المصري العائد من الصين لـ"الوطن": كورونا بدأ في سوق المأكولات البحرية وكانوا فاكرينه "سارس"

المصري العائد من الصين لـ"الوطن": كورونا بدأ في سوق المأكولات البحرية وكانوا فاكرينه "سارس"
"شوفت أحداث نهاية العالم لايف.. كنت بمشي في الشارع مفيش حد في الشارع اللي كان فيه آلاف وملايين والمترو اللي بيشيل ملايين فاضي تماما والمحطات فاضية تماما شوفت مشاهد مش مستوعبها حتى الآن"، كان هذه كلمات إبراهيم نجم، عضو الجالية المصرية بالصين، يعيش في الصين منذ 10 سنوات، والقادم لمصر مؤخرا مصطحبا زوجته الصينية وابنتيه.
يواصل إبراهيم نجم، كشف تفاصيل خطيرة حول الفيروس القاتل في الصين، خلال تصريحات جديدة لـ"الوطن"، كما يستكمل تفاصيل هروبه هو وأسرته من كورونا، كاشفا عن كواليس ومعلومات غير معلنة.
الصينيون تعاملوا في البداية مع "كورونا"على كونه "سارس"
وقال"نجم" إن القصة بدأت في نهاية شهر ديسمبر 2019، حيث ترددت الأنباء عن وجود فيروس انتشر في مدينة ووهان الصينية، وبالتحديد في سوق للمنتجات والمأكولات البحرية والأسماك، ولكن كان يُباع في السوق بعض الحيوانات البرية بطريقة غير شرعية، لأن مدينة ووهان أكثر من 40% منها غابات وأشجار، فالبعض يعمل على صيد الحيوانات وبيعها، وفي البداية أُعتقد أنه مرض الـ"سارس" ولم يعتقدوا أنه مرض جديد، وكانوا يتعاملون مع المرض على هذا الأساس وتم غلق السوق وتعقيمه، وهذا التصرف أفقدهم الطور الأول من الفيروس قبل تطوره، وفقدوا صورة الفيروس الأولية، ولكنهم اكتشفوا فيما بعد أن هذا الفيروس جديد وانتقل من حيوان للإنسان، وقيل أن أصل الفيروس كان من "خفاش" ونُقل لحيوان آخر وسيط (راكون أو ثعبان) أو نُقل بشكل مباشر للإنسان، وأصيب بالفعل أكثر من شخص من العاملين بالسوق، مما تسبب بحالة من الذعر والهلع.
وأضاف أنه كانت هناك شكوك واحتمالات في البداية عن انتقاله من الإنسان لإنسان آخر، وفي هذه الأثناء كانت الحكومة الصينية تحاول القضاء على الفيروس ومحاصرته ومنع انتشاره في البدايات، ولكن ظلت هناك حالة من التخبط عدة أيام حتى يوم 22 يناير وفي هذه الأثناء بدأت الإصابات في مدن أخرى صينية بخلاف ووهان، مما أضطر الحكومة لغلق المدينة على سكانها بشكل تام ومنعت الدخول والخروج من المدينة، ولم يتوقف الوضع هنا فقط، بل حدث هجوم كبير من الصينيين على المستشفيات، فالكل خائف على صحته فكل من يصاب بنزلة برد يعتقد أنه مصاب بالكورونا وأنه سيفارق الحياة ويريد أن يظل في المستشفى، وهو وضع كارثي وصعب السيطرة عليه.
حكومة بكين استدعت مكتشف الـ"سارس" للتعامل مع المرض الجديد
واستكمل "نجم" أنه في هذه الأثناء كونت الحكومة الصينية أكبر فريق طبي للتقصي متواجد في الصين واستدعوا الطبيب تشونغ نانشان، وهو مكتشف فيروس السارس في الصين ويبلغ من العمر 84 عاما، وذهب لووهان مع الفريق الطبي، واكتشف مع الفريق أنه كان يتم التعامل مع الوضع بشكل خاطئ، واكتشفوا وجود البيانات المغلوطة، وإخفاء للحقائق وعلى الفور تعاملت الحكومة بكل شفافية مع الوضع، وتمت إقالة بعض القيادات المتواجدة في مدينة ووهان، وأعلنت الحكومة التعامل بشفافية وأن من يروج الشائعات سيتم عقابه، وبالفعل أعلنت الحكومة الصينية إنشائها لـ"ويب سايت" للمتابعة، وإعلان التطورات لحظة بلحطة والحالات المصابة وحالات الوفيات بشكل دقيق جدا.
