انتهاكات "بلا نهاية" ضد أيتام دور الرعاية في الشرقية.. و"التضامن": تجاوزات فردية

كتب: نظيمة البحراوى

انتهاكات "بلا نهاية" ضد أيتام دور الرعاية في الشرقية.. و"التضامن": تجاوزات فردية

انتهاكات "بلا نهاية" ضد أيتام دور الرعاية في الشرقية.. و"التضامن": تجاوزات فردية

لم يكشف مقطع الفيديو المتداول حول قيام مسئولة فى إحدى دور رعاية الأيتام بمحافظة الشرقية بالتعدى على فتاة من نزيلات الدار بالضرب بعصا خشبية غليظة «شومة»، عن حجم ما تتعرض له نزيلات الدار من تعذيب وسوء معاملة فقط، بل يكشف أيضاً عن جوانب من المعاناة والمآسى التى تعانيها الفتيات اليتيمات خلف جدران مثل هذه الدور، التى من المفترض أنها تؤدى خدمات إنسانية جليلة من خلال حسن رعاية الأطفال الأيتام، وتنشئتهم تنشئة صالحة، ومساعدتهم على توفير سبل الحياة الكريمة لهم مستقبلاً.

"القباج" تأمر بحل مجلس إدارة الجمعية

وبينما تباينت ردود الأفعال حول فيديو تداوله بعض النشطاء على موقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعى، يظهر إحدى السيدات، تبين أنها رئيس مجلس إدارة جمعية «نهر الحياة» للأيتام بمدينة العاشر من رمضان، وتُدعى «أ. ع»، وهى تتعدى على فتاة لم تتجاوز 15 سنة من عمرها، باستخدام «شومة» خشبية وبطريقة وحشية، فقد قررت وزيرة التضامن الاجتماعى، الدكتورة نيفين القباج، فور اطلاعها على ذلك الفيديو، حل مجلس إدارة الجمعية، وتعيين مجلس مؤقت لإدارة الجمعية والإشراف على أنشطتها، لحين انتخاب مجلس جديد، فيما تم تحرير محضر بالواقعة برقم 1161 لسنة 2020 جنح أول العاشر من رمضان، وبالعرض على النيابة العامة، أمرت بضبط وإحضار السيدة التى تظهر فى مقطع الفيديو، حيث خضعت لتحقيقات مطولة فى سراى النيابة، وتبين أن الواقعة قديمة، وما زالت قيد التحقيق أمام النيابة.

وأكد محمد كامل عرفة، الأمين العام لمنظمة «الحرية لحقوق الإنسان» بالعاشر من رمضان، أن واقعة قيام رئيسة جمعية «نهر الحياة» بضرب إحدى الفتيات من نزيلات الدار، ليست الأولى، وقال لـ«الوطن» إنه رصد العديد من التجاوزات السابقة داخل دار رعاية الأيتام، مشيراً إلى أن المنظمة الحقوقية تلقت عدداً من الشكاوى تقدم بها أهالى المنازل المجاورة لدار «نهر الحياة»، فى المجاورة الثانية، قبل نحو 4 سنوات، تفيد بسماع أصوات صراخ للفتيات من داخل الدار، وأضاف أن فريقاً من المنظمة انتقل إلى مقر الدار، وتبين وجود فتاة حليقة الرأس بصورة كاملة، وبسؤال رئيس مجلس إدارة الجمعية «أ. ع»، أكدت اللجوء إلى ضرب الفتيات اليتيمات بهدف تربيتهن وتقويم سلوكهن، كما أوضحت أن الفتاة التى تمت معاقبتها بحلق شعر رأسها أدينت بتهمة السرقة.

وبينما لفت «عرفة» إلى أن رئيسة الدار أكدت، أمام فريق منظمة «الحرية لحقوق الإنسان»، التزامها بحسن معاملة الفتيات، فقد أكد أن هناك العديد من التجاوزات الأخرى، التى رصدتها المنظمة، من بينها استيلاء عدد من المسئولين بالدار على التبرعات المخصصة للفتيات، مثل المأكولات والمشروبات والهدايا.

وفور اطلاعه على الفيديو، سارع محافظ الشرقية، الدكتور ممدوح غراب، بالانتقال إلى مدينة العاشر من رمضان، وزيارة دار «نهر الحياة» للأيتام، للوقوف على حقيقة ما ورد بالفيديو، والاطمئنان على مستوى الخدمات والرعاية المقدمة لفتيات الدار، حيث التقى المحافظ عدداً من النزيلات، وأدار حواراً هادئاً معهن، للتعرف على احتياجاتهن ومتطلباتهن، مؤكداً استعداد المحافظة لتقديم كل أوجه الرعاية لهن، حيث أعربت معظم الفتيات عن شعورهن بالارتياح لإقامتهن بالدار، كما التقى «غراب» رئيسة الدار، التى أكدت أن الفيديو يعود إلى واقعة قديمة، وما زالت قيد التحقيق أمام النيابة العامة، وأوضحت أن الفتاة كانت تعانى من بعض المشكلات، وكانت تحاول تقويمها، مشيرةً إلى أن الفتاة قامت بالاعتذار عما بدر منها فى ذلك الوقت.

