تابع.. التطبيع مع إسرائيل فى عهد حسنى مبارك

حمدى السيد

حمدى السيد

كاتب صحفي

قرّرت الدولة والحزب الوطنى عمل لجان لمناقشة عدد من القضايا العامة، ومن بينها القضايا السياسية، التى كنت عضواً بها.

وعند حديثى ذكرت أن فى السياسة الخارجية يمكن لمنظمات الوطن المزايدة على الحكومة، وإعطاء دعم للسياسة الخارجية المصرية، وضربت مثلاً بما يفعله الأعداء، حيث قامت نائبة بمجلس الكنيست الإسرائيلى بتمزيق معاهدة السلام عندما كانت تتحدث فى البرلمان، ونحن أيضاً نستطيع بمنع التطبيع مع إسرائيل إقناع اليهود بأننا لن نصل معهم إلى تطبيع كامل، وقضايا السلام لا تزال معلقة مع الجانب الإسرائيلى، ونحن فى نقابة الأطباء أخذنا قراراً بمنع التطبيع مع الجانب الإسرائيلى، إلى أن يتم حل مشكلة الفلسطينيين، وإنشاء دولة فلسطينية، وعاصمتها القدس على حدود 67، وحل مشكلة اللاجئين وإنهاء مشكلة المستوطنين.

وتزايدت فى الحديث ربما بشكل غير مقبول، لأن وزير الصحة المصرى عضو بنقابة الأطباء، وإذا فكر فى زيارة إسرائيل تتم محاسبته نقابياً، فاحتج رئيس الجلسة، وهو الدكتور فتحى سرور على هذا الجزء من الحديث، وانتهى الأمر.

فى يوم رفع العلم على طابا، كان الرئيس مبارك موجوداً، ووصله خطاب من سفير مصر فى لندن، وهو أن جريدة «الأبزيفرر» أو «التايمز» لا أذكر، قد نشرت أن نقابة الأطباء ستُحاكم وزير الصحة إذا ذهب إلى إسرائيل، وذلك عند الحديث عن فتور العلاقات بين مصر وإسرائيل، وكان الرئيس غاضباً، وأرسل فى طلب وزير الصحة وقال له من باكر تسافر إلى إسرائيل تلبية للدعوة السابقة، وجاء الوزير وهو صديقى، وقال وضعتنى فى مأزق، ماذا أفعل، وأنا لا أريد السفر؟ فاقترحت عليه أن يرسل وكيل أول الوزارة، وكان المرحوم الدكتور سعد فؤاد، ولا يتم التعريف إعلامياً بهذه الزيارة، ونحن سنتجاهل فى النقابة معرفتنا بهذه الزيارة، وسينتهى الأمر.

بعد أيام من عودة وكيل الوزارة من الزيارة غير المعلنة لوكيل الصحة المصرى، طلب وزير الصحة الإسرائيلى الرد والسماح له بزيارة مصر، «من باكر ترسل له دعوة»، بأمر من رئيس الجمهورية للسيد وزير الصحة، وكان غاضباً من تصرّف نقابة الأطباء.

«ماذا أفعل؟»، سأل وزير الصحة، فأخبرته بأن يرسل الدعوة، لكن عند وصوله إلى مصر لن يتمكن من زيارة أى مستشفى، وسأطالب الأطباء بالوقوف خارج المستشفى، ومعهم لافتات تدين الزيارة، ولا ترحب بوزير الصحة الإسرائيلى، وأنصح سيادتكم بأن يقوم بزيارة الأماكن التى ليس بها أطباء، مثل مركز التصريح بالأدوية، ومعامل التحاليل والتسجيل الخاصة بها، وكذلك معمل المصل واللقاح، وغير ذلك، إن كان لديكم أماكن بعيدة عن الاحتكاك بالأطباء، فضاق صدر وزير الصحة الإسرائيلى بالاستقبال الفاتر وتقييد حريته فى الزيارة، وطلب مقابلة رئيس الجمهورية قبل عودته، وذكر أمام الرئيس مبارك شكواه من فتور الدعوة وعدم استقبال الأطباء له، فأجاب حسنى مبارك بـ«نحن لا نملك نقابة الأطباء»، فهى من مؤسسات المجتمع المدنى ولديها استقلال فى قراراتها، ولا أستطيع إعطاء تعليمات للنقابة، وهذا التصرف بسبب البرود فى حل المشكلة الفلسطينية، وأنكم لا تقومون بأى إجراء يدل على سلامة النية أو الاستعداد لحل المشكلة، ونرجو فى الفترة القادمة أن يحدث تحسّن يُرضى الشعب المصرى ويجعله يقبل التطبيع.

هذا بالضبط ما كنت أطمح فيه، وما ذكرته أمام الدكتور فتحى سرور رئيس المجلس.

ما زلت أعتقد أنه لا توجد لدينا أى أوراق ضغط أو مزايدة على الحكومة سوى فى مجال التطبيع، لكن هناك سلاماً بارداً وليست علاقات حميمية، لأن الجانب الإسرائيلى لا يتوقف عن تصرّفات تنبئ بنياته نحو السلام وإصراره على أن تظل فلسطين هى الدولة الوحيدة فى العالم التى تعيش فى ظل احتلال واستيطان ومخالفة لكل المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وكذلك القصف المستمر بجنوب لبنان وبقطاع غزة، والتهديدات المستمرة باستمرار العدوان والاعتداء، وآخرها ذلك التصريح المجنون بأن إسرائيل ستظل تشرف على المستوطنات فى الضفة الغربية فى صورة دولة داخل دولة، وتضم غور الأردن إلى إسرائيل، ويباهى «نتنياهو» بذلك فى مجال الانتخابات وطلب الأغلبية، ليتمكن من استمرار حكومته العنصرية والعدوانية.