وتابع :" استطاع تشونغ نانشان وفريقه عزل الفيروس، ولكن الفيروس كان تحور وبدأ الانتقال من إنسان لإنسان كما كان متوقعا له، بعدما أكتشفوا إصابة شخص لم يذهب لـ"ووهان"، حينما اختلط بعائلته العائدة من ووهان الموبوئة، ولم يتوقف خطورة الوضع هنا فقط ولكن في هذه الأثناء تمت عدوة طبيب آخر وفريقه الطبي بالكامل بالعدوى من شخص عن طريق العين، بالإضافة لوفاة أكثر من طبيب وليس طبيبا واحدا كما أُعلن.
بكين تمنع ظهور الأطباء في وسائل الإعلام.. وتحاصر 13 مدينة وليست "ووهان" فقط
وأوضح نجم أنه تم استنفار كل المستشفيات وتدخلت الفرق الطبية المتواجدة بالجيش الصيني بووهان وتم استدعاء فرق طبية تابعة للجيش من خارج ووهان أيضا، وتم استدعاء كبار الأطباء لـ"ووهان"، وليست مدينة "ووهان"، هي المدينة الوحيدة المغلقة بالصين كما هو مُعلن في وسائل الإعلام، بل هناك 13 مدينة بجوار ووهان أُغلقوا تماما حتى الآن لا يدخلها أحد أو يخرج منها أحد حتى العاصمة بكين، وجميع المقاطاعات قد أُصيبت بـ"الوباء"، ماعدا مقاطعة الـ"تبت"، وفي هذه الأثناء تم إبلاغ الصينيين بعدم الخروج من المنزل نهائيا إلا في أضيق الظروف، ومع الوقت مُنعت الحركة تماما من مدينة "ووهان" مما سبب رعبا للجميع، وفي هذا الوقت أعلنت الحكومة عن تطوير لقاح للوقاية من الفيروس، ولكنها فشلت في التوصل لعلاج لمن أصيب بالفيروس، وتطور الموضوع، وأصبح الشخص الواحد يعدي أكثر من شخص، وأصبح عدد المصابين يزيد بمعدل 1000 شخص، وحاليا يزيد في اليوم الواحد مايقرب من 3000 شخص، لأن عدد المصابين وفقا لبيانات الحكومة 10 آلاف مصاب، وهناك بيانات أخرى من أطباء داخل المستشفيات بأن هذه البيانات ليست دقيقة، ولذلك منعت الصين ظهور الأطباء والمسعفين داخل المستشفيات بوسائل الإعلام أو على مواقع التواصل الإجتماعي إلا المكلفين بذلك.
عودتي لمصر كان مجازفة كبيرة اضطررت لخوضها
وواصل نجم كلامه قائلا إن الجاليات الأجنبية في الصين كانت تعلم أن الوضع غير مطمئن على الإطلاق، ولذلك حاولت الانتقال لمكان آمن آخر في الصين بعد إصابة مدينة كوانزو الصينية التي أعيش فيها مع أسرته، وتابع: "ولكن بعد انتقالي لمدينة أخرى فور وصولنا علمنا بظهور إصابات بكورونا فقررنا العودة مرة أخرى لمدينة كوانزو، وأغلقت منزلي على نفسي وأسرتي حوالي 5 أيام، وفي هذه الأثناء كانت عائلتي في مصر تلح على نزولي مصر بأسرتي، ولكن بالنسبة لي التوجه لمصر مخاطرة كبيرة جدا"، واستمر نجم في الحديث متابعا: "الخروج من البيت مخاطرة وركوبي عربية للمطار حتى لو كانت مؤمنة، والتعرض للإجراءات في المطار والتلامس في مكان مزدحم والجلوس في الطائرة لأكثر من 13 ساعة، خصوصا مع تغيير رحلات مصر للطيران بشكل غير معلن مسارها من العبور بالمجال الجوي للعراق وإيران لتكون أكثر أمنا وتجنب مناطق الخطر والصواريخ"، واضطرت لخوض تلك المخاطرة لإلحاح عائلتي بمصر ، بالإضافة لتطور خطورة الأوضاع في الصين وتصاعد الأزمة وزيادة أعداد الوفيات والمصابين يوميا، بالإضافة لغلق المدن".
