شعبية «السيسى» بين الوهم والحقيقة
نشرت إحدى الصحف تقريراً عنوانه «تراجع مؤيدى المشير من 51% إلى 39%» (حوالى 23٫5% من مؤيديه)، وفى التقرير نفسه، الذى أجراه مركز بصيرة لبحوث الرأى العام، فإن 59% ممن شملهم الاستطلاع لم يحددوا مرشحهم بعدُ بينما كانت نسبة الذين لم يقرروا مرشحهم الشهر الماضى 45%، وقال التقرير: إن أعمار 43% من مؤيديه 50 سنة فأكثر. الاستطلاع أُجرى عن طريق الهاتف وهذا أمر يستدعى النظر فى ظل إحساس الخوف والمتابعة الذى بدأ يعاود كثيراً من الناس!
عادة ينتابنى الحذر من استطلاعات الرأى التى تجريها المراكز المصرية، وأعتقد أنها تبعد عن الدقة ولا تبعد عن الهوى؛ لذا دعونا نضم استطلاعاً آخر أجراه مركز ابن خلدون منذ شهور، وكانت نتائجه أن المشير السيسى حصل على نسبة 54٫7% من العينة وأن الاحتياج الأول للمواطنين هو الأمن ومواجهة الإرهاب (وجدير بالذكر أن نفس المركز قد أجرى استطلاعاً للرأى أعلن سبتمبر 2013 ظهر فيه أن 61% من المصريين يريدون رئيساً مدنياً بينما أيّد 9% فقط من العينة أن يكون الرئيس عسكرياً) وفى نفس السياق، فإن جريدتَى «الوطن» و«المصرى اليوم» قد أجريتا استطلاعين للرأى عن المرشح الرئاسى عبدالفتاح السيسى فحظى بنسبة تأييد 48% ونسبة 51٫81% فى الجريدتين على التوالى.
من هذا كله، نخلص إلى أن هذه الاستطلاعات علمية ويعتمد عليها (مجتمعة معاً) وتقترب فى نتائجها كثيراً، وتعطى انطباعاً رئيسياً أن شعبية المشير فى أقصى ارتفاع لها منذ تواترت أنباء ترشحه للرئاسة قد دارت حول 50% (39% النتيجة الأخيرة، و54% النتيجة الأولى القصوى)، وبالتالى فإن الدعاية التى اعتمدت على أن الشعب يُجمع عليه وأنه ضرورة أمر مبالغ فيه ولا يستند لواقع، وفيه من الطبل الأجوف والوهم أكثر مما فيه من الأدلة التى تستند إلى جملة استطلاعات.
تلك الدعاية الصاخبة أنفق عليها ويلهث فيها عناصر النظام القديم ويزكيها قنوات فضائية يملكها رجال أعمال نماهم ذلك النظام ولهم معه ومع الدولة مصالح ومشاكل، وكان على السيد قائد الجيش المرشح أن يراجع نفسه فى مسألة ترشحه طبقاً لذلك، خاصة أنه يقول إنه يترشح بناء على طلب شعبى (ظهر أنه 39%) بينما أكثر من نصف الشعب يرفضه أو يرى أنه لم يوفَّق فى تحقيق نتائج جيدة فى مقاومة الإرهاب باعتباره كان نائبا لرئيس الوزراء للدفاع والأمن، أى المسئول الأول عن الأمن.
إن هذه الدعاية الزائفة أدت إلى امتناع وانسحاب مرشحين مدنيين، خاصة بعد بيان الجيش، وإلى إطالة أمد الفترة الانتقالية وتعطيل أعمالها حتى يحسم أمر ترشحه وترتيباته، وزيادة أكثر لأعمال الإرهاب الجبان الذى يجد فى ذلك مبرراً شيطانياً، وستدفع بلادنا وشعبنا وحدهما ثمنه، وهو أمر شديد الوطأة ويصعب احتماله.
إننى أرجو وأدعو جيشنا العظيم أن يصدر بياناً يطمئن فيه شعبه أنه لا يوجد له مرشح فى هذه الانتخابات وأنه يقف على مسافة واحدة من المرشحين وسيعمل على تأمينها وحمايتها ونزاهتها ممن يحاول التدخل بقوة لصالح أحد المتنافسين!