تواصل عروض الدورة الـ70 لمهرجان برلين السينمائي الدولي

كتب: برلين: علا الشافعي

تواصل عروض الدورة الـ70 لمهرجان برلين السينمائي الدولي

تواصل عروض الدورة الـ70 لمهرجان برلين السينمائي الدولي

تتواصل اليوم السبت عروض الدورة الـ 70 لمهرجان برلين السينمائي الدولي "البريناله"، حيث تبدأ في الثانية عشر ظهرا بتوقيت ألمانيا عروض المسابقة الرسمية، في قصر "البريناله"، ويعرض فيلم "first caw"، وفي الثالثة والربع يعرض فيلم "the salt of tears"، وفي التاسعة والنصف مساء يعرض فيلم "all the dead ones".

ولم تحمل عروض اليوم الأول للمهرجان مفاجآت كبيرة، وتفاوتت مستوى الأفلام التي عرضت ما بين جيد ومتوسط، ومن الأفلام اللافتة، الفيلم الروائي الثاني للأرجنتينية نَتالي ميتا  بعنوان "الدخيل" والذي ينتمي لنوعية "فيلم نوار"، حيث تقوم حبكته الدرامية  على الغوص في ذهن امرأة شابة وهي آنييس التي تجسدها الممثلة إريكا ريفاس، التي اشتهرت بدور العروس المخدوعة في فيلم "حكايات مجنونة" (2014) لداميان سيفرون.

وآنيس ممثلة دبلجة ومغنية في جوقة موسيقية تابعة لإحدى الإذاعات في بوينس آيرس، تعاني من اضطرابات في النوم، إثر حادث مؤلم تعرضت له، خلال قضائها عطلة مع صديقها، والذي يبدو مهوسا بها لدرجة أنه كثيرا ما يسألها عن أحلامها، وإذا كانت تأتيها أحلاما جنسية وهل هو بطل تلك الأحلام أم لا؟.

"آنيس" التي تحاول جاهدة أن تبدو سعيدة في تلك العلاقة، خصوصا بعد أن يقوم صديقها بالغناء لها على الشاطئ وبعد أن تستلقي بجواره يسمعها تهمس وهي نائمة بجملة "أنا أحبك"  فيحاول إفاقتها ليسألها هل تقصده هو بهذه الجملة أم أنها تحلم بشخص آخر، خصوصا أنها لم تقل له أبدا أنها تحبه، وسرعان ما تصرخ في وجهه متهمة إياه بأنه يحاول السيطرة حتى على أحلامها، وفي نوبة الصراخ التي تأتيها تذهب إلى الحمام وتغلق الباب عليها، ويحاول هو دون جدوى أن يستعطفها ولكنها ترفض فتح الباب إلى أن تسمع صوتا غريبا فتنادي عليه ولا يجيبها، فتفتح الباب ولا تجده في الغرفة وسرعان ما تنظر من الشرفة لتفاجئ بجثته ملقاه في حمام السباحة، وتدخل في نوبة من الصراخ والهيستريا.

آنيس والتي كانت تعاني صعوبات في النوم صارت بعد تلك الواقعة تحاصرها الكوابيس، والأحلام الجنسية بينما تلتقط الميكروفونات في الإستوديو أصواتاً غريبة تصدر من جسدها، ما يهدد حياتها المهنية وغنائها وتصاب الشابة بهلوسات حادة، يتداخل فيها الوهم والواقع، فهي تعلم أن صديقا قد مات ولكنها أحيانا تشعر به ماثلا أمامها، وحتى الموسيقي الشاب والذي يعزف معها في الجوقة _البرتو_ لا تعرف إذا كان وهما أم حقيقة، هل هي ترغب في علاقة شهوانية ورومانسية في نفس الوقت أم أنها تبحث عن الحب فقط؟ وهو ما يدفعها إلى فكرة مجنونة، إن شخصيات هلوساتها تحاول السيطرة على كيانها!.

إيقاع الفيلم منضبط ويتماشى كثيرا مع حبكة الفيلم الدرامية النفسية، واستطاعت المخرجة بذكاء شديد أن تعكس حجم التطورات التي تحدث لشخصية البطلة آنيس من خلال الدرجات اللونية وحجم اللقطات وزوايا التصوير، لتعكس لنا كيف صارت غارقة في جحيم تلك الكوابيس والهلاوس، ولكنها لم تتحول إلى ضحية بل هي فقط شخص شديد الضعف تصرخ من أعماقها باحثة عن الحب كما جاء في الأغنية الأخيرة التي غنتها مع فرقتها، وتراوحت تقديرات النقاد طبقا للمجلات الفنية المتخصصة ما بين ثلاثة ونصف وأربعة نجوم.

أما الفيلم "THE HIDDEN AWAY" "للمخرج جورجيو ديريتي،  ينتمي إلى أفلام السير الذاتية حيث تدور أحداثه حول الرسام الشهير أنطونيو ليغابو الذي ينتقل من سويسرا إلى إيطاليا ضد إرادته، حيث يضطر للعيش لسنوات في فقر في سهول بو، لكنه لم يتخل عن شغفه بالرسم.

وقدم المخرج جورجيو ديريتي فيلمًا متميزا ويحفل بالجمال رغم قسوته عن حياة الفنان الفطري أنطونيو ليغابوي، والذي كان يعيش في القرن العشرين، وعانى من الفقر والمرض العقلي طوال حياته، لكن أعماله الفنية ومنحوتاته عن الحيوانات وصور الإنسان أثبتت موهبة متفردة رغم أنه لم يدرس الفن وصنفه الكثير من النقاد التشكليين، مخرج العمل يبدو أنه واقع في غرام تلك الشخصية، خصوصا أن حياة هذا الفنان النابغة مليئة بالميلودراما، فهو طوال الوقت يعيش ظروف شديدة الصعوبة منذ طفولته الجميع يعاملونه على أنه مجنون، حيث يتم التنمر عليه من قبل الأطفال، والكبار في مراحل حياته اللاحقة، مما يجعل ردود أفعاله شديد القسوة في  بعض الأحيان، ورغم إيداعه مستشفى للأمراض العقلية إلا أن الشيء الوحيد الذي كان يشعره بأدمتيه هو علاقته بالفن ويقينه الداخلي بأنه فنان.

النجم الإيطالي إيليو جيرمانو قام بتجسيد دور Ligabue في الفيلم بأداء شديد الاحترافية، وينتمي لنفس مدرسة النجمان "انييل أوتيويل ودانييل داي لويس - وأيضًا ربما ساشا بارون كوهين.

توظيفه للغة الجسد، الانحناءة، التي كان حريص عليها في خطواته، تعبيرات الوجه والشفاه المتدلية، وهي الملامح التي تتحول إلى وهج وبريق خاص عندما يلتقط أدوات الرسم أو يبدأ في عمل منحوتة، خاصة أن Ligabue  كان يعيش أيامه بصوره تغلب عليها الوحشية، ولكنه رغم ذلك يملك جماله الخاص ولحظات نور تتولد وتظهر في علاقته بالأطفال وكيف كان ينحت لهم عرائس وأيضا علاقته بالحيوانات.

الفيلم شديد الثراء بصريا، ومفعم بالحيوية والجمال في الكثير من لقطاته.


مواضيع متعلقة