ويقول نجم: "ذهبت للسوبر ماركت ولم أستطيع شراء أي شئ من كثرة الزحام والتكالب على السلع والخوف من عدم توافر السلع مستقبلا، فكانوا يشترون مايكفيهم لمدة شهر أوشهرين، كي يأمنوا أنفسهم، خصوصا مع استنفاذ الـ"كمامات" بشكل كبير من الأسواق، على الرغم من محاولة الحكومة من إجبار المصانع العمل وعدم غلق المصانع، ولكن عدد سكان الصين مهول جدا وحدث عجز رهيب وارتفاع في الأسعار وتم القبض على مستغلي الوضع والأسواق السوداء، حيث وصل سعر الماسك لـ80 يوان بدلا من يوان واحد، والرئيس الصيني وصف الوضع بالخطير، وهي كلمة ليست هينة بالنسبة لدولة بحجم الصين".
إجراءات الحجر الصحي خلال مغادرتي..ووصولي للقاهرة هزيلة
وذكر نجم أنه في يوم 27 يناير تم إلغاء الطيران السياحي لمصر والرحلات والأفواج السياحية، وكان المجال الجوي مازال مفتوحا في كوانزو بعدما تم إغلاق المجال الجوي في عدة مدن صينية أخرى، "حجزت لي ولأسرتي يوم 28 قادمين للقاهرة، على أول رحلة كانت من الصين لمصر، ولكن كانت هناك إجراءات احترازية هزيلة من السلطات الصينية في مطار الصين، حيث كانت تقتصر في الصين على تسجيل البيانات الشخصية وتسليمها للحجر الصحي الذي يقتصر على قياس درجات الحرارة، التي لاتعتبر مؤشرا للإصابة بالمرض، بالإضافة إلى أنه يسهل خداع الأجهزة باستخدام خافض درجات الحرارة، بالإضافة لأعراض المرض التي لاتظهر إلا بعد 7 أيام.
وتابع أنه بعد ركوب الطائرة استلمنا كارت من وزارة الصحة لتسجيل البيانات المفصلة عن الراكبين، وفور النزول بصالة 3 بالمطار تم الكشف علينا بالحجر الصحي، مؤكدا على التزام الشرطة بالمطار بارتداء الكمامات، ولكن عمال الخدمات الأرضية ممن يقوموا بتنظيف الطائرة لم يكونوا مرتدين الكمامات، وهو ما يعرض نفسه والجميع للخطر، على الرغم أنهم كانوا معهم ماسكات، ولم يرتدي عمال الخدمات الأرضية بالصالات أيضا الكمامات، وهو تصرف كارثي وقنبلة موقوتة، وقال :" كانت هناك كارثة كبرى، وهي أي طيران عربي قادم من الصين في نفس هذا التوقيت على صالة 2 التي لاتحتوي على حجر طبي من الأساس، ويمر هؤلاء القادمين فيها بدون توقف حتى لو كانوا حاملين للمرض".
وعن زوجته قال نجم: "الوضع نفسيا عليها كان صعب أن تترك عائلتها وأصدقائها وبلدها وتذهب لمصر مع زوجها وأولادها، ولكنها على تواصل دائم مع أهلها".