علماء نفس: يجب تنقية الأدب الموجه للنشء من المواد الدخيلة

علماء نفس: يجب تنقية الأدب الموجه للنشء من المواد الدخيلة
وصف أساتذة علم نفس واجتماع، وجود مضامين غير أخلاقية تحض على العنف والكراهية فى الكتب المتخصصة فى أدب الأطفال، بالأمر الدخيل على ثقافة المجتمع المصرى، مؤكدين ضرورة تنقية الأدب مما تحويه هذه الكتب، لافتين إلى أن الطفل يمثل مستقبل أمة فلا بد من تنشئته اجتماعياً وعلمياً بشكل جيد.
يقول الدكتور يحيى هاشم، أستاذ علم الاجتماع، مدير شئون الحماية الاجتماعية، إن انتشار بعض الصور غير الأخلاقية فى كتب الأطفال أمر دخيل على ثقافة المجتمع المصرى، مشدداً على ضرورة الحذر من هذه الظواهر، لأن الأطفال يمتلكون ذاكرة قوية تحتفظ بكل ما يرونه حتى يستعيدوه مستقبلاً، مشدداً على مراجعة كافة أنواع المطبوعات والكتب التى يتم تداولها للأطفال والتأكد من احتوائها على مضامين تناسب سنهم.
"هاشم": لا بد من تنظيم دورات تدريبية فى الكتابة للطفل
لهذه المضامين تأثيرات نفسية سلبية على الطفل، فيؤكد «هاشم» لـ«الوطن»، أن الصور غير الأخلاقية والمضامين التى تحض على العنف تسبب أزمة نفسية كبيرة وصدمة للأطفال لكونهم لم يمتلكوا وعياً يمكنهم من فهم المعروض أمامهم، بجانب تسببها فى حدوث عقدة لدى الطفل ويكون أكثر عرضة للاكتئاب، لافتاً إلى أن انتشار هذه المضامين فى الكتب غالباً ما يكون موجهاً من الخارج لتدمير نفسية الأطفال.
وجود معايير مهمة لعملية التأليف أمر مهم، بحسب «هاشم»، مؤكداً: «إحنا بنصنع المستقبل لمصر من خلال الأطفال»، مشدداً على ضرورة تعزيز القيم الإيجابية فى الكتب سواء القيم الخاصة بالولاء والانتماء، والقيم الخاصة بالأخلاق والعادات والتقاليد والقيم الدينية من المسجد والكنيسة، فضلاً عن ضرورة تطويع الكتب والوسائل الإعلامية والتقنيات التكنولوجية الحديثة لذلك واصفاً التكنولوجيا بأنها آلية الزمان لكونها ترسخ الصوت والصورة وفى ذهن الطفل.
يقع على عاتق الأسرة دور كبير فى عملية تنشئة الطفل، فيؤكد خبير شئون الحماية الاجتماعية، بأنها هى المؤثر الحقيقى فى الأطفال، لأن سلوكيات الأب والأم تترسخ فى ذهن الطفل، مشدداً على ضرورة حرصهم على متابعة الأبناء فى كيفية استعمالهم لمواقع التواصل الاجتماعى، والكتب التى يطلعون عليها، وجماعة الأصدقاء فى المدرسة والنادى والشارع، لأن متابعة الأب والأم للطفل مع وجود محتوى ثقافى يتعرض له الطفل سواء من الكتاب أو التليفزيون يخلق نوعاً من التوجيه، مؤكداً أن التوجيه للأبناء أفضل من العقاب لأنه يخلق علاقة صداقة وود بين الطفل ووالديه.
الكتابة الأدبية للأطفال قضية أمن قومى وبعد استراتيجى خطير فى بناء مستقبل مصر، لأن وجدان الطفل يتشكل من خلال الأدب الذى يتم عرضه عليه فى كل المحتويات المختلفة، بحسب «هاشم»، قائلاً: «لذلك ما زلنا نحتاج المزيد من العمل فى الكتابات الأدبية ونشرها على نطاق أوسع، وتخصيص منشأة بعقد دورات تدريبية فى أدب الطفل»، لافتاً إلى أن وجود رقابة على الكتب ليست ضد حرية الفكر والإبداع بل تساعد على أن يكون محتوى الأدب مؤثراً، فالعبارات غير الأخلاقية تسبب تدنياً فى مستوى ثقافة الطفل ولا تخلق القدوة، مشيراً إلى أنه لا بد من وجود استراتيجية وطنية لكتابات أدب الأطفال.
من جانبه، قال الدكتور أمير يوحنا، استشارى نفسى، إن الطفل فى مرحلة الحضانة أو الـ5 أو 6 سنوات الأولى من حياته، هى المرحلة التى يتم بناء مستقبله فيها ثقافياً وعلمياً ومعرفياً، وفى هذه المرحلة ينتقل الطفل من محيط المنزل إلى عالم آخر، ويتعرف ويتعلم أساسيات التعليم بطرق علمية حديثة حتى يتقبل العالم بحب وسرور، مؤكداً ضرورة وجود مضامين تنمى مهارات ومواهب الطفل: «وده دور القائمين على تربية الطفل من أدباء ومثقفين».
صفات عديدة كشف عنها «يوحنا» يجب أن تتسم الكتب المتخصصة فى شئون الطفل أهمها احتواؤها على أسلوب علمى شائق كاللعب والمرح، مؤكداً أهمية الاهتمام بالكتب التى تعلم الطفل كفيفة تحمل المسئولية وتعزيز ثقته فى نفسه، وكيفية التعامل مع مشكلات الطفل الاجتماعية كالخجل وعدم الاندماج مع الآخرين، وبالتالى تساعده على التعبير عن مشاريعه وطاقته بطريقة سليمة.
وأكد أنه لا بد من وجود علاقة قوية بين الأديب والطفل قائمة على الحب والسعادة والثقة لإعطاء الطفل مساحة للتعبير عن نفسه بالرسم أو الحديث أو التعبير عما يدور فى خياله وأصحابه وأصدقائه، لافتاً إلى الاهتمام بأسلوب الألعاب فى الكتب بالأشكال. وأرجع اتجاه الأدباء فى نشر مضامين تخالف ثقافة المجتمع، إلى رغبتهم فى توصيل صورة واقعية للحياة للأطفال وخاصة المراهقين: «من حق الطفل يعرف إلا أن هذا خطأ لأن الطفل فى المرحلة العمرية بيكون عنده براءة، وما ينفعش نفسد براءته بأدب غير جيد».
"محمد": غياب الرقابة وراء انتشار هذه الكتب
ووصف الدكتور محمد سيد، أستاذ علم النفس والاجتماع بجامعة عين شمس، انتشار صور جنسية فى كتب الأطفال، بأنها مسألة خطيرة وتؤثر على نفسية الأطفال ولها مردود اجتماعى سيئ، لافتاً إلى أنه لا توجد رقابة قوية على هذه الكتابات، مشيداً بطرح النائبة داليا لهذه القضية على البرلمان: «دور البرلمان يعتبر تشريعياً ورقابياً فى نفس الوقت لكن ليس كافياً»، مؤكداً أن هذه الكتابات تدمر جيلاً بأكمله، بجانب خطر السوشيال ميديا. ولفت إلى أنه يقع على الجامعات دور كبير فى تأهيل خريجيها بشكل جيد لتدريب الأطفال على كيفية التعامل مع هذه المضامين، مشدداً على ضرورة تكثيف الرقابة من قبل مختلف مؤسسات الدولة على ما يتم نشره فى أدب الأطفال.