مثقفون: "راهب العلم" أخرج الجغرافيا من البيانات والأرقام إلى الفلسفة والأدب

مثقفون: "راهب العلم" أخرج الجغرافيا من البيانات والأرقام إلى الفلسفة والأدب
- جمال حمدان
- هيئة الكتاب
- الكتاب
- معرض الكتاب
- علم الجعرافيا
- جمال حمدان
- هيئة الكتاب
- الكتاب
- معرض الكتاب
- علم الجعرافيا
رحب عدد من المثقفين والمؤرخين باختيار اسم الدكتور جمال حمدان شخصية معرض القاهرة الدولى للكتاب، باعتباره أحد الرموز الفكرية صاحبة الإنجاز المهم والمتميز والمؤثر فى الثقافة المصرية، مؤكدين أهمية كتابه الأشهر «شخصية مصر» فى تقديم دراسة تكاملية وافية عن مصر من عدة أبعاد عميقة لم يلتفت إليها أحد من قبل.
وقال عدد من المثقفين إن جمال حمدان كان راهب العلم الزاهد فى الحياة الذى استطاع إخراج علم الجغرافيا من مجرد خرائط وأرقام إلى كتابات فلسفية أدبية دون الإخلال بالمصطلحات الجغرافية، وأضاف المثقفون أن الكتاب لم يكن منجزه الفكرى الوحيد بل كان له عدة كتب تناولت حرب أكتوبر، واستراتيجية الاستعمار والقضية الفلسطينية والصراع العربى الإسرائيلى وغيرها، وأشادوا بمنهجه فى الكتابة وأسلوبه الرصين، مشيرين إلى الروح الأدبية فى الكتابة التى خدمت النصوص بشكل كبير وقربته من القارئ غير المتخصص فى الجغرافيا.
وقال الدكتور محمد عفيفى، أستاذ التاريخ والأمين الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة، إن اختيار الدكتور جمال حمدان شخصية معرض الكتاب، اختيار جيد، لأنه أحد الرموز الفكرية المصرية ويستحق التكريم، مضيفاً أنه يمكن قياس دور جمال حمدان من أكثر من محور؛ فهو على المستوى الأكاديمى العالم الجغرافى الذى أخرج الجغرافيا من مجرد خريطة وأرقام إلى ما يمكن أن نقول عليه فلسفة الجغرافيا.
"عفيفى": كان مهموماً بمصر والعالم العربى
وأوضح «عفيفى» أن «حمدان» ينتمى لجيل الستينات الذى شهد نكسة 1967، وكان مهموماً بقضايا مصر والعالم العربى، ومن هنا أصبحت قضية فلسطين محور تفكير هذا الجيل، مشيراً إلى أنه رغم كتابه المهم «شخصية مصر» إلا أن له دراسات وكتباً كثيرة حول قضية فلسطين والعالم العربى واليهود والصراع العربى الإسرائيلى، أى إن انتماءه لمصر لم ينسه البعد العربى بشكل كبير، منها كاتب «أنثربولوجيا»، وهو الكتاب الذى أكد أن اليهود ليسوا شعباً واحداً، من خلال دراسة الأنثربولوجيا والجغرافيا والتاريخ، وهو كتاب يرفض فكرة قيام شعب يهودى، معتبراً قيام إسرائيل كدولة خديعة، لأن الدول لا تقوم على أساس دينى، كما أنه عالج قضية الاستعمار من خلال كتاب «استراتيجية الاستعمار والتحرير»، وأكد فى كتاب «شخصية مصر» أن الخطر على مصر يأتى دائماً عند التحدث عن الحدود الشرقية.
وأضاف أن كتاب «شخصية مصر» يعتبر من الكتب التى تناولت دراسة فلسفة الزمان والمكان «التاريخ والجغرافيا» بالنسبة لمصر، وقدمه بأسلوب راقٍ، وهو واحد من أمهات الكتب القابلة للقراءة على ضوء الحاضر، مؤكداً أن العالم المتميز يتجاوز الاطلاع والفهم للعلوم الأخرى بالإضافة إلى تخصصه الأساسى، ومن هنا تمكن من فهم تخصصه بشكل أفضل، لأنه عالم موسوعى، ولذلك اصطدم مع زملائه التقليديين فى قسم الجغرافيا، واستقال من الجامعة.
