أصلح بوابير الجاز.. يطوف القرى لإصلاح «بوابير الجاز» صباحاً و«الشيشة» مساءً.. ربنا معاك يا عم «عبدالعزيز»

كتب: أسماء بدوى ونسمة الجلاد

أصلح بوابير الجاز.. يطوف القرى لإصلاح «بوابير الجاز» صباحاً و«الشيشة» مساءً.. ربنا معاك يا عم «عبدالعزيز»

أصلح بوابير الجاز.. يطوف القرى لإصلاح «بوابير الجاز» صباحاً و«الشيشة» مساءً.. ربنا معاك يا عم «عبدالعزيز»

من النظرة الأولى تظنه «متشرداً»، رغم سنوات عمره التى قاربت الـ60، ثيابه رثّة وجسمه نحيل، وشعره غير متناسق، يمشى هائماً على وجهه، يجوب الشوارع وكأنه لا يدرى بمن حوله، لكن حينما تقترب منه، تجده يحمل عدته «مادة كاوية، أزبير، نشادر».. هو سيد عبدالعزيز، أحد من يصلحون «وابور الجاز». فى منطقة باب الخلق، يضع «عبدالعزيز» عدته على الأرض ويجلس على الرصيف لينال قسطاً من الراحة، بعد عمل متواصل لعدة ساعات، يروى قصته، قائلاً: «من وأنا عمرى 6 سنين باشتغل كده، لا باعرف أقرأ ولا أكتب»، حتى عندما سألناه عن عمره لم يحدد بالضبط: «أنا مواليد 58». طبيعة عمل «عبدالعزيز» شاقة؛ لأنها تتطلب السفر للقرى والأرياف، يبدو على وجهه الإرهاق، لطبيعة عمله الذى لا يتحمله رجل فى عمره: «الأرياف بس اللى لسه بيستخدموا بوابير الجاز، شغلى كله هناك، باسافر المناشى وأوسيم والجلاتمة». «عبدالعزيز» لا يقتصر عمله على تصليح وابور الجاز، وإنما يمتد أيضاً إلى تصليح «الشيشة»، حال عدم حصوله على «وابور الجاز»، يقول: «باشتغل برضه على تصليح الشيشة، بلف على القهاوى». يسكن «عبدالعزيز» فى درب الجمالة، لم يتزوج ولم يكوّن أسرة، ويعيش وحيداً بعد وفاة والديه: «عايش لوحدى معنديش لا زوجة ولا ابن، بس خدت دعاء من أبويا وأمى، بسببهم لسه ربنا مدينى الصحة علشان أشتغل وما أمدش إيدى لحد». ويستطرد: «مخدتش نصيبى من الدنيا، الجاى على قد اللى رايح، مقدرتش على تكاليف الجواز»، يشير إلى أحد الأطفال ممسكاً بيد أبيه: «كان نفسى يبقى عندى عيل يشيلنى ويسأل عليا لما أتعب، زى ما عملت مع أبويا وأمى». حياة «عبدالعزيز» منذ توفى والداه تنحصر بين عمله الذى يبدأ من الساعة 8 صباحاً، وينتهى عند أذان المغرب، ليعود لمنزله: «بخلص شغلى وبروح بيتى لا ليا صاحب ولا حد بيسأل عليا. يصف «عبدالعزيز» منزله الذى يتوافر فيه أبسط الاحتياجات بالكاد: «مفيش حاجة فى البيت ممكن تونس وحدتى غير الراديو اللى عندى، علشان أعرف اللى بيحصل فى البلد إيه». يتنهد «عبدالعزيز»، ويقارن بين الحياة فى عهد جمال عبدالناصر، وعهد مبارك، قائلاً: «أيام عبدالناصر مش هتتعوض، كانت الناس عايشة، ومفيش حد فقير، كان فيه دعم، والحالة مش غالية زى دلوقتى». ويشير الرجل فى عرض حديثه لأحد محلات الجزارة الموجود بالشارع: «شوفى مكتوب كام على كيلو اللحمة، الله يسامح مبارك خلّى الأخ مش عارف أخوه، بسبب العيشة الصعبة اللى مخلتش حد قادر يبص وراه». وعن طموحاته التى يتمنى أن تتحقق مع الرئيس القادم، ينهض «عبدالعزيز» من مكانه ليستأنف عمله مرة أخرى، وبابتسامة صافية يقول: «هاخد إيه تانى بعد 60 سنة، المهم الجيل الجديد، والبلد تستقر.