داخل قاعات دراسية أو عبر قنوات «اليوتيوب»، لكن يظل هناك انقسام كبير بين المترددين على تلك الكورسات، حول جدوى الموضوعات التى تتم مناقشتها ومدى الاستفادة منها، وهل تحولت إلى مجرد سبوبة وتجارة لأشخاص غير مؤهلين فى هذا المجال؟

مها على الراوى، 27 سنة، من سكان منطقة الجيزة، خريجة شريعة إسلامية، وحاصلة على ماجستير فى القانون العام والعلوم الإدارية، ترى أن كورسات التنمية البشرية ليس لها أهمية، وأنها مجرد بيزنس يجرى وراءه الشباب للوجاهة ليس أكثر، حيث حضرت، أثناء دراستها بالجامعة، محاضرتين لدكتور تنمية بشرية، من المفترض أنه أحد تلامذة الدكتور إبراهيم الفقى، ولكنها لم تجد أى استفادة، فتقول: «حسيت إنى لم أستفد أى شىء، لأنه كان بيعرض مشكلات عامة بتواجهنا فى حياتنا، لكن ماكانش بيقول حلول نحل بيها المشكلات دى»، وأضافت أنه عند سؤاله عن حلول أو أسباب تلك المشكلات التى قام بعرضها داخل المحاضرة، كان يرد عليهم بتوجيههم لحضور عدد من الكورسات كى يحصلوا عليها.

وأشارت «الراوى» إلى أنه فى نهاية المحاضرة الأخيرة، قال لهم من يريد الحصول على شهادة معتمدة بحضوره المحاضرتين، عليه أن يدفع 50 جنيهاً، ويتسلمها بعد أسبوع: «رغم إننا مفهمناش حاجة فى المحاضرتين، إلا إنه اللى حابب ياخد شهادة معتمدة يضيفها للسى فى بتاعه يدفع 50 جنيه، حسيت إن الموضوع تجارة، ومن وقتها ما حاولتش آخد كورسات تانى».

سلكت «الراوى» طريقاً آخر بعيداً عن الكورسات، كى تعرف أكثر عن هذا المجال، فبدأت فى قراءة مقالات عن التنمية البشرية، ولكنها لم تجد فى تلك المحاولة أيضاً شيئاً يفيدها، موضحة أن هناك فارقاً كبيراً بين التنمية البشرية والطب النفسى، لأن الطب النفسى قائم على التشخيص، وليس التعميم كما فى التنمية البشرية، وأنهت «الراوى» حديثها بقولها: «السبب فى انتشار الكورسات دى، إن فيه كتير من الشباب عندهم نقص دينى كبير جداً، ولذلك بيحاول يدور على أى حاجة عشان يقدروا يغيروا من نفسهم أو يتخطوا مرحلة ما فى حياتهم».

"نهى": وجدت أسعار الكورسات مرتفعة فلجأت لدورات "الأون لاين" لأنى سمعت إن المجال مطلوب فى وظائف كثيرة

نهى عباس، 25 عاماً، خريجة تجارة جامعة عين شمس، تقول: «أنا جربت آخد كورسات تنمية بشرية، وسألت عن أكتر من مكان لكن لقيت الأسعار غالية، فقررت أدور على حاجة أون لاين»، خلال رحلتها فى البحث عن مركز تدريب تنمية بشرية لم تجد مركزاً بأسعار مناسبة لها، فقررت اللجوء إلى قنوات «اليوتيوب» التى تعرض محاضرات تنمية بشرية مجاناً، فتقول: «الأسعار كانت بتوصل لـ100 جنيه للمحاضرة الواحدة، وبتكون محاضرتين فى الأسبوع، يعنى هتكون فى الشهر بـ800 جنيه»، وأضافت «نهى» أنها لا تستطيع الحصول على تلك المحاضرات، لذلك اتجهت إلى «اليوتيوب» باعتباره أقل تكلفة، مشيرة إلى أنها علمت من إحدى زميلاتها أن هناك حاجة إلى موظفين لقسم الموارد البشرية، لكن يشترط أن يكونوا حاصلين على كورسات تنمية بشرية، لذلك توجهت إلى دراستها: «ماكنتش بفكر فى دراسة المجال ده، لكن سمعت إنها بقت مطلوبة كتير فى تقديم الوظائف».

"منال": "كنت بدفع فلوس على الفاضى".. والتجارب العملية فى التدريبات مفقودة

إعلانات كورسات التنمية البشرية على صفحات التواصل الاجتماعى التى حملت الكثير من التفاؤل والحماس، جعلت منال عطية، 20 عاماً، طالبة بالفرقة الثالثة كلية التجارة جامعة عين شمس، تتنبه إليها وتبحث عن هذا المجال ومحاضريه، وتوجهت لأكثر من مدرب تنمية بشرية، لكنها لم تجد أى نوع من الاستفادة: «ليا صحاب كتير فى الجامعة بياخدوا كورسات تنمية بشرية، ومبسوطين جداً بيها، وجربت أحضر معاهم أكتر من مرة لكن مافهمتش حاجة»، مضيفة أن الأسلوب النظرى فى التدريب غير صحيح، بل تحتاج إلى تجارب عملية كى تقيس عليها ما تمر به، وتعرف مدى إفادتها من تلك التجارب: «دايماً بسمع إن كورسات التنمية بتساعد فى تغيير الروتين الحياتى، من خلال عرض تجارب مثلاً، عشان المعلومة توضح، لكن لما حضرت كان عكس كده تماماً». وأشارت «منال» إلى أن سعر المحاضرة الواحدة 150 جنيهاً، وتذهب إلى مقر الكورس يومين أسبوعياً، وتمتد المحاضرة ساعتين: «ما حضرتش كتير، وسِبت الكورس، لأنى مالقتش أى استفادة، كنت بدفع فلوس على الفاضى».

