الأمير تشارلز يحيي ذكرى جدته المدفونة في القدس.. خبراء يحللون الزيارة

كتب: ماريان سعيد

الأمير تشارلز يحيي ذكرى جدته المدفونة في القدس.. خبراء يحللون الزيارة

الأمير تشارلز يحيي ذكرى جدته المدفونة في القدس.. خبراء يحللون الزيارة

حرص ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز، خلال زيارته للأرض المقدسة، على الصلاة مع رجال دين مسيحيين وزار قبر جدته، التي دفن جثمانها في جبل الزيتون بالقدس.

وقال تشارلز، الابن الأكبر للملكة إليزابيث، في أول زيارة رسمية له إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة: "قلبي يعتصر من الحزن... لأننا لا نزال مضطرين لأن نرى هذا الكم الهائل من المعاناة والانقسام، لا أحد يصل إلى بيت لحم اليوم دون أن يلحظ العلامات على استمرار المشقة والوضع الذي تواجهونه"، بحسب "روسيا اليوم".

وقال الدكتور خالد سعيد، الباحث في الشؤون الإسرائيلية، إن الزيارة بروتوكولية لكنها تحمل عدة دلالات اجتماعية ودينية وأيضا سياسية، نظرا لما تحمله القدس وفلسطين من دلالات عدة للأديان الثلاثة، أما الدلالة السياسية فهي للقائه بالرئيس الفلسطيني ما يبرز اعتراف بريطانيا بفلسطين كدولة، وهو ما فعله أيضا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأضاف سعيد في تصريحاته لـ"الوطن"، أن الزيارة التي تأتي بعد الدعوة لعقد "صفقة القرن" تأكد أن هذه الأرض فيها دولتان، فلسطينية وإسرائيلية، مؤكدا أن الزيارة تؤكد الدعم البريطاني لفلسطين وتقول إن هناك حقوقا فلسطينية مهدورة.

من جانبه، قال جمال أسعد المفكر السياسي، إن زيارة قبر فرد من الأسرة المالكة البريطانية في فلسطين بخاصة مع ارتباط الكنيسة بالحكم، ونظرا لأن المملكة لها صفة دينية حتى لو تاريخية هو حدث تاريخي ويكشف عن طبيعة شخصية ولي العهد الإنجليزي الذي يحرص على زيارة المعالم التاريخية.

وتابع أن الزيارة تحمل جانبا سياسيا أيضا نظرا لتأدية المملكة دورها السياسي والذي هدفه تدعيم الدولة وحل المشاكل التي من الممكن أن تصل بشكل عام ونوع من التواصل السياسي والإنساني.

من هي جدته المدفونة في القدس؟

هي الأميرة ألِس باتنبيرج التي منحها متحف ياد فاشيم الإسرائيلي المخصص لضحايا الحرقة اليهودية (الهولوكوست)، لقب (المرأة الصالحة) وهو لقب يمنح لغير اليهود الذين خاطروا بحياتهم لإنقاذ اليهود خلال الحرب العالمية الثانية.

ولدت ألِس عام 1885 في قصر ويندسور جنوب غربي لندن، وهي ابنة الأمير لودفيك (الألماني) والأميرة فيكتوريا وكانت تعاني من الصمم منذ الولادة.

تعلمت قراءة الشفاه في اللغات الألمانية والإنجليزية وفيما بعد اليونانية والفرنسية، وعاشت معظم طفولتها بين ألمانيا وإنجلترا ومالطا التي كانت مقر الوحدة العسكرية التي كان والدها ضابطا فيها.

وتربط أسرتها صلة قرابة بقياصرة روسيا، حيث كانت عمتها ألكسندرا فيودوروفا زوجة القيصر ألكسندر، وكانت الأسرتان تمضيان العطلات سوية في دارمشتادت بألمانيا.

خلال الاحتفال الذي أقيم في 1902 بمناسبة تولي خالها الملك إدوارد السابع عرش بريطانيا قابلت ألِس أمير اليونان والدنمارك أندرياس وارتبطا بعلاقة حب تتوجت بالزواج عام 1903، استقر الزوجان في أحد أجنحة القصر الملكي في اليونان وأنجبا خمسة أبناء أصغرهم الأمير فيليب، الوحيد الباقي على قيد الحياة.

