عادل نعمان: نسيت ما بيني وبين مبارك وبكيت في جنازته

كتب: نرمين عفيفي

عادل نعمان: نسيت ما بيني وبين مبارك وبكيت في جنازته

عادل نعمان: نسيت ما بيني وبين مبارك وبكيت في جنازته

تناول الكاتب الصحفي عادل نعمان، حالة الانقسام بين الشعب المصري، حول وفاة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، قائلا: "سيدى الرئيس موتك كحياتك، أوقعتنا فى حيرة معك أو ضدك، انقسمنا في حياتك وفي مماتك، الفريقان متداخلان ومتلاحمان، المتنافسان يتبادلان الصفوف، من تراه الآن في صفوف المعارضة ستراه بعد دقيقة واحدة في صفوف المؤيدين، من تشهده الآن باكياً عليك ستراه بعد قليل شامتاً فيك".

وأقسم عادل نعمان، خلال كلماته في مقاله المنشور بجريدة الوطن، على أنه بكى في جنازة الرئيس الأسبق حسني مبارك، ونسى ماكان بينهما تماما: "والله لقد بكيت فى جنازته ونسيت ما بينى وبينه.. وداعاً أيها الرجل الذي حيرني في حياته وفي مماته".

ندم من ثار ومن قبع ومن حايد ومن أيد وترحمنا عليه

وقال "نعمان"، "إن الرئيس الأسبق مبارك، لم يكن أسوأ من حكمنا، بل كان أقل سوءاً من غالبيتهم، إلا أن صبياننا قد جربوا فيه ثورات الأجداد على الظلم، وفتحوا كتب التاريخ يستدعون الظالم والمظلوم، والقاهر والمقهور، والثائر والغافر، يقودون معاً ثورة الثائرين ومظاهرات المتظاهرين، فاختلفوا وافترقوا وتنابذوا وخسروا، حتى ندم من ثار ومن قبع ومن حايد ومن أيد، وترحمنا عليه، وقلنا إنا لله وهو إليه راجع ونحن معه".

واستكمل نعمان أن تاريخ "مبارك"، "ليس تاريخاً خاصاً مكتوباً له وعليه، هو تاريخنا كله خلفاء وأمراء وولاة وسلاطين ومشايخ وملوكاً ورؤساء، وشعباً بائساً مقهوراً منذ آلاف السنين، هو تاريخ كل هؤلاء، الذين حكموه وأتعبوه ولم يتعبهم يوماً، وهجروه ولم يهجرهم يوماً، وظلموه ولم يظلمهم يوماً، ونحن في كل هذا شعب طيب متسامح ولين ومهاود، كلهم صناعة ضعفنا وتسامحنا ونفاقنا وكذبنا وخداعنا، فمن كان منكم يوماً ليس منهم فليرجمه بحجر، ومن كان منكم يوماً صادقاً وأميناً ونزيهاً، فليحاسبه محاسبة الأحياء وليصلبه، براءة "مبارك" عنوان الحقيقة لا جدال فيها ولا إبرام، ودليل دامغ وصارخ على إدانة شعب، وفساد غالبيته وكل نخبه، وهوانه على نفسه، واستخفافه بهم، "فاستخف قومه فأطاعوه"، الهوان آفة شعب، والاستخفاف مرض حاكم وولي، فما استخفوا إلا لما هانوا واستصغروا واستكانوا، فلا تلوموا من استخف ولكن لوموا من خنع وتصاغر، ودعوه يدخل قبره مطمئناً راضياً، وقولوا قولتكم المشهورة من الأجداد حتى نهاية الأحفاد "له ما له، وعليه ما عليه، وهو بين يدى خالقه"، وكأنها قولة حق، أرادوا بها هروب الجميع من الحساب، وحق تطمئن لها القلوب والضمائر، ويركن لها الشعب من آلاف السنين، يرتاح إليها، ويرددها لبعضه على المقاهى وفى المواصلات العامة، وقبل النوم، فينامون جميعاً على الخير والرضا، إلا هؤلاء الأولاد الصغار الذين حاولوا أن يثوروا علينا وعليه فكان الثمن غالياً وعنيفاً".

سلمت مصر في عهده وسلم هو من سهام المصريين

وتابع نعمان: (وكأن أشد ما واجهه "مبارك" وأحزنه، حين وقف متهماً هو وولداه فى قفص الاتهام، وينادى عليهم جميعاً فى وقت واحد، كان أشد ما واجهه فى المحنة، وأصعب ما شق واستعصى عليه فى الكربة، وكان عتابه لهم جميعاً شديداً وقاسياً، وكان مسموع الكلمة، ويعمل له فى ضعفه ألف حساب، بل قل: ظل رئيساً وهو فى قفص الاتهام، يوماً ما سيعرف الناس الحقيقة ودهاليز المحاكمة وأسرارها، وسنعرف مَن فتح له أبواب الهروب ورفض، ومَن حاول الزج بحرمه فى قفص الاتهام ومَن أوقفه، ومَن اتهمه وبالغ فى اتهامه، ومَن أنصفه وأفرط فى إنصافه، ومَن اعتدل وأنصف ولم يفرط ولم يبالغ وكان بينهما قواماً، تاريخ «مبارك» بعد يناير حتى وفاته كان يدار باقتدار دون إدارة، ولعبت فيه المقادير بدقة كمبيوترية فائقة دون تخطيط أو تدبير، حتى ظن البعض أن جهازاً خبيراً وعالمياً ومدرباً يدير أزمته باقتدار، إلى أن تحولت الجموع التى تربصت بالقصر الجمهورى تريد الوصول إليه للنيل منه، إلى جموع تبكى عليه وتندم على ما اقترفت يداها فى حقه، وحتى مات بعد براءة ولديه، والمسامح كريم، فتسامحوا فيما ثاروا عليه، وتنازلوا عما فقدوه وأضاعوه بأيديهم، وعلى أنفسهم وبلادهم دون تعويض، إلا أن إدارة الأزمة كما ظنوا لم يكن يديرها خبراء أو جهابذة، بل كان يديرها بركات الدراويش وأولياء الله الصالحون وغير الصالحين، كما كان يدير بها البلاد ثلاثين عاماً، فسلمت مصر فى عهده وسلم هو من سهام المصريين).


مواضيع متعلقة