"أردوغان".. هل حانت لحظة الخلاص؟
أدركت بحكم التاريخ والحاضر نهايات كل خيانة وبائع لضمير وإنسانية مقابل أوهام زعامة مرضية، وتوافقات ما يمليه الأسياد، بمجرد الانتهاء من هدف وجوده. فلا أمان له من قبَل صانعيه. من هنا كان توقفى مع بعض الأخبار التى تناقلتها الصحافة العالمية حول الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى أعقاب انتهاء مؤتمر ليبيا ببرلين الذى شارك فيه بالحضور لا بالتأثير.
أول تلك الأخبار ما تم تناقله من تصريحات للمبعوث الأممى إلى ليبيا، غسان سلامة، الذى صرح فى حوار له مع قناة 218 الليبية حينما سئل عن «أردوغان» فقال نصاً: «الآن أنا لدى ورقة ولدى ما أحاسبه عليه وقبل هذا الأمر لم يكن ذلك متوفراً.. ولدى الآن تعهد منه».. واسترسل المبعوث الأممى شارحاً ما يعنيه بذلك التعليق بأن الرئيس التركى تعهد مع غيره من الحضور فى البند الخامس من بيان المؤتمر بعدم إرسال قوات أو مرتزقة إلى ليبيا، بالإضافة إلى عدم التدخل فى ليبيا. ليس هذا فحسب، بل أوضح المبعوث الأممى، وفقاً لما تناقلته وسائل الإعلام، أن اللجنة المشكلة من مؤتمر برلين ستعكف على إخراج عدد 2000 مسلح سورى أرسلتهم تركيا وآلاف غيرهم من جنسيات مختلفة.
بالطبع فإن تلك التصريحات تعكس ما دار فى كواليس مؤتمر برلين وكيف أُجبر «أردوغان» على الانصياع للبيان الختامى الذى قدمت فيه مصر كافة الوثائق التى تثبت خطر إرهاب تمارسه تركيا بمساعدة آخرين فى ليبيا. كما يُقلل فى ذات الوقت من تصريحات فايز السراج، رئيس حكومة الوفاق فى الغرب الليبى، التى أدلى بها لـ«بى بى سى» عن حقه فى الاحتماء بأى قوة إقليمية أو دولية لحماية عرشه القائم على سواعد الميليشيات!!
ثم كانت التصريحات الثانية الآتية من تركيا على لسان تشاووش أوغلو. وزير الخارجية التركى. الذى صرح يوم الاثنين الماضى، عن طلب «أردوغان» من الرئيس الروسى بوتين، أثناء لقائهما فى ألمانيا، المساعدة فى وقف زحف الجيش السورى فى منطقة إدلب بسوريا، التى يشتد فيها القتال على مدار الأيام الماضية، على حد ما تناقلته وسائل الإعلام.
ما حدث أن روسيا، ورغم إعلانها مع تركيا وقف إطلاق النار منذ 9 يناير الماضى، فإنها غضت الطرف عن سعى الجيش السورى لمواصلة المواجهة مع كافة أنواع المسلحين فى إدلب وفى مقدمتهم جبهة النصرة الذين تتهم الغرب بدعمهم. فى ذات الوقت الذى تواصل فيه «أنقرة» تسليح القوات الموالية لها سواء كانوا جبهة النصرة أو الجماعات السورية المسلحة لوقف تقدم الجيش السورى.
لا بد من الوضع فى الاعتبار زيارة الرئيس الروسى بوتين التى قام بها لـ«دمشق» فى 7 يناير الماضى. واجتماعه بـ«الأسد» فى مقر قيادة القوات الروسية فى سوريا ليرسل رسالة للجميع مفادها أن سوريا ملف روسى بامتياز، رغم توافقات الرؤى بين روسيا وإيران وتركيا. بالإضافة إلى الدعم العسكرى الذى يحظى به نظام «الأسد» من روسيا بما يتوافق مع مصالحها فى المنطقة. وهى أمور لا بد أن تسبب التوتر لـ«أردوغان» بالطبع.
من هنا تطرح التساؤلات نفسها أمام تلك التصريحات والأخبار، هل حان وقت تجاهل «أردوغان» ومحاسبته بجدية؟ هل حان وقت الوقوف أمام طموحاته التى فاقت فى بعض الأحيان الأهداف التى تم التخطيط لها؟ هل حان وقت نزع فتيل أوهام زعامته فى المنطقة؟ ورغم أنه من المبكر الإجابة عن تلك التساؤلات، فإن الموقف يكشف حتى الآن بعض التجميد لنزعات «أردوغان» لا التخلص منه. فهو ورقة لم يتم الكشف بعد هل حان وقت حرقها أم لا؟ فالمنطقة لا تزال تغلى فوق لهيب النار.