أبداً.. مش عيب : «ربيع» ماسح أحذية بـ«الدبلوم»: «بقالى سنين ما شفتش لون إيدى بسبب الورنيش»

أبداً.. مش عيب : «ربيع» ماسح أحذية بـ«الدبلوم»: «بقالى سنين ما شفتش لون إيدى بسبب الورنيش»
نحو 10 أشخاص متراصين متجاورين، يعملون بنفس المهنة، لا تفرق بينهم سوى بضعة سنتيمترات، تدور عليهم الأيام، بعضهم يحصل على زبائن، والبعض الآخر يبقى مكانه بلا عمل، ورغم ذلك تجد ابتسامة الرضا تملأ قلوبهم قبل أن تظهر على ملامح وجوههم.. هذا المشهد لمجموعة من الشباب يعملون «مورنشين»، أسفل كوبرى السيدة عائشة. «ربنا مسبب الأرزاق، ممكن واحد فينا ربنا يرزقه بيومية حلوة، والتانى ميعملش حتى خمسة جنيه، وراضيين والحمد لله»، هذا هو حال لسانهم إذا بادرتهم وسألتهم لماذا تجلسون بجوار بعضكم البعض بدلاً من التجول فى الميدان ومحاولة الحصول على لقمة العيش. يتوسطهم ربيع محمد الخطيب، شاب ثلاثينى، وبجانبه «كومة» من الأحذية لتلميعها، بأدواته البسيطة التى تمثل مصدر رزقه يمتهن تلك المهنة منذ 18 عاماً «من الشغلانة دى جهزت نفسى واتجوزت وبربى منها عيالى دلوقتى». «ربيع» وإخوانه، الذين يعملون بنفس المهنة، جاءوا من عزبة بشرى الغربية بمركز الفشن ببنى سويف: «أسرنا عايشين هناك، لكن أنا واخواتى مأجرين أوضة فى حى القدرية، نشتغل هنا عشرين يوم، وهناك عشرة أيام علشان نقعد شوية مع أولادنا». قبل ثورة 25 يناير، يرى «ربيع» أن عمله كان يتعرض للعديد من المشاكل، بسبب موقعه تحت الكوبرى: «قبل الثورة كل شوية البلدية تقومنا، والأمن يتعامل معانا بأسلوب غير آدمى، خاصة لما موكب ماما سوزان وبابا حسنى كانوا بيعدوا، كانوا بيرموا حاجتنا فى الشارع من غير أى تفاهم». بينما بعد الثورة، يرى أن الضباط أصبحوا أفضل فى المعاملة معهم: «الحمد لله دلوقتى بقى فيه معاملة طيبة بينا وبين الأمن، عارفين إننا أرزقية وعلى باب الله. يعمل «ربيع» مع إخوانه فى منطقة السيدة عائشة منذ أكثر من 15 عاماً، عرفه العديد من سكان المنطقة «إحنا عندنا هنا زباين وسكان المنطقة عرفونا ويجيبوا حاجتهم ونلمعها وييجوا ياخدوها مننا وبيثقوا فينا، ومش هنغير مكانا، إحنا هنا من 15 سنة، مش بنحب التنطيط لأننا. يمسح «ربيع» بيده التى غطاها الطلاء الأسود الذى يستخدم فى تلميع الأحذية عرقه المتصبب من على جبينه، فيترك آثار طلاء على وجهه، فيبتسم قائلاً: «إيدى دى بعالجها من الالتهابات بسبب المواد اللى باستخدمها فى الورنيش، الحمد لله برضه على كل حال، غيرى معندوش صحة خالص». «ربيع» حاصل على دبلوم زراعة، وبالرغم من ذلك لم يعمل به، بضحكة ممتزجة بالسخرية مع الحزن، يقول متنهداً: «حفيت علشان أشتغل بالدبلوم، علشان مش عاوز أشتغل جزمجى، محدش لاقى شغل، رضيت بالأمر الواقع علشان أعيش وخلاص». ويضيف: «أنا مش عاوز حاجة من الحكومة، المهم يسيبونا ناكل لقمة عيش وخلاص، وأنا راضى باللى يرزقنى بيه ربنا».