غني بكفك.. أفراح الصعايدة بين "نميم" من تراث الأجداد ومواويل "شيبة"

كتب: يسرا طارق

غني بكفك.. أفراح الصعايدة بين "نميم" من تراث الأجداد ومواويل "شيبة"

غني بكفك.. أفراح الصعايدة بين "نميم" من تراث الأجداد ومواويل "شيبة"

ينفرد أهل الصعيد بتراث غنائي له طبيعة مميزة، فهم يستخدمون الأغاني في كل المناسبات سواء السعيدة كالأفراح وحفلات استقبال الحجاج، أو الحزينة مثل التعديد في المآتم.

ومن هذه الفنون، فن النميم، الذي مازال موجودا مع اختلاف وتطور شكله، انتشر في السابق في جنوب مصر، وهو مواويل تعتمد على الارتجال يعبر فيها الشاعر عن مشاعره وما يجول في خاطره، فهي بمثابة مباراة في الأداء بين شاعرين، ومن يتوقف أولا يكون خاسرا، يحاول كل منهما أن ينمنم بطريقته لكسب رضا المستمعين، لأن الحكم في هذه المبارزات الشعرية يكون للجمهور.

وتقام سهرات النميم عادة في المناسبات، كحفلات الزفاف وليالي الحنة والاحتفالات بالمواليد الجدد.

كلمة "نميم" مأخوذة من كلمة "نم"، أي زخرفة الكلام أو تصاعد إلقاء الكلمات بين الشعراء، حيث يحفز المقطع الشعري الأول الشاعر، ويحثه على الاسترسال في إلقاء الكلمات للفوز باستحسان الناس وتفاعلهم، وبوجود مبدأ الفوز والخسارة يزداد حماس الشعراء وقد تمتد الأغنية حتى نهاية السهرة.

فن الكف.. غناء على إيقاع التصفيق

مع تطور الوقت ظهر "فن الكف"، وهو عبارة عن تصفيق لتنظيم إيقاع الغناء يتبعه غناء المطربين بكلمات ارتجالية، يتغنى بها المطرب دون أي سابق معرفة بما سيقوله أو الموضوع المتناول، لذلك يجب أن يكون مطربا وشاعرا في آن واحد، حتى نقله رشاد عبد العال، فنان الكف في السبعينيات، عندما أدخل العود وآلات الإيقاع، المطرب يصحبه عود وطبلة أو دف ومجموعة من الكورال مسؤولون عن ارتجال نغمات الأغنية، ويرتجل المطرب كلاما عليها على الهواء.

"سرعة البديهة من أهم الصفات التي يجب أن تكون موجودة في الكفاف" هكذا بدأ ياسر رشاد فنان الكف، نجل الراحل رشاد عبد العال، حديثه لـ"الوطن"، فلم يرث ياسر فقط حب المهنة عن والده، بل أيضا ورث لقبه "أسطورة الكف"، مستكملًا، أن الكف لا يقتصر فقط على ارتجال الكلام، يجب أن تتحلى الكلمات بلحن مناسب وقافية موزونة.

بعد وصوله القاهرة.. أغاني شيرين وشيبه في فن الكف

تطور فن الكف عن ما بدأ عليه قديما، حيث أصبح يدخل فيه بعض المقتطفات من الأغاني الحديثة مثل أغنيات أحمد شيبة وشيرين عبد الوهاب، وبرغم التطورات التي دخلت عليه ظل الكف محتفظا بالآلات التي أدخلها رشاد الأب عليه، لا تخلو الأفراح في صعيد مصر من فقرات أغان الكف، بداية من أسوان حتى قنا، ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وصل الكف إلى القاهرة، أضاف ياسر رشاد: "بروح أفراح في أماكن كتيرة في القاهرة، زي عين شمس وعزبة النخل".

أحيانا يأخذ فن الكف شكل النميم بتجمع الناس ويتحدثون حول فكرة معينة ويبدأ كل مغني بقول كلماته حول ذلك الموضوع، يعبر الغناء عن المجتمع والمشاكل الاجتماعية التي يعيشها، عند الناس عامة سواء داخل أسوان أو خارجها، فهم يهتمون أيضا بالمشاكل الكبرى التي تحدث خارج أسوان.

الفن الجعفري.. تراث الجدات و"كنز الستات"

وخرج من فن الكف، فن آخر يطلق عليه "الفن الجعفري"، الذي يرجع اسمه إلى قبائل الجعافرة التي تعيش في أسوان، ويرجع نسبها إلى جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن الإمام علي بن أبي طالب، أحفاد السيدة فاطمة الزهراء ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم.

وأوضح محمد بشير الفنان الجعفري، أنه اختار الغناء التراثي لحبه لهذا النوع الخاص من الفن الذي نشأ وتربى عليه، حيث بدأ بغناء الأغاني الصعيدية في جنوب مصر.

يطلق على الفن الجعفري "فن الجدات"، بسبب انتقال ذلك التراث الغنائي للأجيال الجديدة عن طريق الأجداد والأمهات الذين عاصروا هذه الأغنيات، كما هو الحال أثناء رحلة جمع هذا التراث التي شارك فيها "بشير"، المصدر الأساسي للتجميع كان عن طريق الجوالات والنقل الشفهي من نساء عاصرن هذا الفن تحت مسمى اسم "كنز الستات"، الذي ضم الأغاني الجعفرية الخاصة بالنساء من حوالي 18 قرية جعفرية في أسوان.


مواضيع متعلقة