"بسمة": لم تساعدنى فى حياتى الوظيفية وصاحب مركز: المحاضرات المجانية تلقى إقبالاً من الشباب

4 أعوام هى المدة التى قضتها بسمة عبدالرؤوف، 27 عاماً، من محافظة قنا، حاصلة على ماجستير قانون، فى دراسة التنمية البشرية، إذ حصلت خلال هذه المدة على كورسات عدة فى هذا المجال، لحبها الشديد له، ورغبتها فى التعلم، حيث أعطاها المجال خبرة واسعة فى حياتها الشخصية والعامة، غيرت من مجرى حياتها، تقول: «كان عندى شغف طول الوقت إنى أدرس تنمية بشرية، وكنت بتمنى ألاقى مدرب فى قنا، لكن المدربين كلهم فى القاهرة، فاضطريت آخد الكورسات أون لاين»، مضيفة أنها اشتركت فى عدد من القنوات على «اليوتيوب»، التى تعرض محاضرات للتنمية البشرية، مقابل اشتراك شهرى قيمته 1500 جنيه، تقوم بدفعها فى نهاية الشهر عن طريق «فودافون كاش»: «كان صعب أسافر القاهرة عشان المحاضرات، فعملت سيرش كتير، ووصلت لمدربين على اليوتيوب، وكنت بفضى وقت 3 أيام فى الأسبوع».

وأشارت «بسمة» إلى حصولها على شهادة تثبت حضورها كورس أون لاين، إذ يرسل إليها المدرب عن طريق الإيميل الشهادة وتقوم بإضافتها للسيرة الذاتية الخاصة بها: «بقى معايا أكتر من 10 شهادات فى فروع مختلفة من التنمية البشرية، ولسه لحد دلوقتى باشترك فى اليوتيوب مع مدربين جدد، عشان أوسع خبراتى».

كما أشارت «بسمة» إلى أن هناك عدداً من المدربين عرضوا عليها العمل معهم كمحاضرة لكنها رفضت ذلك، لأنها ترى أن العلم يجب أن يكون بلا مقابل: «عملت صفحة على الفيس بوك، عشان أفيد الناس وبييجى لى عليها أسئلة واستشارات كتيرة، وبجاوب عليها مجانى».

وأوضحت «بسمة» أنها استفادت من تلك الكورسات فى حياتها الشخصية، إذ أثرت فى طريقة تعاملها مع الأفراد، لكنها حتى الآن لم تخدمها كثيراً فى الحياة الوظيفية، إذ إنها تعمل فى مجال الاستشارات القانونية، تقول: «بشتغل فى مكتب محامى فى قنا، لكن الكورسات هواية مش أكتر، مش باخدها عشان وظيفة معينة». وأنهت «بسمة» حديثها، بقولها: «مجال تدريب التنمية البشرية مش أى حد ممكن ينجح فيه، لازم يكون عنده خبرة وقدرة على توصيل المعلومة عشان يقدر يكون ليه عدد كبير من المتابعين».

ويقول صاحب إحدى القنوات على «اليوتيوب» التى تنشر محاضرات التنمية البشرية، رفض ذكر اسمه، إن القناة كغيرها من القنوات على موقع يوتيوب، ولكنها تخصص لنشر المحاضرات مقابل ٨٠٠ جنيه للكورس الذى يتضمن ٨ محاضرات فى الشهر، مضيفاً: «الصفحة عندى فيها أكتر من ١٠ آلاف متابع، والمشاركين فى القناة وصلوا لـ٢٠٠٠ شخص، وفى نهاية الكورس بنبعت للمشاركين شهادات تثبت حضورهم فى الكورس، والفلوس بناخدها من خلال فودافون كاش». مشيراً إلى أن القناة بها ٣ مدربين تتراوح أعمارهم ما بين ٣٠ إلى٤٠ عاماً، ولديهم خبرة وشهرة فى المجال.

وتقول صاحبة أحد مراكز كورسات التنمية البشرية، بمنطقة الجيزة، طلبت عدم نشر اسمها، إنها خصصت شقتها للتأجير من قبَل محاضرى التنمية البشرية، وإن الشهادات التى يتم تسليمها للطلاب فى نهاية الكورس هى شهادات حضور من المركز، وليس من أى جهة رسمية، وتضيف: «عندى أكتر من ٤ مدربين بأعمار مختلفة، ولينا صفحة على الفيس بوك بننشر عليها مواعيد المحاضرات، وفيه منها بيكون مجانى وفيه بفلوس»، وأضافت أن المحاضرات المجانية تلقى إقبالاً كبيراً من قبَل الشباب: «فيه ناس كتير بتيجى تسجل أسماءها فى المحاضرات المجانى، لكن بيكون العدد اكتمل، وبيستنوا لما نعمل محاضرات تانى».

اقرأ أيضًا:

"التنمية البشرية".. "جرعة الوهم" بكام؟

خبراء: "الدخلاء جعلوا التنمية البشرية بيزنس.. والتدريب صعب ويحتاج إلى مؤهلات وقدرات خاصة"


مواضيع متعلقة