بـ"حفرة 11 مترا".. عصابة تنقيب تخرب مدرسة بحثا عن كنز أثار

بـ"حفرة 11 مترا".. عصابة تنقيب تخرب مدرسة بحثا عن كنز أثار
"القومية" مدرسة عريقة تقع على بعد خطوات من مسجد الفولي بقلب مدينة المنيا، وتطل على كورنيش النيل من الناحية الشرقية، تتبع الجمعية التعاونية التعليمية للمعاهد القومية الخاصة الخاضعة لوزارة التربية والتعليم مباشرة، ولا تخضع لمديرية تعليم المنيا إلا من الناحية الفنية فقط.
في مطلع شهر نوفمبر الماضي، تمكنت عصابات التنقيب عن الآثار من دخولها بمساعدة بعض العاملين، حتى أنهم أقاموا فيها ليالي طويلة لمدة قاربت الشهر ونجحوا في حفر نفق بعمق 11 مترا أملا في العثور على كنز أثري في باطن الأرض، وقد أضر ذلك بالعملية التعليمية، إذ علقت مديرية التربية والتعليم بالمحافظة حينذاك الدراسة، وثار أولياء الأمور وحدثت حالة من الشد والجذب أثناء مناقشة بعض المقترحات للتعامل مع الأزمة، حيث انقسموا ما بين مؤيد ومعارض لانعقاد اليوم الدراسي على فترتين بعد إخلاء المبنى الذي جرى التنقيب أسفله، أو نقل التلاميذ إلى مدرسة أخرى، تقع على بعد 20 كيلو من مدينة المنيا.
الاتفاق وقتها جرى على منح التلاميذ إجازة، لحين توفير مبنى بديل حتى نهاية العام الدراسي، كما اقترحت مديرية التعليم نقل التلاميذ إلى مبنى بجوار كمين الصفا على أطراف المدينة، فاعترض أولياء الأمور مطالبين بتوفير مكان قريب، حرصا على أبنائهم أو استرداد ما دفعوه من مبالغ للمدرسة حتى يتسنى التحويل لأبنائهم لمدارس أخرى داخل المدينة.
"ياسر مصطفي" مدير المدرسة، كان أحد المتهمين في الواقعة التي أغضبت أهالي المحافظة، دافع عن نفسه خلال التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة معه، بقوله أنه كان في منزله وقت الضبط ولم يكن يعلم بالواقعة، مشيرا إلى أن كاميرات المدرسة التي جرى تفريغها أمام النيابة أوضحت عدم وجود علاقة بينه وباقي المتهمين الأربعة.
كما أكد في التحقيقات أن جهاز اكتشاف المياه الجوفية عهدة المتهم الذي يعمل بري المنيا، واستخدمها لسحب المياه الموجودة أسفل المبنى بعمق 7 أمتار وليس 25 مترا كما جاء في محضر تحريات المباحث، منوها أنه يعمل بالمدرسة منذ نحو 16 عاما حتى ترقى لدرجة مدير، وليس له علاقة بالمتهمين سوى خفير المدرسة الذى فوجئ يوم الضبط بدخول أجهزة الأمن التي تحفظت على معدات بدائية وليس أدوات حفر عن آثار.
وقال "علي يسري" محامي مدير المدرسة إن مبنى المدرسة غير مسجل أثريا وتاريخيا طبقا للمادة 91 لسنه 1981، كما أن كاميرات المراقبة داخل وخارج المدرسة والتي جرى تفريغها أثبتت أنه لا توجد آثار بحوزة المتهمين، موضحا أن التلفيات الموجودة بالمدرسة عبارة عن حفرة بعمق 7 أمتار أسفل المبنى لوجود مياه جوفية تؤثر على سلامته، مشيرا إلى أن المتهمين الأربعة الذين تم ضبطهم أصحاب صفة إذ كانوا يقومون بأعمال صيانة وليس حفر عن آثار.
كانت معلومات قد وردت لأجهزة الأمن بوجود أعمال تنقيب عن آثار داخل مدارس القومية الخاصة "ابتدائي –إعدادي –ثانوي" الكائنة بشارع الحرية بجوار مسجد الفولي، وبالانتقال والفحص، جرى ضبط "محمد.م.ع"، 36 عاما، خفير خصوصي بالمدرسة، مقيم بقرية تله، وبمواجهته بما جاء بالتحريات قرر قيامه وكل من: "محمد.ف.ك" 40 عاما موظف شؤون قانونية بالري، وعضو مجلس إدارة جمعية تعاونية "التعليمية للمعاهد القومية الخاصة"، و"عمار.م.ج" 25 عاما طالب بكلية السياحة والفنادق، ومقيم بفيصل بالقاهرة، و"محمود.ا.م" 24 عاما، طالب بمعهد الهندسة ومقيم بأبوقرقاص، بالاتفاق مع "ي.م" 45 عاما مدير المدرسة، بالتنقيب عن الآثار داخلها، عقب انتهاء اليوم الدراسي الخميس والعطلة الأسبوعية يومي الجمعة والسبت على أن يقوم الأخير بتسهيل دخولهم وتأمينهم أثناء الحفر.
وبإرشاد الخفير جرى ضبط المتهمين داخل غرفة المعلمين أثناء قيامهم بالتنقيب، وتبين وجود حفرة بعمق 25 مترا، وعثر على الأدوات المستخدمة وهي عبارة عن: "فأس –بلطة –جهاز قياس ماء –بخور –مياه ورد- خرطوم طويل – وسائل إنارة".
كما جرى ضبط قطعة بحوزة المتهمين على شكل قاعدة من الجرانيت، بها نقوش ورسومات فرعونية ومثبت أعلاها شكل قدم يشتبه في أثريتها، وبمواجهة المضبوطين أقروا بقيامهم بالتنقيب عن الآثار وأيدوا ما جاء بأقوال الخفير المذكور، وتحرر عن ذلك المحضر رقم 11949 إداري قسم شرطة المنيا.
وعاقبت محكمة جنايات المنيا برئاسة المستشار أحمد مسعد المليجي وعضوية المستشارين أحمد محمد محمود وهاني عبد العظيم المتهمين ومن بينهم مدير شؤون قانونية بالري ومدير مدرسة بالسجن لمدة عام مع الإيقاف، وذلك بعد الاستماع لأقوال الشهود والاطلاع على تقرير هيئة الآثار الذى أفاد بعدم وجود آثار داخل المدرسة بحوزة المتهمين، والاستماع إلى مرافعة الدفاع الذى فند أدلة الاتهام بعدم معقولية الواقعة التي تعود إلى مطلع نوفمبر الماضي، وتضم 5 متهمين هم: "م.ف.ك"، مدير شؤون القانونية بمديرية الري بالمحافظة، و"ي.م.ع" مدير المدرسة، و"م.م.ع" خفير المدرسة، و"ع.م.ج، و"م.م.ح.ن" من العمال اللذان شاركا في أعمال الحفر.