وتطرقت رئيس مجلس الإدارة إلى عدد من المشكلات التى تواجهها الدار، وناشدت المحافظ مساعدتها على حلها، وتقديم خدمة أفضل للفتيات، كما طلبت توجيه لجنة من مديرية التضامن الاجتماعى بالشرقية إلى الدار، لمساعدتها فى الوقوف على مشكلات الفتيات النزيلات بها، وإيجاد الحلول المناسبة لتلك المشكلات، فيما وجه «غراب» رئيسة الدار بحسن معاملة الفتيات، والرفق بهن، وتقديم كل أوجه الرعاية لهن، كما قرر المحافظ تشكيل لجنة مشتركة من مديرية التضامن الاجتماعى والمحافظة، تضم إخصائيين نفسيين واجتماعيين، لزيارة الدار والوقوف على احتياجات الفتيات بها، لتهذيب وتعديل سلوكهن، وكلف المحافظ وكيل وزارة التضامن الاجتماعى، محمد كمال حجاجى، بإرسال تقرير شهرى عن الدار، وعمل مجلس الإدارة، للوقوف على أى مخالفات أو مشكلات داخل الدار، وتهيئة الأجواء المناسبة لإقامة الفتيات، وكذلك متابعة التحقيقات، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، بعد انتهاء التحقيق فى الواقعة، وصدور قرار النيابة العامة.

منظمة حقوقية تكشف "السجل الأسود" لجمعيات العاشر

وقبل أيام من كشف وقائع الانتهاكات التى تجرى داخل دار «نهر الحياة» لرعاية الأيتام بمدينة العاشر من رمضان، ألقت الأجهزة الأمنية بمحافظة الشرقية القبض على 3 شبان، تبين أنهم تجاوزوا 21 عاماًَ، لقيامهم بافتعال مشاجرة داخل إحدى دور رعاية الأيتام بمدينة الزقازيق، حيث تبين أن الدار تضم مبنيين، أحدهما مخصص للذكور والآخر للإناث، ودلت التحريات على أن عدداً من نزلاء قسم البنين ما زالوا يقيمون فى الدار بالمخالفة للقانون، رغم تجاوزهم السن القانونية، وكان يتوجب عليهم مغادرة الدار، بعد توفير مسكن مناسب لهم، بمساعدة مديرية التضامن الاجتماعى، إلا أن ذلك لم يحدث.

وبحسب البلاغ، الذى تلقى مدير أمن الشرقية، اللواء عاطف مهران، إخطاراً به من قسم شرطة ثانى الزقازيق، فقد اتهمت بعض الفتيات من نزيلات قسم الإناث، 3 من النزلاء فى قسم البنين، بتحريض إحدى زميلاتهن على افتعال مشاجرة معهن، على خلفية اعتقادهم قيام إحدى الفتيات بتوثيق وقائع إهمال داخل الدار، تتعلق بسوء حالة الأغذية المقدمة، وتدهور حالة النظافة، وتعاطى مواد مخدرة داخل الدار، وأسفرت المشاجرة، التى انتقلت بين الشباب والفتيات فى كلا القسمين، عن تحطيم بعض الأثاثات الخاصة بالدار، وألقت الشرطة القبض على 3 شباب، وبعد تحرير المحضر اللازم، والعرض على النيابة العامة، أمرت بإخلاء سبيلهم فى وقت لاحق، بينما أكد مسئول بمديرية التضامن الاجتماعى بالشرقية أنه تم تشكيل لجنة، بالتنسيق مع ديوان عام المحافظة والأمن العام، وتوجهت إلى الدار لإجراء التحقيقات اللازمة، وقال إنه فى حال ثبوت أى مخالفات سيجرى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

وفى عام 2018، أصدرت وكيل مديرية التضامن الاجتماعى بالشرقية، ميرفت فهمى، قراراً بإلغاء ترخيص إحدى دور رعاية الأيتام بمدينة العاشر من رمضان، بعد رصد عدة مخالفات بها، بالإضافة إلى مخالفات لقانون الطفل، ما يستوجب صدور قرار بإلغاء ترخيصها.

ومن جانبه، وصف وكيل وزارة التضامن الاجتماعى بالشرقية، محمد كمال، الأوضاع فى معظم دور رعاية الأيتام فى نطاق المحافظة، بأنها «مستقرة ومطمئنة»، واعتبر فى تصريحات لـ«الوطن»، أن ما حدث بشأن تعدى رئيس مجلس إدارة دار أيتام بالعاشر من رمضان على إحدى الفتيات بالضرب، وما حدث من تجاوزات فى دار أيتام بالزقازيق، مجرد «مواقف وتصرفات فردية»، ولا يعنى ذلك سوء الأوضاع داخل كل دور رعاية الأيتام، أو دور الرعاية الاجتماعية.


مواضيع متعلقة