انفصلت ألِس عن زوجها في ثلاثينيات القرن الماضي بسبب المتاعب الصحية التي كانت تعاني منها، وعاشت خلال الحرب العالمية الثانية في العاصمة اليونانية أثينا بعكس معظم أفراد العائلة المالكة اليونانية الذين اختاروا العيش في المنفى بجنوب أفريقيا عندما كانت ألمانيا على وشك اجتياح اليونان.

بقيت في اليونان وعملت مع الصليب الأحمر

بقاء الأميرة في اليونان كان أمرا محيرا للمراقبين، فقد كان ابنها، دوق أدنبرة وزوج ملكة بريطانيا لاحقا الأمير فيليب، برتبة ضابط في البحرية الملكية البريطانية ويشارك في المعارك ضد البحرية الألمانية هذا من جهة أما على الجهة الأخرى فقد كان صهراها، زوجا اثنتين من بناتها، الأميران الألمانيان كريستوف وبرتولد يقاتلان على الطرف الآخر ضمن صفوف الجيش الألماني.

خلال الاحتلال الألماني لليونان عملت الأميرة مع الصليب الأحمر فكانت تساعد في إطعام الجياع عن طريق فتح مطابخ متنقلة، وإيواء الأطفال الأيتام.

وقامت في تلك الأثناء بإيواء امرأة يهودية واثنين من أبنائها كانت أجهزة الأمن الألمانية تبحث عنهم بغية إرسالهم إلى معسكرات الاعتقال النازية، وأخفت ألِس المرأة اليهودية راشيل كوهين وابنيها في قبو منزلها حتى نهاية الحرب العالمية الثانية.

وكانت الأسرة المالكة في اليونان على علاقة قديمة بأسرة كوهين وخاصة زوج راشيل، هايماكي الذي كان عضوا في البرلمان اليوناني في وقت من الأوقات.

خبأت أسرة يهوية وتعرضت للتحقيق

خطر محدق مع قرب سيطرة الألمان على اليونان والخطر المحدق باليهود هناك حاول أربعة من أبناء راشيل الهروب إلى مصر بحراً للانضمام إلى الحكومة اليونانية في المنفى، لكن تبين أن الرحلة محفوفة بالمخاطر وتراجعوا عن السفر وكذلك والدتهم راشيل وابنتها اللتين كانتا تنويان اللحاق بهما فيما بعد إلى مصر.

فعلمت ألِس بالخطر الذي يواجه أسرة كوهين فعرضت على راشيل وابنتها الاختباء في منزلها فانضم إليهما لاحقا أحد الأبناء الذين فشلوا في الفرار إلى مصر.

وبقيت الأم وابنها وابنتها متوارين عند الأميرة حتى انتهاء الحرب العالمية الثانية وتحرير اليونان من الاحتلال النازي.

وكانت الشرطة الألمانية تشك في أنشطة الأميرة فخضعت للتحقيق من قبل الأمن الألماني لكنها استغلت حالة الصمم وتفادت الإجابة على أسئلة المحققين بحجة عدم فهمها للأسئلة، وفي نهاية الأمر صرفوا النظر عن متابعتها أو ملاحقتها.

بعد انتهاء الحرب انخرطت ألِس في العديد من المنظمات الخيرية وأسست جميعة خاصة بالراهبات اليونانيات الأورثوذوكس حملت اسم "أخوات مارتا وماري".

وفي أعقاب الانقلاب العسكري في اليونان عام 1967 غادرت ألِس اليونان بشكل نهائي وانتقلت للعيش في بريطانيا مع ابنها وزوجته ملكة بريطانيا.

توفيت ألِس في المقر الرسمي للأسرة المالكة البريطانية في لندن، قصر باكينغهام، في 5 ديسمبر 1969 عن 84 عاما.

جرى حفظ رفاتها في كنيسة القديس جورج بقصر ويندسور، مقر الملكة الصيفي، وفي عام 1988 تم نقل الرفات إلى كنيسة ماري المجدلية في جبل الزيتون بالقدس ودفنت بجانب عمتها الدوقة اليزابيث فيودوروفا حسب وصيتها.

منحها متحف ضحايا المحرقة اليهودية الهولوكوست عام 1994 لقب المرأة الصالحة وقد حضر مراسم منح الوسام ابنها الأمير فيليب وابنتها الأميرة صوفي.


مواضيع متعلقة