واعتبر الدكتور أحمد زكريا الشلق، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس، أن الدكتور جمال حمدان مفكر كبير، أوقف حياته للعلم فهو «راهب العلم»، وقدم إسهامه الكبير فى كتابه المشهور شخصية مصر كما قدم إضافات كثيرة للثقافة المصرية أولها أنه خرج من نطاق عمله الأكاديمى الضيق داخل أسوار الجامعة وبدأ ينفتح على الثقافة العامة فجعل من تخصصه الضيق ثقافة كبيرة للناس، وجعل الجغرافيا -رغم أنها مادة صعبة- مادة جميلة يقرأها غير المتخصصين.
"الشلق": أجاد الإنجليزية والفرنسية.. وإبداعه سيبقى تراثاً للأجيال
وقال «الشلق» إنه حين تناول شخصية مصر أعطى أبعاداً لم تكن مألوفة لها ولم يكن يهتم بها أحد، مضيفاً: «كنا كباحثين نهتم بالبعد التاريخى فقط، بينما قدم جمال حمدان البعد الجغرافى المهم لشخصية مصر، وظهر ذلك بوضوح فى الإصدار الأول للكتاب الذى صدر فى 1967، الموقع والموضوع والفرق بينهما، لكن حين توسع الموضوع معه حوله إلى موسوعة ضخمة من 4 مجلدات، تعرض الجغرافيا والتاريخ والاقتصاد والديموغرافية والفكر الإنسانى، وعلاقات مصر الدولية وحروبها وتطور الفكر المصرى، انطلاقاً من روح الكتاب الأول، كما أنه من أوائل الناس الذين نبهوا للبعد الأفريقى لمصر».
وأوضح «الشلق» أن إبداعات جمال حمدان لم تقتصر على كتابه الموسوعى، ولكنه قدم عدداً آخر من الكتب المهمة التى لا تقل قيمة عن «شخصية مصر» منها «استراتيجية الاستعمار والتحرير»، وكتاب مهم جداً هو «6 أكتوبر فى الاستراتيجية العالمية»، الذى قدم من خلاله تحليلاً استراتيجياً للحرب ونتائجها، مؤكداً أنه كان مثقفاً واسع الاطلاع على مصادر المعرفة فى العالم لأنه كان يجيد الإنجليزية والفرنسية بطلاقة، ومشتركاً فى كل الوكالات الأجنبية وأوقف حياته للعلم، وأضاف أن المنتج الثقافى الذى قدمه «حمدان» سيبقى تراثاً للأجيال القادمة تنهل منه لأن الكتابة العلمية الرصينة لا يدركها القِدم.
وقال الناقد الأدبى شعبان يوسف، إن اختيار جمال حمدان كشخصية المعرض مهم جداً لعدة أسباب؛ أولها موقعه فى البحث الأكاديمى بشكل عام وكونه أستاذاً قادراً على إعطاء مثل أو قدوة للأجيال الحديثة، وليس شرطاً أن يقلدوه، وثانيها علمه الغزير وبالتالى اختياره اسماً للمعرض مكافأة صغيرة على هذا العلم، مشيراً إلى أنه قد يكون اغتيل أو رحل بشكل غادر، لذا فهو من شهداء الوطن، ومن الضرورى أن يكون هناك استثمار لهذا الاختيار من خلال إعادة طبع أعماله وقراءتها.
وتابع: «جمال حمدان كان زاهداً فى الحياة، وجعل من الجغرافيا ومصر على وجه الخصوص حالة عامة، وانتصر لمصر رغم تشريحه لأمور كثيرة جداً، موضحاً أن موقع مصر أفادها بأن تكون مصر وقناة السويس، محط اهتمام للدول الكبرى والدول الصغرى، وفى الوقت نفسه هذا الموقع سلط عليها الاستعمار، منذ أيام محمد على حتى عصرنا الحالى.
وقال الدكتور سامح عبدالوهاب أستاذ الجغرافيا البشرية، إن «حمدان» علامة من علامات الثقافة والجغرافيا المصرية، فضلاً عن تميز الأسلوب والرقى فى الكتابة، فهو أفضل من كتب الجغرافيا وأفهمها لغير الجغرافيين، وهو لا يمثل مصر والوطن العربى فقط، ولكنه علامة عالمية فى مسار الفكر الجغرافى والثقافى والتعبير عن مصر، وأكد «عبدالوهاب» أن تكريمات حمدان السابقة مجتزأة وغير متكاملة ولا ترقى لمستوى كتاباته التى تستحق أن تدرس وتناقش مناقشة علمية وليست بطريقة صحفية، مشيراً إلى أن قسم الجغرافيا خصص قاعة المحاضرات رقم 305 باسمه.